مع انطلاق أولى أيام تنفيذ قرار وقف نشاط الصيد في البحر الأحمر، شهدت أسواق الأسماك في مدينة الغردقة ـ وعلى رأسها الحلقة الرئيسية ـ ارتفاعًا لافتًا في أسعار مختلف الأنواع، في مؤشر مبكر على التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية للقرار البيئي الذي يمتد لثلاثة أشهر.

القرار، الذي أصدرته هيئة الثروة السمكية ضمن خطتها الدورية لحماية الموارد البحرية والحفاظ على التوازن البيئي، تسبب في توقف مئات المراكب العاملة في خليج السويس وسواحل البحر الأحمر وجنوب سيناء، مما أوجد فجوة فورية في المعروض، بدأت تظهر ملامحها في ارتفاع الأسعار ونقص بعض الأنواع الطازجة.

السوق يعاني شح المعروض واعتماد متزايد على المخزون

في الوقت الراهن، تعتمد السوق المحلية بشكل أساسي على الأسماك المخزّنة في الثلاجات، والتي تم صيدها قبل بدء تنفيذ القرار، إلى جانب كميات محدودة تأتي من البحر المتوسط والمزارع السمكية. غير أن تجارًا أكدوا أن هذا المخزون لن يصمد طويلاً، وأن الأسابيع المقبلة قد تشهد مزيدًا من الارتفاعات، مع نضوب ما هو متاح حاليًا من الأصناف الشعبية.

صالح جمعة، أحد أبرز تجار السمك بسوق الغردقة، قال إن الأسعار ارتفعت بنسبة تتراوح بين 10% و15% منذ بدء وقف الصيد، مشيرًا إلى أن الأنواع الأكثر طلبًا، مثل الشعور، الناجل، والبياض، هي التي شهدت أكبر زيادات. وأضاف: “نحن في بداية الأزمة، وإذا استمرت مدة الوقف كما هي، فالوضع مرشح لمزيد من التصعيد في الأسعار”.

أسعار تضرب ميزانية المستهلكين

أسعار الأسماك شهدت طفرات متفاوتة، حيث بلغ سعر كيلو الناجل 550 جنيهًا، في حين وصل الشعور إلى 300 جنيه، والهامور إلى 250 جنيهًا، والحريد إلى 150 جنيهًا، والعنبرا إلى 160 جنيهًا، والتونة إلى 100 جنيه، أي بزيادات تتراوح بين 30 و50 جنيهًا للكيلو الواحد، وفقًا لنوع السمك وجودته.

التحذير من موجة غلاء مرتقبة

ومع اقتراب موسم الصيف السياحي، حذّر عدد من تجار الأسماك من موجة غلاء جديدة قد تُربك السوق وتُرهق المستهلكين، لا سيما مع تزايد الطلب من قبل الفنادق والمطاعم السياحية التي تعتمد على الأسماك الطازجة بشكل أساسي. وطالب هؤلاء التجار الجهات المختصة بإعادة النظر في مدة وقف الصيد، مقترحين تقليصها إلى شهر واحد بدلاً من ثلاثة، لتحقيق التوازن بين الحفاظ على الثروة السمكية ومراعاة الأوضاع الاقتصادية للمتعاملين في القطاع.

قرار تدريجي يشمل عدة مهن صيد

قرار الوقف لم يكن شاملاً لكل أنواع الصيد دفعة واحدة، بل تم تطبيقه بشكل متدرج حسب نوع الحرفة، حيث تم منع حرفة “الجر” من 15 أبريل حتى 15 يوليو خارج خليج السويس، في حين تم حظر “الشانشولا” من 19 أبريل حتى 13 أغسطس، و”السنار” و”الفلايك بورد”*من 15 أبريل حتى 15 يوليو، وذلك في مناطق الغردقة، رأس غارب، وجنوب سيناء.

هذه الإجراءات، رغم أهميتها في حماية النظام البيئي البحري ومنع استنزاف المخزون، تكشف عن ضرورة إيجاد حلول بديلة لضمان استقرار الأسواق، مثل تطوير المزارع السمكية بشكل أكثر كفاءة، وتوفير بدائل غذائية مناسبة خلال فترات التوقف.

شاركها.