تراجعت الأسهم الآسيوية للجلسة السادسة على التوالي، في أطول سلسلة خسائر هذا العام، بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن معدلات جديدة للرسوم الجمركية، بينما فشلت نتائج الشركات التقنية الكبرى في إنعاش المعنويات الأوسع في السوق.

وانخفض مؤشر “إم إس سي آي آسيا والمحيط الهادئ” بنسبة 0.5% بقيادة الخسائر في كوريا الجنوبية. وتراجعت العقود الآجلة لمؤشر “إس آند بي 500” في التداولات الآسيوية بنسبة 0.3%، بينما انخفضت العقود الأوروبية 0.4%.

وقال البيت الأبيض الخميس، إن ترمب سيُبقي على حد أدنى عالمي للرسوم بنسبة 10%، فيما ستخضع واردات الدول ذات الفوائض التجارية مع أميركا لرسوم تبدأ من 15% أو أكثر.

واستقر الدولار يوم الجمعة بعد أن سجل أفضل أداء شهري له خلال العام في يوليو. وانخفض الفرنك السويسري بشكل طفيف، فيما بقي الدولار الكندي مستقراً. أما البات التايلاندي فحافظ على تراجع طفيف. وقد رفع ترمب الرسوم على كندا إلى 35%، بينما بلغت الرسوم على سويسرا 39%.

قلق الأسواق يتجاوز حماس الذكاء الاصطناعي

تشير هذه التحركات إلى أن المخاوف المرتبطة بالنمو الاقتصادي والرسوم الجمركية بدأت تتفوق على التفاؤل المدفوع بالذكاء الاصطناعي الذي دعم أسهم شركات التقنية الكبرى.

وبينما يظل الذكاء الاصطناعي ركيزة التفاؤل طويل الأمد، يستعد المستثمرون لتداعيات محتملة ناتجة عن اضطرابات تجارية في ظل اتجاه أميركا وشركائها الرئيسيين لفرض رسوم جديدة.

اقرأ أيضاً: ترمب يمنح المكسيك 90 يوماً قبل تطبيق الرسوم الجمركية المرتفعة

وقالت تشارو تشانانا، كبيرة استراتيجيي الاستثمار في “ساكسو ماركتس”: “الإعلان يوفر وضوحاً شكلياً، لكنه يعمّق الغموض عملياً. فرغم أن الأسواق باتت تعرف الأرقام، فإن غياب إطار واضح لهذه الرسوم، ومعدلاتها العشوائية على ما يبدو، يعزز الشعور بعدم اليقين السياسي. وهذا يصعّب على الشركات والمستثمرين وضع خطط للمستقبل”.

وقد صدر بيان البيت الأبيض قبل ساعات فقط من منتصف الليل، وهو الموعد النهائي الذي حدده ترمب الشهر الماضي بعد أن أجّل فرض الرسوم مرتين لإتاحة المجال أمام المفاوضات.

رسوم متفاوتة: من الهند إلى سويسرا

قال غارفيلد رينولدز، الاستراتيجي في “ماركتس لايف”: “نحن الآن ندخل رسمياً عصر الحواجز التجارية الكبيرة. سيكون لذلك تأثير سلبي على التجارة والنمو العالميين، ومن المرجح أن يدفع بأسواق الأسهم للتراجع عن مستوياتها المرتفعة الأخيرة. كما أن استمرار الغموض سيؤثر سلباً على قرارات الشركات، ما سيُبطئ النمو الاقتصادي أكثر”.

وأضاف: “في حين أن معظم الرسوم التي أُعلن عنها مؤخراً أقل من الحد الأقصى الذي سُجل في 2 أبريل، إلا أن العديد من المعدلات المحددة تفتقر إلى مبررات منطقية، مما سيزيد من تقلبات السياسات”.

وقد جاءت بعض الرسوم متوقعة، مثل فرض رسوم بنسبة 25% على الصادرات الهندية، فيما شملت رسوم أخرى نسبة 20% على المنتجات التايوانية، و39% على السلع السويسرية، و30% على صادرات جنوب أفريقيا. أما تايلندا وكمبوديا، وهما دولتان قيل إنهما توصلتا إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة، فقد حصلتا على رسوم بنسبة 19%.

أرباح التكنولوجيا لم تنقذ الأسواق

هبطت الأسهم الأميركية يوم الخميس، لتُبدد المكاسب الأولية المدفوعة بنتائج شركات التقنية، والتي دفعت بقيمة “مايكروسوفت” السوقية لتتجاوز 4 تريليونات دولار.

وارتفعت أسهم “أبل” في تعاملات ما بعد الإغلاق بعد تسجيل مبيعات فاقت التوقعات، في حين تراجعت أسهم “أمازون” بسبب توقعات دون المستوى.

وفي الوقت نفسه، أرسل ترمب رسائل إلى 17 من أكبر شركات الأدوية لحثها على خفض الأسعار، ما أدى إلى تراجع أسهمها الخميس. كما طلب من الرؤساء التنفيذيين للبنوك تقديم مقترحات بشأن خصخصة شركتي الرهن العقاري “فاني ماي” و”فريدي ماك”، بما في ذلك طرح عام أولي كبير، بحسب أشخاص مطلعين.

ترقب لبيانات أميركية رئيسية

وستتحول أنظار السوق قريباً إلى تقرير الوظائف لشهر يوليو والذي من المتوقع أن يُظهر أن الشركات أصبحت أكثر حرصاً على التوظيف. ومن المرجح أن يكون معدل التوظيف قد انخفض بعد زيادة في يونيو، بينما من المتوقع أن يرتفع معدل البطالة إلى 4.2%.

وقبيل صدور التقرير، أظهر مؤشر الفيدرالي المفضل للتضخم الأساسي تسارعاً في يونيو ليصل إلى أحد أسرع معدلاته هذا العام، في حين بالكاد ارتفع الإنفاق الاستهلاكي، ما يعكس التحديات التي تواجه صناع السياسة النقدية بشأن اتجاه أسعار الفائدة.

وارتفع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي بنسبة 0.3% مقارنة بشهر مايو، وزاد بنسبة 2.8% على أساس سنوي، وهو ارتفاع عن يونيو 2024 يُظهر محدودية التقدم في كبح التضخم خلال العام الماضي. كما أظهرت البيانات ارتفاعاً طفيفاً في الإنفاق الاستهلاكي المعدل حسب التضخم.

وقال كلارك بيلين من شركة “بيلوذر ويلث”: “التضخم لا يزال عنيداً، وهو ما يبرر قرار الفيدرالي بالإبقاء على أسعار الفائدة من دون تغيير في اجتماعه يوم الأربعاء”.

شاركها.