شهدت أسواق الأسهم الأمريكية ارتفاعًا ملحوظًا، مدفوعةً بتقارير اقتصادية متباينة وتحليل المستثمرين، حيث سجل مؤشر “إس أند بي 500” مستويات قياسية جديدة. في المقابل، شهدت السندات قصيرة الأجل أداءً ضعيفًا، بينما انخفض سعر الدولار. يأتي هذا التطور في ظل ترقب المستثمرين لقرارات مستقبلية بشأن النمو الاقتصادي الأمريكي.

ارتفع مؤشر “إس أند بي 500” لليوم الرابع على التوالي، مدفوعًا بشكل أساسي بقطاع التكنولوجيا، على الرغم من أن حجم التداول كان أقل من المتوسط ​​خلال الأشهر الثلاثة الماضية قبيل عطلة عيد الميلاد. هذا الارتفاع جاء حتى بعد أن لم تدعم البيانات الاقتصادية التوقعات بخفض وشيك لأسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.

النمو الاقتصادي الأمريكي يواجه تحديات

أظهرت البيانات الاقتصادية نموًا أسرع للاقتصاد الأمريكي، حيث بلغ معدل النمو 4.3%، متجاوزًا معظم التقديرات. ومع ذلك، انخفضت ثقة المستهلك، مما يشير إلى تباين بين الأداء الاقتصادي العام والشعور العام لدى المستهلكين، وفقًا لبريت كينويل من “إيتورو”.

وأضاف كينويل أن مرونة المستهلكين خلال فترة العطلات ستكون مؤشرًا حاسمًا على الناتج المحلي الإجمالي للربع الأخير من العام. كما أن استمرار تحقيق الشركات لأرباح إيجابية يفاجئ المستثمرين المتفائلين، الذين يأملون في استمرار هذا الاتجاه.

تجاوز مؤشر “إس أند بي 500” حاجز 6900 نقطة، بينما شهدت النسخة المتساوية الأوزان انخفاضًا طفيفًا. وشهد قطاع شركات التكنولوجيا الكبرى ارتفاعًا بنحو 1%، في حين كان أداء الشركات الأصغر حجماً أقل من المتوقع.

تأثير الذكاء الاصطناعي والإنفاق الاستهلاكي

يرى دانيال سكيلي، رئيس فريق أبحاث السوق والاستراتيجية لإدارة الثروات في “مورغان ستانلي”، أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والإنفاق الاستهلاكي الراقي هما المحركان الرئيسيان للاقتصاد الأمريكي، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في عام 2026. ويضيف أن السوق قادر على مواصلة النمو بالتوازي مع نمو الأرباح.

في سياق منفصل، أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن توقعاته بأن يخفض رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة إذا كان أداء السوق جيدًا، في إشارة إلى رغبته في مرشح ملتزم بخفض تكاليف الاقتراض.

توقعات الأسواق وسلوك المستثمرين

تشير أسواق المال إلى أن احتمالية خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة في يناير أقل من 20%. وتشير التوقعات إلى أن فترة انتعاش سوق الأسهم المرتقبة ستبدأ رسميًا في الأربعاء المقبل. وبحسب آدم تورنكويست من شركة “إل بي إل فاينانشال”، فقد حقق مؤشر “إس أند بي 500” متوسط ​​عائد قدره 1.3% خلال فترات مماثلة منذ عام 1950، مع نتائج إيجابية في 78% من الحالات.

وتعتبر جلسة التداول التي تلي عيد الميلاد تقليديًا الأكثر إيجابية على مدار العام بالنسبة للأسهم، حيث انخفض مؤشر “إس أند بي 500” ست مرات فقط في السنوات الـ39 التي تلت عام 1953 عندما كان السوق مفتوحًا في 26 ديسمبر، وفقًا لمجموعة “بيسبوك” للاستثمار.

بيانات اقتصادية إضافية

أظهرت بيانات إضافية انخفاض طلبات الولايات المتحدة على معدات الأعمال بأكثر من المتوقع في أكتوبر، بينما كانت شحنات السلع الرأسمالية غير الدفاعية أقوى من المتوقع، مما يشير إلى بعض الزخم مع دخول الربع الأخير من العام. كما أظهر تقرير آخر أن الإنتاج الصناعي بالكاد زاد في المتوسط ​​خلال شهري أكتوبر ونوفمبر.

يُعطي الوضع الاقتصادي والأرباح وتيسير السياسة النقدية من قِبل الاحتياطي الفيدرالي زخمًا جيدًا للأسواق، لكن التقييمات المبالغ فيها، خاصة في شركات التكنولوجيا العملاقة، وتراجع تأثير خفض أسعار الفائدة، يعني أن العوائد ستعتمد بشكل أكبر على نمو الأرباح ومشاركة السوق الأوسع نطاقًا.

في الختام، من المتوقع أن يواصل المستثمرون مراقبة البيانات الاقتصادية الواردة عن كثب، وخاصةً بيانات التوظيف ومؤشرات التضخم، لتقييم المسار المستقبلي للسياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي. وستكون قرارات الاحتياطي الفيدرالي القادمة حاسمة في تحديد اتجاه الأسواق في عام 2026، مع الأخذ في الاعتبار حالة عدم اليقين المستمرة بشأن النمو العالمي والتوترات الجيوسياسية.

شاركها.