ارتفعت الأسهم الآسيوية بعد ثلاثة أيام من التراجع، مدفوعة بتفاؤل الأسواق حيال احتمال قيام الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بخفض أسعار الفائدة، وهو ما عزز المعنويات، وتغلب على تجدد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

ارتفع المؤشر الإقليمي لأسهم آسيا التابع لمؤسسة “إم إس سي آي” بنسبة 1.3% بعد أن عززت مخاوف رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بشأن ضعف سوق العمل التوقعات بإجراء خفض للفائدة في أكتوبر.

كما صعدت العقود الآجلة لمؤشري “إس آند بي 500″ و”ناسداك 100” في التداولات الآسيوية، بنسبة 0.1% مع تجاهل المستثمرين لمخاوف الحرب التجارية بعد أن قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه قد يوقف تجارة زيت الطهي مع الصين.

اقرأ أيضاً: ترمب يهدد بحظر واردات زيت الطهي من الصين في تصعيد تجاري جديد

مكاسب للعملات والذهب وسط ضبابية تجارية

واصل اليوان الخارجي مكاسبه بعدما عززت الصين دفاعها عن العملة يوم الأربعاء وسط التوترات التجارية، فيما تراجع مؤشر الدولار وسجل الذهب ذروة جديدة.

كما استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين قرب أدنى مستوياتها منذ عام 2022، بينما ظل النفط الخام قريباً من أدنى مستوياته في خمسة أشهر.

ومنذ موجة البيع التي أشعلتها الرسوم الجمركية في أبريل، تعافت الأسهم العالمية بقوة مدعومة بتفاؤل حيال الذكاء الاصطناعي وتوقعات بمزيد من التيسير النقدي عقب خفض الفائدة في سبتمبر. ومع ذلك، تواجه هذه الموجة رياحاً معاكسة مع تجدد التوترات التجارية بين واشنطن وبكين، حيث صعّد الجانبان خطابهما وألمحا إلى قيود جديدة محتملة على التكنولوجيا الحيوية.

وقال ديلين وو، استراتيجي في شركة “بيبرستون غروب” إن “حالة عدم اليقين الكلي تظل العائق الرئيسي أمام الأصول عالية المخاطر. ومع رهانات خفض الفائدة والأرباح القوية التي تدعم المعنويات، أعتقد أن الهبوط في الأسهم الأميركية سيبقى محدوداً”.

اليوان يرسل “إشارة قوة”

في الصين، ارتفعت العملة بعدما حدد البنك المركزي الصيني سعر الربط عند 7.0995 يوان للدولار، وهو أقوى من مستوى 7.1 الذي تراقبه السوق عن كثب، وسط تصاعد التوتر التجاري مع الولايات المتحدة. وهذه هي المرة الأولى منذ نوفمبر التي يحدد فيها البنك السعر عند مستوى أقوى من 7.1 للدولار، بعد أن حافظ على هذا الحد منذ أواخر أغسطس.

وقالت فيونا ليم، كبيرة محللي الصرف الأجنبي في بنك “ماي بنك” في سنغافورة إن “التحديد دون مستوى 7.10 يرسل إشارة قوة واضحة، إذ يرمز اليوان القوي إلى أن الصين في موقع قوة في أي مفاوضات أو تصعيد متبادل”.

ضعف الدولار يدعم الذهب والأسهم

بحسب محللي “بلومبرغ”، فإن ميل الفيدرالي إلى التيسير “يدفع موجة جديدة من ضعف الدولار، ما يمهد الطريق لاستراتيجيات تحوّط تركز على الذهب. كما أن الاتجاه لشراء الأسهم رغم المخاوف من فقاعة الذكاء الاصطناعي مع زيادة حيازات الذهب تحسباً لتلك المخاوف، يبدو أنه يستعيد زخمه”.

وأضاف فريق “ماركت لايف” بقيادة غارفيلد رينولدز أن “مزيج خفض الفائدة وتراجع الدولار يعزز شهية المخاطرة في الأسواق”.

تراجع الانكماش في الصين وتحسن التوقعات

تراجعت وتيرة الانكماش في الصين خلال سبتمبر، ما يضع البلاد على مسار تسجيل أطول فترة انخفاض للأسعار منذ إصلاحات أواخر السبعينيات.

في المقابل، أشار جيروم باول في تصريحات سابقة إلى أن البنك المركزي الأميركي يسير نحو خفض إضافي للفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية هذا الشهر، حتى مع تقليص الإغلاق الحكومي لقدرة المسؤولين على تقييم أداء الاقتصاد.

وتُسعّر عقود المقايضة حالياً نحو 1.25 نقطة مئوية من خفض الفائدة بحلول نهاية العام المقبل، من النطاق الحالي بين 4% و4.25%. وقال باول إن آفاق الاقتصاد لم تتغير كثيراً منذ اجتماع سبتمبر، حين خفّض الفيدرالي الفائدة وتوقّع مزيداً من التخفيضات هذا العام.

وقالت سوزان كولينز، رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن، إن البنك يجب أن يواصل خفض الفائدة هذا العام لدعم سوق العمل.

وكتب محللو مجموعة “إيه أن زي” (ANZ) برايان مارتن ودانيال هاينز في مذكرة أن “المستثمرين اعتبروا تصريحات باول متسقة مع استمرار خفض الفائدة خلال الاجتماعات المقبلة للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة هذا العام”.

واشنطن وبكين: تفاؤل حذر ومؤشرات تهدئة

في موازاة ذلك، تابع المستثمرون التطورات التجارية الجديدة، إذ توقّع الممثل التجاري الأميركي جيمسون غرير أن تتراجع حدة التوترات مع الصين بشأن قيود التصدير بعد محادثات بين ممثلي البلدين.

اقرأ أيضاً: ترمب وشي يشعلان فتيل أزمة تجارية جديدة والاقتصاد العالمي على نار

وعبّر ترمب أيضاً عن تفاؤل حذر قائلاً: “لدينا علاقة جيدة مع الصين، وأعتقد أن الأمور ستكون على ما يرام، وإن لم تكن كذلك فلا بأس. هناك الكثير من اللكمات المتبادلة، لكننا كنا ناجحين للغاية”.

أوروبا واليابان تحت المجهر

يدرس الاتحاد الأوروبي إجبار الشركات الصينية على تسليم التقنيات إلى الشركات الأوروبية إذا أرادت العمل داخل دول الاتحاد، في خطوة تهدف إلى تعزيز القدرة التنافسية للصناعة الأوروبية.

وفي اليابان، يترقب المستثمرون مزاد سندات الحكومة لأجل 20 عاماً وسط حالة من الضبابية السياسية بعد الانهيار المفاجئ للائتلاف الحاكم.

وتراجعت السندات طويلة الأجل بعد فوز ساناي تاكايشي المفاجئ في انتخابات الحزب الليبرالي الديمقراطي مطلع الشهر، فيما تضاءلت فرص توليها رئاسة الوزراء بعد انهيار التحالف الذي استمر 26 عاماً الأسبوع الماضي.

وفي ظل هذا المشهد، يتوقع أن يجتمع رؤساء أحزاب المعارضة الرئيسية يوم الأربعاء لمناقشة إمكانية توحيد المواقف السياسية واختيار مرشح مشترك لرئاسة الحكومة.

شاركها.