قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال إن الاتحاد الأوروبي يريد وقفا قريبا لإطلاق النار في قطاع غزة والضفة الغربية، مؤكدا أن القادة الأوروبيين يدرسون الضغط على إسرائيل بكل الطرق بما فيها العقوبات لدفعها نحو القبول باتفاق.
وأكد ميشال -في مقابلة مع الجزيرة- أن الضفة الغربية تخضع لاحتلال غير قانوني وعملية استيطان غير مقبولة، وقال إن الاتحاد يدعم الجهود التي تبذلها العديد من الدول لوقف إطلاق النار.
وأكد المسؤول الأوروبي دعم الاتحاد إدخال المساعدات الصحية والغذائية ويرغب في لعب دور إيجابي لوقف إطلاق النار واستعادة الرهائن (الأسرى) وإلزام الجميع باحترام القانون الدولي وممارسة ضبط النفس، مشيرا إلى أن دول الاتحاد تأسف للتصعيد الحاصل حاليا.
ولفت إلى أن 27 عضوا في الاتحاد قرروا زيادة المساعدات منذ بداية الحرب الأخيرة وخصصوا نحو مليار يورو (أكثر من مليار دولار) لمساعدة المدنيين لكن المشكلة هي أن السلطات الإسرائيلية لا توفر وسيلة لإدخالها.
دعم جهود الأمم المتحدة
وقال إن الاتحاد يشعر بصدمة كبيرة لصور الأطفال والمدنيين الذين يقتلون بشكل يومي ويبذل جهدا كبيرا لإقناع إسرائيل بإدخال المساعدات وتخصيص أماكن لتوزيعها.
وأضاف أن الاتحاد يساند الأمم المتحدة من أجل إدخال المواد اللازمة بما فيها لقاحات شلل الأطفال، وقال إنه اتصل شخصيا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أجل تسهيل وصول هذه اللقاحات.
وأوضح ميشال أنه يحاول خلال زياته لمنطقة الخليج تنسيق الجهود مع القادة الأوروبيين من أجل تمكين وقف إطلاق النار بهدف مساعدة المدنيين.
وقال إن المفاوضات لا تزال جارية لكنها صعبة لأن نتنياهو لا يستجيب لضغوط قادة الاتحاد الرامية لوقف إطلاق النار، مشيرا إلى أن الجهود لا تزال مستمرة لتحقيق هذا الهدف.
وأشار المسؤول الأوروبي لوجود محاولات أيضا لإقناع إيران بضبط النفس لأن غزة تعيش وضعا كارثيا وإذا ما اندلعت حرب أوسع فإن المنطقة برمتها ستعيش وضعا كارثيا وخصوصا في لبنان.
وقال إن الهدف الرئيسي لا بد وأن يكون العمل على تطبيق حل الدولتين وتوقيع اتفاقات تطبيع بين إسرائيل والدول العربية الأخرى حتى تعيش المنطقة في سلام، معربا عن قناعته بضرورة ممارسة كل الضغوط على إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) والأطراف الأخرى حتى يتم التوصل لوقف إطلاق النار وتحرير الأسرى.
وأكد أنه لا توجد حلول أخرى سوى وقف إطلاق النار واستعادة الأسرى وتطبيق حل الدولتين، وقال إن على أوروبا ودول الخليج والولايات المتحدة والأطراف الأخرى في المنطقة دعم هذا المسار.
دعم كرامة الفلسطينيين
وعن جهود الاتحاد الأوروبي في الوقت الراهن، قال ميشال إن الاتحاد هو أول مساند لتنمية الشعب الفلسطيني صحيا وتعليميا وقد أقام جسورا جوية لدعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) التي تلعب دورا مهما جدا.
ولفت ميشال إلى أن الاتحاد دافع عن أونروا عندما جرت محاولات زعزعتها “وعلينا بذل مزيد من الجهد لدفع إسرائيل نحو وقف إطلاق النار، لأن الاتحاد لديه علاقات جيدة مع الشعب الفلسطيني”. وقال إن الأمن أمرٌ بينما السلام أمر آخر، مشيرا إلى أهمية العمل من أجل الوصول إلى السلام.
وكشف عن أن الاتحاد سيجري حوارا ممنهجًا خلال الأسابيع المقبلة لتحديد إطار العلاقة بين الاتحاد وإسرائيل، مشيرا إلى أن المعيار الأول للتعامل سيكون احترام كرامة الشعوب.
وقال إن 27 قائدا في الاتحاد لديه موقف صارم بشأن احترام القانون الدولي والتناسب في الرد، فضلا عن مساندة عمل محكمتي العدل والجنائية الدوليتين.
وأكد ميشال أن الاتحاد لا يقبل أن يعامل الشعب الفلسطيني بهذه الطريقة وأنه يأمل في العمل بقوة مع الشركاء لدفع إسرائيل لوقف إطلاق النار. لكنه أكد أيضا على داعمي حماس الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود والأمن وعدم إثارة التوترات.
وعن موقف الاتحاد من أي قرار محتمل من محكمة العدل أو الجنائية الدولية، قال ميشال إن على الجميع أن يترك هذه المؤسسات تعمل باستقلالية لأن الوضع في غزة لا ينحصر في المنطقة وإنما يمتد أيضا إلى السلم الدولي.
وأكد أن عدم احترام القانون الدولي وتوسيع الاستيطان يضعان عقبات أمام السلام الدولي وهو ما دفع الاتحاد لفرض عقوبات على من يقومون بهذه الاستفزازات في الضفة الغربية.
وقال إن الاتحاد يدرس حاليا كيفية تفعيل هذه الآليات لإجبار إسرائيل على احترام القانون الدولي ووقف إطلاق النار، مشيرا إلى أن هناك قواعد تتعلق بإدخال المساعدات يجب احترامها حتى في وقت الحرب.
تحديد العلاقة مع إسرائيل
وفيما يتعلق بفرض عقوبات على إسرائيل، قال المسؤول الأوروبي إن الاتحاد يتابع أعمال المؤسسات القضائية الدولية حتى تقوم بعملها دون أي ضغوطات، مشيرا إلى أن الاتحاد لا يريد فقط إجبار إسرائيل على وقف إطلاق النار ولكنه أيضا ملتزم بأمن إسرائيل عبر تفعيل هذه الآليات لضبط سلوكها.
وقال إنه يعرف نظرة المنطقة إلى موقف الاتحاد الذي يتصف بازدواجية المعايير خصوصا عندما تتم المقارنة بين الموقف من غزة والموقف من أوكرانيا.
وأكد ميشال أن دول الاتحاد لديها علاقات مختلفة مع إسرائيل ومع دول المنطقة لكنهم اتفقوا جميعا مؤخرا على حق إسرائيل في الوجود وأيضا على وقف إطلاق النار وتأكيد حل الدولتين بما يضمن الاعتراف بالدولة الفلسطينية مستقبلا.
كما أكد على ضرورة استخدام كل الأساليب الممكنة لإقناع إسرائيل بأن السلام مفيد لها وفي الوقت نفسه مواجهة جماعات مثل حماس أو دول مثل إيران التي تحاول الحصول على حصانة في المنطقة من خلال امتلاك سلاح نووي.
وقال إن الاتحاد فتح حوارا مع طهران بشأن برنامجها النووي رغم انسحاب واشنطن من الاتفاق.
وفيما يتعلق بالرد الإيراني المحتمل على اغتيال الزعيم السابق لحركة حماس إسماعيل هنية على أراضيها، دعا ميشال الجميع لضبط النفس “حتى لا تصل الأمور إلى دوامة عنف تطال الجميع”.
وختم بالقول إنه تحدث مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قبل أسبوعين، وإن الحديث كان بنّاءً ومهّد لاستئناف الحوار السياسي وتعزيز العلاقات مع أوروبا رغم وجود خلافات، مؤكدا أن التعاون مع الشركاء في المنطقة سيكون مفيدا جدا في هذا الصدد.