توصلت دراسة كندية حديثة إلى وجود صلة قوية بين التعرض لخطر الإصابة بـانقطاع النفس الانسدادي النومي ومشاكل الصحة النفسية لدى البالغين في منتصف العمر وكبار السن. وأظهرت النتائج أن الأفراد المعرضين لهذا الاضطراب يعانون بشكل متزايد من حالات القلق والاكتئاب، مما يسلط الضوء على أهمية الفحص المبكر والتدخل العلاجي الشامل. الدراسة، التي نشرت في مجلة “جاما نيتورك أوبن”، تؤكد الحاجة إلى فهم أعمق للعلاقة بين اضطرابات النوم والصحة العقلية.
أجريت الدراسة على أكثر من 30 ألف شخص في كندا، بقيادة الدكتورة تيتيانا كيندزيرسكا من معهد أبحاث مستشفى أوتاوا، بهدف تحديد العوامل المرتبطة بتدهور الصحة النفسية. وتشير النتائج إلى أن انقطاع النفس الانسدادي النومي قد يكون عاملاً مساهماً مهماً، خاصة مع التقدم في العمر. هذا الاكتشاف له آثار كبيرة على استراتيجيات الرعاية الصحية العامة.
أعراض وعوامل خطر انقطاع النفس الانسدادي النومي
انقطاع النفس الانسدادي النومي هو حالة تتميز بتوقف التنفس بشكل متكرر أثناء النوم، مما يؤدي إلى انخفاض مستويات الأكسجين في الدم. يمكن أن تتراوح الأعراض من الشخير بصوت عالٍ إلى النعاس المفرط أثناء النهار، وقد تؤثر بشكل كبير على جودة الحياة.
وتشمل الأعراض الشائعة الأخرى:
- تنفس متقطع أثناء النوم.
- الاستيقاظ المفاجئ مع الشعور بالاختناق.
- جفاف الفم أو التهاب الحلق عند الاستيقاظ.
- صعوبة التركيز والذاكرة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك عدة عوامل تزيد من خطر الإصابة بهذا الاضطراب، بما في ذلك زيادة الوزن والسمنة، والتقدم في العمر، والتاريخ العائلي، وتشوهات في بنية الجهاز التنفسي العلوي. كما أن التدخين وتعاطي الكحول والأدوية المهدئة يمكن أن يزيدا من تفاقم الحالة.
العلاقة بين انقطاع النفس الانسدادي النومي والصحة النفسية
أظهرت الدراسة الكندية أن الأفراد المعرضين لخطر الإصابة بانقطاع النفس الانسدادي النومي كانوا أكثر عرضة بنسبة 40% تقريبًا للإصابة باضطرابات نفسية، سواء في بداية الدراسة أو خلال فترة المتابعة. وهذا يشير إلى أن اضطرابات النوم قد تسبق أو تساهم في تطور مشاكل الصحة العقلية.
علاوة على ذلك، وجد الباحثون أن خطر الإصابة باضطرابات نفسية جديدة كان أعلى بنسبة 44% لدى الأفراد الذين يعانون من انقطاع النفس الانسدادي النومي بمرور الوقت. وهذا يؤكد أهمية معالجة اضطرابات النوم كجزء من خطة شاملة لتعزيز الصحة النفسية.
مضاعفات انقطاع النفس الانسدادي النومي
بالإضافة إلى تأثيره على الصحة النفسية، يمكن أن يؤدي انقطاع النفس الانسدادي النومي غير المعالج إلى مجموعة متنوعة من المضاعفات الصحية الأخرى. تشمل هذه المضاعفات ارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والسكتة الدماغية، والسكري من النوع الثاني، وزيادة خطر الحوادث المرورية بسبب النعاس.
من المهم ملاحظة أن تشخيص وعلاج انقطاع النفس الانسدادي النومي يمكن أن يحسن بشكل كبير من جودة الحياة ويقلل من خطر هذه المضاعفات. تشمل خيارات العلاج تغيير نمط الحياة، مثل فقدان الوزن وتجنب الكحول والتدخين، بالإضافة إلى العلاج بالأكسجين أو استخدام جهاز الضغط الهوائي الإيجابي المستمر (CPAP).
تؤكد هذه الدراسة على أهمية النظر إلى الصحة الجسدية والعقلية كوحدة واحدة. فالاهتمام بنوعية النوم يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير على الصحة العامة والرفاهية.
من المتوقع أن تستمر الأبحاث في هذا المجال في السنوات القادمة، مع التركيز على تحديد الآليات البيولوجية التي تربط بين اضطرابات النوم والصحة النفسية. كما أن هناك حاجة إلى تطوير استراتيجيات فحص وعلاج أكثر فعالية لتلبية الاحتياجات المتزايدة للأفراد الذين يعانون من هذه المشاكل. ستكون المتابعة الدقيقة لنتائج هذه الدراسات ضرورية لتوجيه جهود الرعاية الصحية المستقبلية.
المصدر: الجزيرة + مواقع إلكترونية + يوريك ألرت






