أظهر استطلاع رأي حديث أن غالبية الأمريكيين يعارضون أي تدخل عسكري محتمل في فنزويلا، مما يعكس قلقًا متزايدًا بشأن التورط في صراعات إقليمية. وقد أجري الاستطلاع، الذي ركز على الرأي العام حول التدخل في فنزويلا، بالتعاون بين شبكة “سي بي إس نيوز” وشركة يوجوف للأبحاث، وشمل عينة واسعة من المواطنين الأمريكيين. النتائج تشير إلى تردد كبير في دعم إجراءات عسكرية جديدة في أمريكا اللاتينية.
الرأي العام يعارض التدخل العسكري في فنزويلا
شارك في الاستطلاع الذي جرى بين 19 و 21 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري 2489 أمريكيًا. وكشف الاستطلاع أن 70% من المشاركين يعارضون بشدة أي عمل عسكري أمريكي في فنزويلا، بينما أيد هذا الإجراء 30% فقط. يعكس هذا الرفض الواسع النطاق وعيًا متزايدًا بالتكاليف المحتملة للتدخل العسكري، سواء من حيث الأرواح أو الموارد المالية.
بالإضافة إلى ذلك، أظهر الاستطلاع أن نسبة ضئيلة من الأمريكيين تعتبر فنزويلا تهديدًا كبيرًا للأمن القومي للولايات المتحدة. ففي حين رأى 13% فقط أن فنزويلا تشكل خطرًا جديًا، اعتبر 48% أنها تمثل تهديدًا طفيفًا، وأكد 39% أنها لا تشكل أي تهديد على الإطلاق. هذا التقييم المتفاوت للمخاطر يساهم في عدم الرغبة في الانخراط في صراع عسكري.
خلفية التوترات بين الولايات المتحدة وفنزويلا
تعود جذور التوترات بين واشنطن وكاراكاس إلى سنوات، وتفاقمت مع وصول نيكولاس مادورو إلى السلطة في فنزويلا. تتهم الولايات المتحدة حكومة مادورو بتقويض الديمقراطية وانتهاك حقوق الإنسان، بالإضافة إلى تورطها في تهريب المخدرات. وقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية واسعة النطاق على فنزويلا في محاولة للضغط على الحكومة لتنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية.
في أغسطس/آب الماضي، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يسمح بزيادة استخدام الجيش الأمريكي في مكافحة عصابات المخدرات في أمريكا اللاتينية. وقد أثار هذا الأمر مخاوف بشأن توسيع نطاق العمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة. وقد ردت الحكومة الفنزويلية على هذه التهديدات بحشد قواتها والاستعداد لصد أي هجوم محتمل.
وقد أعلنت واشنطن بالفعل عن إرسال سفن حربية وغواصة إلى قبالة سواحل فنزويلا، في خطوة اعتبرها البعض استعراضًا للقوة. كما صرح وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث بأن الجيش الأمريكي مستعد للعمليات في فنزويلا، بما في ذلك احتمال تغيير النظام. هذه التصريحات زادت من حدة التوترات وأثارت ردود فعل قوية من قبل الحكومة الفنزويلية.
وفي المقابل، أكد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أن البلاد مستعدة لمواجهة أي تهديد، وأعلن عن حشد قوات قوامها 4.5 مليون شخص. وأثارت الهجمات التي قامت بها القوات الأمريكية على قوارب في منطقة الكاريبي والمحيط الهادئ، بزعم أنها متورطة في تهريب المخدرات، جدلاً واسعًا بشأن عمليات القتل خارج نطاق القانون. هناك اتهامات بأن هذه العمليات تنتهك القانون الدولي وتتسبب في خسائر في الأرواح بين المدنيين.
تأثيرات محتملة للتدخل العسكري
السيناريو الأسوأ هو تدخل عسكري أمريكي كامل النطاق في فنزويلا، مما قد يؤدي إلى حرب أهلية مدمرة وتدهور إنساني كبير. التدخل العسكري قد يؤدي أيضًا إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة بأكملها، وربما يشعل صراعات جديدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن التدخل قد يضر بالعلاقات بين الولايات المتحدة ودول أمريكا اللاتينية الأخرى. التدخل العسكري في فنزويلا أصبح موضوعًا مثيرًا للجدل، مع تزايد الدعوات إلى حل سلمي للأزمة.
أحد البدائل المحتملة هو تكثيف الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة في فنزويلا. يمكن للولايات المتحدة أن تعمل مع دول أخرى في المنطقة، وكذلك مع الأمم المتحدة، لتقديم دعم للعملية التفاوضية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للولايات المتحدة أن تستمر في فرض عقوبات مستهدفة على الأفراد والكيانات المسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان والفساد. العلاقات الأمريكية الفنزويلية تشكل تحديًا دبلوماسيًا كبيرًا.
الوضع في فنزويلا معقد للغاية، ولا توجد حلول سهلة. من المرجح أن يستمر التوتر بين الولايات المتحدة وفنزويلا في المستقبل المنظور. الأزمة الفنزويلية تتطلب مقاربة شاملة ومتعددة الأوجه، مع التركيز على الحلول السلمية والدبلوماسية. من المتوقع أن يناقش الكونجرس الأمريكي هذا الموضوع في غضون الأشهر القادمة، وقد يتم اتخاذ قرارات جديدة بشأن السياسة الأمريكية تجاه فنزويلا.
في الختام، يعكس استطلاع الرأي هذا الاتجاه المتزايد للرأي العام الأمريكي الذي يفضل تجنب التدخل العسكري في فنزويلا ويدعو إلى حلول دبلوماسية. من المهم مراقبة التطورات في المنطقة، وخاصةً أي خطوات جديدة تتخذها الولايات المتحدة أو فنزويلا. سيتضح مستقبل السياسة تجاه فنزويلا بحلول نهاية الربع الأول من عام 2026، عندما قد يصدر الكونجرس الأمريكي تقريرًا نهائيًا حول الوضع.






