غالباً ما يتم تجاهل أو عدم اكتشاف الأمراض النفسية لدى الرجال، مما يؤدي إلى تفاقم المشكلات وتأخر العلاج. وكشفت بوابة صحة الرجال التابعة للمعهد الاتحادي للصحة العامة في ألمانيا أن تشخيص هذه الأمراض لدى الذكور أقل شيوعاً مقارنة بالإناث، ليس بسبب انخفاض معدل الإصابة، بل بسبب قلة توجه الرجال لطلب المساعدة الطبية المتخصصة.

وتشير الإحصائيات إلى أن الرجال يميلون إلى تأخير زيارة الطبيب النفسي أو تجنبها تماماً، وذلك لأسباب ثقافية واجتماعية ونفسية متعددة. وتعتبر هذه القضية ذات أهمية متزايدة في ظل تزايد الوعي بأهمية الصحة النفسية بشكل عام، والحاجة إلى تلبية احتياجات الرجال بشكل خاص.

سلوك إدماني

غالباً ما يواجه الرجال صعوبة في الاعتراف بمعاناتهم من مشاكل نفسية، ويفضلون التعامل معها بطرق غير صحية. ووفقاً للخبراء، يميلون إلى التعبير عن هذه المشاعر من خلال سلوكيات مثل نوبات الغضب، والمخاطرة المفرطة، والإفراط في ممارسة الرياضة، بالإضافة إلى السلوك الإدماني مثل زيادة استهلاك الكحول والنيكوتين.

وتعتبر هذه السلوكيات بمثابة آليات دفاعية غير فعالة، وقد تؤدي إلى تفاقم المشكلة الأصلية وظهور مشاكل أخرى. الصحة النفسية للرجال تتأثر بشكل كبير بهذه العوامل، مما يستدعي التدخل المبكر وتقديم الدعم المناسب.

أسباب التأخر في طلب المساعدة

هناك عدة عوامل تساهم في تأخر الرجال في طلب المساعدة النفسية. تشمل هذه العوامل المعتقدات الثقافية التي تربط الصحة النفسية بالضعف أو العجز، والخوف من وصمة العار الاجتماعية، والتردد في التعبير عن المشاعر، والاعتقاد بأنهم يجب أن يكونوا قادرين على حل مشاكلهم بأنفسهم. بالإضافة إلى ذلك، قد يفتقر الرجال إلى الوعي بأعراض الاكتئاب والقلق وغيرها من الاضطرابات النفسية.

أهمية الاستشارة المبكرة

تؤكد بوابة الصحة الألمانية على ضرورة استشارة طبيب نفسي عند ملاحظة أي من هذه السلوكيات، وذلك للخضوع للعلاج النفسي في الوقت المناسب. ويصبح الأمر أكثر أهمية إذا كانت هذه السلوكيات مصحوبة بأعراض أخرى مثل اليأس، وفقدان الشعور بأهمية الذات وقيمة الحياة، والتفكير في إيذاء النفس، بما في ذلك التفكير في الانتحار.

العلاج النفسي

يتضمن العلاج النفسي مجموعة متنوعة من الأساليب التي تهدف إلى مساعدة الرجال على التعامل مع مشاكلهم النفسية. ويعتبر العلاج السلوكي المعرفي من بين أكثر الأساليب فعالية، حيث يساعد المرضى على تغيير نظرتهم السلبية للحياة وتعلم استراتيجيات مفيدة لمواجهة الأعباء والضغوط النفسية. كما يمكن في بعض الحالات اللجوء إلى العلاج الدوائي، مثل مضادات الاكتئاب، تحت إشراف طبي.

بالإضافة إلى العلاج النفسي والدوائي، يمكن أن يلعب الدعم الاجتماعي دوراً هاماً في عملية التعافي. ويشمل ذلك الدعم من العائلة والأصدقاء، والمشاركة في مجموعات الدعم، والانخراط في الأنشطة الاجتماعية التي تعزز الشعور بالانتماء والتقدير.

وفي سياق متصل، تشير التقارير إلى أن هناك جهوداً متزايدة لزيادة الوعي بأهمية الصحة النفسية للرجال وتوفير خدمات دعم مخصصة لهم. وتتضمن هذه الجهود حملات توعية عامة، وتدريب المهنيين الصحيين على التعامل مع احتياجات الرجال، وتطوير برامج علاجية مصممة خصيصاً لتلبية احتياجاتهم الفريدة.

من المتوقع أن يستمر التركيز على الصحة النفسية للرجال في السنوات القادمة، مع زيادة الوعي بأهمية هذه القضية وتزايد الطلب على خدمات الدعم. وستشمل الخطوات التالية تطوير المزيد من البرامج العلاجية المبتكرة، وتوسيع نطاق الوصول إلى خدمات الصحة النفسية، وتقليل وصمة العار المرتبطة بالاضطرابات النفسية. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه هذه الجهود، بما في ذلك نقص الموارد المالية والبشرية، والحاجة إلى تغيير المعتقدات الثقافية السلبية.

شاركها.