أعلنت السلطات التركية عن اندلاع حريق في ناقلتي نفط مرتبطتين بـ”الأسطول الظل” الروسي الخاضع للعقوبات الدولية، في البحر الأسود بالقرب من مضيق البوسفور، مما استدعى عمليات إنقاذ واسعة النطاق. الحادثان، اللذان وقعا يوم الجمعة، يثيران مخاوف بشأن سلامة الملاحة وتأثيرهما البيئي المحتمل، بالإضافة إلى تداعيات العقوبات المفروضة على ناقلات النفط الروسية.

الناقلة الأولى، “كيروس” (Kairos) المسجلة تحت علم غامبيا، انفجرت واشتعلت فيها النيران على بعد 28 ميلاً بحرياً قبالة ساحل كوجالي التركي، أثناء إبحارها بدون حمولة من مصر إلى ميناء نوفوروسيسك الروسي، وفقًا لوزارة النقل التركية. بعد فترة وجيزة، ورد بلاغ عن تعرض الناقلة الثانية، “فيرات” (Virat)، لـ”ضربة” في منطقة أخرى من البحر الأسود، على بعد 35 ميلاً بحرياً من الساحل التركي.

الحوادث تثير تساؤلات حول أمن ناقلات النفط في البحر الأسود

أفادت السلطات البحرية التركية أن الحادث الأول يُعتقد أنه ناتج عن “تأثير خارجي”، لكنها لم تقدم تفاصيل إضافية حول مصدر الهجوم. لا تستبعد السلطات احتمال انفجار بسبب ألغام بحرية أو هجوم مستهدف، حيث كانت هناك حوادث لسفن اصطدمت بألغام عائمة في البحر الأسود في السنوات الأخيرة.

في الوقت الحالي، تحافظ السلطات البحرية على مستوى عالٍ من التأهب وتراقب الوضع لمنع وقوع حوادث جديدة وضمان سلامة حركة السفن في منطقة البوسفور. يجري التحقيق في ملابسات الحادثين لتحديد الأسباب الدقيقة والمسؤولين.

عمليات الإنقاذ والإجلاء

تم إنقاذ أطقم السفينتين بفضل التدخل السريع لخفر السواحل ووحدات الإنقاذ: 25 شخصًا على متن “كيروس” و 20 شخصًا على متن “فيرات”. لم ترد تقارير عن إصابات خطيرة بين أفراد الطاقم.

خلفية العقوبات المفروضة على “كيروس” و”فيرات”

تخضع السفينتان لقائمة العقوبات الدولية التي فُرضت بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، وتُعرفان بأنهما جزء من أسطول الشحن القديم الذي تستخدمه موسكو للتحايل على القيود المفروضة على النفط الخام الروسي. تعتبر هذه الناقلات جزءًا من شبكة معقدة تهدف إلى إخفاء أصل النفط وتجنب العقوبات.

وفقًا لموقع OpenSanctions، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على “فيرات” في يناير من هذا العام، تبعتها الاتحاد الأوروبي وسويسرا والمملكة المتحدة وكندا. في يوليو من هذا العام، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على “كيروس”، تبعتها المملكة المتحدة وسويسرا.

يشير OpenSanctions إلى أن “أسطول ناقلات النفط الظل يواصل توفير إيرادات بمليارات الدولارات للكرملين من خلال التحايل على العقوبات، وإخفاء أنشطته تحت أعلام دول أخرى، واستخدام مخططات معقدة لإخفاء المالكين، مما يشكل تهديدًا بيئيًا كبيرًا”.

سبق أن أبحر “فيرات”، الذي تم بناؤه في عام 2018، تحت أعلام بربادوس وجزر القمر وليبيريا وبنما، بينما أبحر “كيروس”، الذي تم بناؤه في عام 2002، تحت أعلام بنما واليونان وليبيريا. هذا التغيير المستمر في الأعلام يهدف إلى إخفاء ملكية السفن وتجنب الرقابة.

أثارت الحوادث التي وقعت يوم الجمعة مخاوف جدية بشأن التأثير البيئي المحتمل وسلامة الملاحة في البحر الأسود، وهي منطقة تعتبر بالفعل عالية المخاطر بعد سنوات من الحرب ووجود ذخائر من صراعات سابقة. قد يؤدي تسرب النفط إلى تلوث واسع النطاق وتأثير سلبي على الحياة البحرية.

العقوبات المفروضة على روسيا أدت إلى ظهور هذا “الأسطول الظل” الذي يعتمد على ناقلات قديمة وغير شفافة لنقل النفط الروسي. هذه الناقلات غالبًا ما تفتقر إلى التأمين الكافي وتعمل في ظروف غير آمنة، مما يزيد من خطر وقوع حوادث.

بالإضافة إلى ذلك، يراقب المراقبون عن كثب تأثير هذه الحوادث على أسعار النفط العالمية. قد يؤدي أي تعطيل في إمدادات النفط من روسيا إلى ارتفاع الأسعار وزيادة الضغط على الاقتصادات العالمية. النفط الروسي لا يزال يلعب دورًا هامًا في السوق العالمية.

من المتوقع أن تواصل السلطات التركية تحقيقاتها في الحادثين، وأن تقدم تقريرًا مفصلاً عن الأسباب والمسؤوليات. كما من المتوقع أن تزيد الجهود الدولية لمكافحة التحايل على العقوبات ومراقبة حركة السفن في البحر الأسود. ستكون نتائج التحقيق حاسمة في تحديد الخطوات التالية التي يجب اتخاذها لضمان سلامة الملاحة وحماية البيئة.

شاركها.