تبنى السعودية منظومة مشاريعها السياحية على أساس يخدم المواطنين مع الزوار، إذ يتحول التطوير الجاري في المدن إلى أصول طويلة الأجل، فيما تُصمم المشاريع الكبرى مثل موقع “إكسبو 2030” وملاعب كأس العالم 2034 لتكون جزءاً من نسيج الرياض وخططها، بحسب فيصل الإبراهيم وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي.
وقال الإبراهيم في جلسة نقاشية في مؤتمر ومعرض “تورايز” المنعقد في الرياض “في مختلف أنحاء المملكة، كل المشاريع التي ترونها لا تستهدف فقط بناء مواقع مميزة للسياح، بل أيضاً أماكن رائعة للمقيمين والمواطنين. لذلك، السياحة ليست موجهة للسياح وحدهم. فعندما يتم تحسين أي عنصر داخل مدينة بهدف جذب الزوار، يشعر السكان الذين يعيشون فيها ويعتبرونها موطنهم بتلك التحسينات يومياً، وتصبح (هذه التطورات) أصولاً طويلة الأجل لهم، تتراكم وتزيد قيمتها عبر العقود”.
قفزت قيمة الاستثمارات السياحية في السعودية من 1.18 مليار ريال في 2021 إلى 14.8 مليار ريال في 2024، بحسب التقرير السنوي لرؤية 2030 لعام 2024. ضُخت هذه الأموال في مشاريع ضخمة شملت تطوير وجهات سياحية جديدة مثل نيوم والبحر الأحمر والقدية والدرعية والعلا، إضافة إلى استضافة فعاليات رياضية كبرى وأحداث ترفيهية.
إكسبو 2030… إرث عمراني واقتصادي طويل الأجل
وأضاف الإبراهيم “إذا نظرتم اليوم إلى موقع إكسبو 2030، ستجدون أنه أكبر موقع لإكسبو على الإطلاق، وقد جرى تصميمه ليس فقط من أجل الحدث، بل أيضاً من أجل الإرث الذي سيتركه بعده، ليكون جزءاً من نسيج مدينة الرياض وخططها.”
تابع الوزير: “لن تكون ملاعب كأس العالم 2034 مجرد مرافق لاستضافة فعاليات رياضية محددة، بل ستكون مراكز جذب للمجتمع ونقاط انطلاق للنشاط الاقتصادي والاجتماعي.”
كان وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب قال خلال منتدى “فورتشن غلوبال”، الذي انعقد في الرياض بنهاية الشهر الماضي، أن السعودية أثبتت استعدادها لاستضافة كأس العالم 2034 “الآن” بما تمتلكه من سعة فندقية؛ “واجتازت بنجاح اختبارات FIFA للجاهزية من منظور الضيافة. مضيفاً: “رغم إثبات جهوزية قطاعنا الفندقي لاستضافة مونديال، إلا أننا نعمل حالياً على زيادة عدد الوحدات الفندقية بنحو 200 إلى 300 ألف غرفة”.
تستهدف السعودية الوصول إلى 675 ألف غرفة فندقية بحلول 2030، منها 120 ألف غرفة في الرياض، وفق تقرير “رؤية 2030”.
السياحة تشبك القطاعات
في الوقت ذاته، يُشكل قطاع السياحة أحد المحركات الرئيسـية لتسريع التنويع الاقتصادي في المملكة، بتأثير يمتد عبر العديد من القطاعات، ويخلق قيماً اقتصادية متعددة في مختلف المناطق وليس فقط المدن الكبرى، بحسب الإبراهيم.
كان وزير السياحة كشف بمقابلة مع “الشرق” الشهر الماضي، أن عدد السياح في المملكة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي وصل إلى 88 مليون سائح.
رفعت البلاد في 2023 مستهدفها السياحي إلى 150 مليون زيارة سنوياً بحلول عام 2030، بواقع 80 مليون سائح من داخل المملكة و70 مليوناً من خارجها، بينما كانت تستهدف 100 مليون سائح عند إطلاق “رؤية 2030″، وهو هدف تمكنت السعودية من تجاوزه بالفعل في 2023، إذ استقطبت 77 مليون سائح من داخل المملكة، إضافة إلى 27 مليوناً من خارجها أنفقوا 100 مليار ريال (27 مليار دولار).
وأضاف الوزير الإبراهيم أن السياحة بطبيعتها قطاع يربط مجموعة واسعة من القطاعات، مضيفاً أنها تتيح لمدن المملكة حتى الصغيرة منها الدخول في الدورة الاقتصادية العالمية عبر استقطاب الطلب العالمي. وأوضح أن ذلك يمكّن المنشآت الصغيرة والمتوسطة والأعمال العائلية والحرف اليدوية والثقافة والفنون والضيافة من النمو والتحول إلى كيانات فاعلة أكثر جذباً للاستثمار.
وأشار الوزير إلى أن زيارة السائح للمملكة لا تُعد تجربة وقتية فحسب، بل تتحول لاحقاً إلى قرارات اقتصادية طويلة المدى. وقال: “السياحة تساهم في خلق أو الانتقال من التصور إلى الشراكة…ونرى ذلك في الأرقام؛ إذ ارتفع عدد السياح –المحليين والوافدين– من 80 مليوناً في 2019 إلى 116 مليوناً خلال خمسة أعوام، بزيادة 45%”.
وشدد الإبراهيم على أن الزخم الحالي في القطاع السياحي يرجع إلى استثمار المملكة في البنية التحتية بشكل كبير ومسعاها للاستمرار في ذلك. وأضاف أن تأثير البنية التحتية الداعمة للسياحة يظهر بشكل متوازٍ مع نمو القطاع.






