من المتوقع أن تشهد الأسواق الناشئة الحدودية استمراراً في الصعود خلال العام المقبل، مدفوعة بتزايد ثقة المستثمرين في التعافي الاقتصادي العالمي وتراجع المخاطر المتعلقة بالتخلف عن سداد الديون السيادية. يشهد هذا القطاع اهتماماً متزايداً من صناديق الاستثمار العالمية، التي تبحث عن فرص نمو وعوائد مجزية في اقتصادات ذات إمكانات عالية.

تُركز الشركات المتخصصة في إدارة الأصول، مثل “آسيا فرونتير كابيتال” و”أبردين غروب” و”فيديريتد هيرميز”، على الاستثمار في أسواق مثل سريلانكا وبنغلاديش والأرجنتين وغانا والإكوادور ونيجيريا وباكستان. ويأتي هذا التحول في الاستراتيجيات الاستثمارية في ظل تحسن الأوضاع المالية لبعض هذه الدول، مما يجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين.

صعود الأسواق الناشئة الحدودية: فرص وعوائد مغرية

بعد سنوات من التحديات المتعلقة بالديون وإعادة الهيكلة، بدأت هذه الاقتصادات في إظهار مرونة وقدرة على التكيف مع الظروف الاقتصادية العالمية. يُعزى هذا التحسن إلى جهود الإصلاح الاقتصادي وإدارة الدين، بالإضافة إلى تحصينها النسبي ضد التوترات التجارية والمخاطر الجيوسياسية المتزايدة. هذا التغيير في النظرة العامة يمثل تبايناً كبيراً مع القلق المستمر بشأن الأوضاع المالية في الاقتصادات المتقدمة.

أداء قوي لمؤشرات الأسواق الناشئة الحدودية

حقق مؤشر “إم إس سي آي” للأسواق الناشئة الحدودية مكاسب تتجاوز 40% بالدولار هذا العام، مسجلاً أفضل أداء له منذ عام 2005. كما ارتفع مؤشر “فوتسي” لسندات حكومات الأسواق الناشئة الحدودية بنسبة 12%، متجهاً نحو تسجيل عام قياسي. وتُظهر بيانات “بلومبرغ” أن مصر وباكستان وبوليفيا من بين الدول التي حققت أعلى عوائد على الديون خلال العام الجاري.

ويرى خبراء الاستثمار أن الأسواق الناشئة الحدودية توفر عوائد مرتفعة وفرصاً لتحقيق مكاسب رأسمالية، مما يجعلها خياراً جذاباً لتحقيق عوائد إجمالية في عام 2026. ويشير محمد علمي، مدير المحافظ الأول في قسم الدخل الثابت بالأسواق الناشئة لدى “فيديريتد هيرميز”، إلى أن هذه الأسواق تتميز بخصائص فريدة تجعلها أقل ارتباطاً بالأسواق العالمية عالية المخاطر.

توسيع نطاق الاستثمار وزيادة الثقة

تعتبر شركة “ويليام بلير إنفستمنت مانجمنت” الأسواق الناشئة الحدودية من “أبرز رهاناتها الاستثمارية”. ويفضل دانيال وود، مدير المحافظ في الشركة، تنويع الاستثمارات عبر مجموعة متنوعة من الدول الناشئة الحدودية غير المترابطة، مثل أوزبكستان وكازاخستان وغانا، والتي من المتوقع أن تستمر في تحقيق عوائد قوية.

في الوقت نفسه، تخطط شركة “أبردين” لزيادة حيازاتها من السندات بالعملة المحلية في هذه الاقتصادات خلال العام المقبل. وقد تفوق أداء صندوقها لسندات الأسواق الناشئة الحدودية على 98% من نظرائه خلال السنوات الخمس الماضية، وفقاً لبيانات “بلومبرغ”، مما يعكس الثقة المتزايدة في هذا القطاع.

ومع ذلك، يحذر بعض المراقبين من ضرورة خفض التوقعات بشأن مكاسب السندات في العام المقبل، بعد الهبوط الكبير في فروقات العائد على أدوات الدين السيادية. كما أن الأسواق الناشئة لا تزال تواجه مخاطر تقليدية، مثل ضعف السيولة والتقلبات السياسية.

يرى كيفن دالي، مدير المحافظ لدى “أبردين”، أن أسوأ سيناريو للأسواق الناشئة الحدودية هو فترة طويلة من العزوف عن المخاطر، لكنه يؤكد أن هذه الفترات عادةً لا تدوم طويلاً، وأن اهتمام المستثمرين يتجدد عندما تنخفض أسعار الأصول. ويضيف أن هذه الأسواق قد جنيت ثمار بيئة أصبحت أكثر جاذبية بعد فترة من التحديات الخارجية.

من المتوقع أن يستمر اهتمام المستثمرين بالأسواق الناشئة الحدودية في النمو خلال الفترة المقبلة، مع التركيز على الدول التي أظهرت التزاماً بالإصلاح الاقتصادي وإدارة الدين. ومع ذلك، يجب على المستثمرين مراقبة المخاطر المحتملة، مثل التقلبات السياسية وتغيرات أسعار الفائدة، وتقييم الفرص الاستثمارية بعناية. سيراقب السوق عن كثب تطورات الأوضاع الاقتصادية والسياسية في هذه الدول، بالإضافة إلى أداء مؤشرات الأسواق الناشئة الحدودية في الأشهر القادمة.

شاركها.