تحت أنظار العالم تفتح مصر رسمياً أبواب كنزها الأثري القديم في المتحف المنتظر منذ عقود.

افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي بمشاركة 79 وفداً دولياً رسمياً، بينهم 39 وفداً برئاسة ملوك وأمراء ورؤساء دول وحكومات، المتحف المصري الكبير الذي تتخطى تكلفته 1.2 مليار دولار.

كنوز المتحف المصري الكبير

“المتحف المصري الكبير” يُعد أكبر متحف في العالم يروي قصة تاريخ الحضارة المصرية القديمة، إذ يضم 100 ألف قطعة أثرية، وقطع فريدة أبرزها كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون والتي تُعرض لأول مرة كاملة منذ اكتشاف مقبرته في نوفمبر 1922، بالإضافة إلى مجموعة الملكة حتب حرس أم الملك خوفو مُشيد الهرم الأكبر بالجيزة، وكذلك متحف مراكب الملك خوفو، فضلاً عن المقتنيات الأثرية المختلفة منذ عصر ما قبل الأسرات وحتى العصرين اليوناني والروماني.

ويزيّن تمثال الملك رمسيس الثاني، البالغ طوله 11 متراً والمنحوت من الغرانيت الأحمر قبل نحو 3200 عام، القاعة الرئيسية الفسيحة في المتحف المصري الكبير، وهو مشروع يهدف إلى إنعاش قطاع السياحة الحيوي.

دلالة اقتصادية

بجانب أهميته التاريخية، يحمل المتحف دلالة اقتصادية، إذ يُتوقع أن يسهم في تنشيط السياحة وبالتالي دعم الاقتصاد المصري الذي يتعافى من سنوات من الضغوط الداخلية والخارجية. وتعول مصر على المتحف باعتباره رافعة سياحية رئيسية لاستقطاب أكبر عدد من الزوار حول العالم، إذ تتوقع السلطات المصرية أن يستقطب نحو 5 ملايين زائر سنوياً.

ومن شأن المتحف الفخم أن يستقطب الزوار من جميع أنحاء العالم، وهو ما سيعمل بدوره على دعم العملة الصعبة في بلد ينهض من واحدة من أصعب أزمات العملة الأجنبية التي شهدها، والتي دفعت السلطات إلى خفض قيمة العملة. كما من شأن نهوض قطاع السياحة -الذي يعد واحداً من بين 5 مصادر رئيسية للنقد الأجنبي للحكومة- أن يعمل على زيادة دخل العملة الصعبة والحد من عجز الحساب الجاري.

قطاع السياحة في مصر تأثر بتداعيات العديد من الأحداث على مر السنوات الأخيرة، منها ثورات الربيع العربي وجائحة كوفيد-19 وكذلك غزو روسيا لأوكرانيا الذي بدأ في 2022، وهما بلدان شكلا ثلث عدد السائحين في 2021 في مصر. كما تأثرت السياحة أيضاً من الحرب في غزة.

تستهدف مصر جذب 18 مليون سائح خلال العام الحالي، وكانت البلاد استقبلت خلال العام الماضي 15.78 مليون سائح، وهو أعلى مستوى مسجل على الإطلاق.

ويُعد المتحف المصري الكبير امتداداً لعدد من المشروعات القومية التي تعول عليها مصر لدعم عجلة نمو اقتصادها، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، وتوسعة قناة السويس، والمشروع القومي للطرق، والتطوير الحضري.

متحف طال انتظاره

بدأت فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير في تسعينيات القرن الماضي، وفي 2002 تم وضع حجر الأساس للمشروع ليُشيَّد في موقع يطل على أهرامات الجيزة. وقد تم البدء في بناء المتحف في مايو 2005، واكتمل تشييد المبنى البالغة مساحته أكثر من 300 ألف متر مربع، خلال 2021.

كما فُتحت العديد من القاعات أمام الزوار منذ أكثر من عام في “الافتتاح التجريبي”، الذي جذب ما بين 5 و6 آلاف زائر يومياً. ومن المتوقع بعد الافتتاح الرسمي أن ينمو هذا العدد ثلاث مرات ليصل إلى حوالي 15 ألف زائر يومياً -أي ما يزيد على 5 ملايين زائر سنوياً- مما يجعل المتحف المصري الكبير “واحداً من أكثر المؤسسات الثقافية زيارةً في العالم”، وفقاً لوزير السياحة شريف فتحي.

قال فتحي في مقابلة مع وسائل الإعلام قبيل الافتتاح الرسمي: “إن تأثير المتحف سيتجاوز جدرانه”، مضيفاً أنه “سيكون محفّزاً لقطاع السياحة الأوسع في مصر”.

شهد المتحف المصري الكبير تحديات عديدة عطلت إنشاءه على مدار السنوات الماضية، من اضطرابات وتغييرات سياسية داخلية إلى تداعيات جائحة كوفيد-19، فضلاً عن التوترات الإقليمية التي ألقت بظلالها على حركة السفر.

وأجّلت الحكومة موعد افتتاح المتحف المصري الكبير الذي كان من المقرر في 3 يوليو، بسبب التوترات الإقليمية التي شهدتها المنطقة. ويأتي الافتتاح في توقيتٍ مثالي، بعد أيام قليلة من استقبال الرئيس المصري لنظيره الأميركي دونالد ترمب وعددٍ من قادة العالم في منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر، لتوقيع اتفاقية وقف إطلاق النار في غزة.

مصر تؤجل افتتاح المتحف الكبير إلى نهاية العام بضغط حرب إسرائيل وإيران

ومن المقرر أن يحل “المتحف المصري الكبير” محل المتحف الذي يعود إلى الحقبة الاستعمارية والواقع في وسط مدينة القاهرة، من خلال تقديم آلية عرض أكثر أناقة وعالية التقنية للتاريخ الفرعوني للبلاد، فضلا عن توفير درجات أمان أعلى. خاصة أن افتتاحه يأتي بعد شهر من واقعة سرقة سوار ذهبي لا يُقدّر بثمن عمره آلاف السنين من المتحف المصري الواقع في ميدان التحرير وسط القاهرة.

المتحف المصري الكبير في أرقام

  • أكبر مجمع أثري في العالم لحضارة واحدة
  • يضم مدخلًا رئيسًا بمساحة نحو 7 آلاف متر مربع، به تمثال للملك رمسيس الثاني
  • “الدرج العظيم” للمتحف يمتد على مساحة حوالي 6 آلاف متر مربع، بارتفاع يعادل 6 طوابق
  • يضم المتحف 12 قاعة عرض رئيسة بمساحة نحو 18 ألف متر مربع، وقاعات عرض مؤقت بمساحة حوالي 1700 متر مربع
  • قاعات عرض مقتنيات الملك توت عنخ آمون على مساحة تقارب 7.5 ألف متر مربع، تشمل أكثر من 5 آلاف قطعة من كنوز الملك تُعرض مجتمعة لأول مرة
  • في 2006، أُنشئ أكبر مركز لترميم الآثار بالشرق الأوسط، خُصص لترميم وحفظ وصيانة وتأهيل القطع الأثرية المُقرر عرضها بقاعات المتحف
شاركها.