تراجعت الأسهم الآسيوية بعد هبوط أسهم المصارف الإقليمية الأميركية وسط تزايد المخاوف بشأن معايير الإقراض. وفي المقابل، ارتفعت السندات الحكومية، فيما كان الذهب يتجه نحو مكاسب للأسبوع التاسع على التوالي.
انخفض مؤشر “إم إس سي آي” للأسهم الإقليمية بنسبة 0.7%، مع تصدر أسهم الشركات المالية قائمة الخاسرين. وتراجعت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية في التداولات الآسيوية بنسبة 0.3% بعد انخفاض المؤشرات الأساسية يوم الخميس.
وجاء ذلك بعدما تراجعت أسهم المصارف الإقليمية في الولايات المتحدة إثر تداعيات انهيار شركة الإقراض للسيارات منخفضة التصنيف “تريكولور هولدينغز”، التي امتدت تأثيراتها إلى ما هو أبعد من “وول ستريت”.
الذهب يسجل ذروة تاريخية وسط تصاعد المخاوف الائتمانية
سجّل الذهب مستوى قياسياً جديداً مدفوعاً بمخاوف تتعلق بجودة الائتمان في الاقتصاد الأميركي، وتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين.
وواصلت سندات الخزانة الأميركية مكاسبها مع تراجع العائد على السندات لأجل عامين إلى أدنى مستوى منذ عام 2022، وانخفاض عائد السندات لأجل عشر سنوات إلى ما دون 4%. كما تراجع مؤشر الدولار، متجهاً نحو أسوأ أداء أسبوعي له منذ أواخر يوليو.
تبرز هذه التحركات تصاعد القلق بشأن سوق الائتمان الأميركية، ما يعكس بوضوح حالة التوتر التي تسود “وول ستريت” في ظل موجة الصعود السابقة للأسهم إلى مستويات قياسية.
وتضاف هذه المخاوف إلى مجموعة من الهواجس الأخرى التي تؤرق المستثمرين، من بينها الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة، والمخاوف من فقاعة في قطاع الذكاء الاصطناعي، وتجدد التوترات التجارية مع الصين.
وقال ديلين وو، المحلل في “بيبرستون غروب”، إن “الصدمة المصرفية الأميركية تتعلق أكثر بمزاج السوق والسيولة منها بانهيار ائتماني شامل”، مضيفاً أن “ما نراه حالياً هو مثال واضح على حالة النفور العالمي من المخاطر، فالأساسيات الاقتصادية جيدة، لكن الخوف هو المسيطر على مكاتب التداول”.
خسائر آسيوية بقيادة هونغ كونغ
تراجعت الأسهم في هونغ كونغ بأكثر من 1% لتقود الانخفاضات في المنطقة، مع استمرار التوترات مع الولايات المتحدة التي أثّرت سلباً في المعنويات، كما تراجعت أسهم شركات التكنولوجيا.
وانخفض العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات بنقطتي أساس إلى 3.96%، فيما تراجع العائد على السندات الأسترالية المماثلة بأربع نقاط أساس إلى 4.11%.
وسجل مؤشر المصارف الإقليمية الأميركية “إس آند بي سيلكت إندستري بانكس” يوم الخميس تراجعاً بنسبة 6.3%، وهو أكبر انخفاض له منذ موجة البيع الناتجة عن الرسوم الجمركية في أبريل، في مشهد أعاد إلى الأذهان الأزمة التي هزّت القطاع عام 2023.
وانخفض سهم “زيونس بانكورب” بنسبة 13% بعد شطب قرض بقيمة 50 مليون دولار مرتبط بفرع “كاليفورنيا بنك آند تراست”، كما هبط سهم “ويسترن ألاينس بانكورب” بنسبة 11% بعد الكشف عن تعرضه للمقترضين أنفسهم.
حذر متزايد في الأسواق الآسيوية
جاء انهيار شركتين بارزتين خلال فترة قصيرة، شركة الإقراض “تريكولور” ومورّد قطع السيارات “فيرست براندز غروب”، ليزيد قلق المتعاملين من احتمال ظهور أخبار سلبية جديدة. كما تراجعت أسهم البنوك الآسيوية بفعل هذه التطورات.
وقال فيشنو فاراثان، رئيس الأبحاث الاقتصادية لمنطقة آسيا باستثناء اليابان في “ميزوهو بنك”: “سيؤدي ذلك إلى بعض عمليات التراجع الحذرة وإزالة المخاطر من على الطاولة، وقد يتوخى المستثمرون في آسيا الحذر بشأن الانكشافات أو الالتزامات في محافظهم التي قد تتضرر”.
تحركات بنك اليابان واحتمال رفع الفائدة
من جانبه، أشار محافظ بنك اليابان كازو أويدا إلى أن البنك سيواصل تشديد السياسة النقدية إذا تعزّزت الثقة في تحقيق التوقعات الاقتصادية، ما يُبقي الباب مفتوحاً أمام رفع قريب لأسعار الفائدة. وارتفع الين مقابل الدولار مواصلاً مكاسبه الأسبوعية.
وفي المشهد السياسي الياباني، قال زعيم حزب “إيشين” المعارض إن احتمال تشكيل الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم ائتلافاً جديداً مع حزبه يبلغ 50%، بينما تتواصل المفاوضات قبيل التصويت البرلماني على اختيار رئيس الوزراء الجديد.
تخفيف الرسوم الأميركية على صناعة السيارات
في أخبار التجارة، يستعد البيت الأبيض لتخفيف الرسوم الجمركية على صناعة السيارات الأميركية، في خطوة تمثل انتصاراً كبيراً لشركات صناعة السيارات التي ضغطت بقوة لتخفيف آثار الرسوم القياسية على الواردات.
كما راقب المتعاملون التطورات الجيوسياسية، إذ اتفق الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين على عقد لقاء في بودابست، خلال مكالمة هاتفية استمرت ساعتين، وذلك قبل يوم من اجتماع ترمب في البيت الأبيض مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
أما النفط فيتجه نحو ثالث انخفاض أسبوعي، مع تركيز المستثمرين على فائض الإمدادات وتداعيات تجدد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين. وتداول خام “برنت” قرب 61 دولاراً للبرميل، بينما قال ترمب إنه سيعقد اجتماعاً ثانياً مع بوتين، ما يثير احتمال أن يؤدي ارتفاع الإمدادات من أحد أعضاء “أوبك+” إلى تفاقم تخمة المعروض العالمي.