أنهت حكومة إقليم أمهرة ومنظمة فانو الشعبية أكثر من عامين من القتال بتوقيع اتفاق سلام تاريخي، يمثل خطوة حاسمة نحو الاستقرار في إثيوبيا. الاتفاق، الذي تم التوصل إليه بعد مفاوضات طويلة برعاية الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيغاد، يهدف إلى وضع حد للعنف في الإقليم وإعادة بناء الثقة بين الطرفين المتنازعين. هذا الاتفاق يمثل نقطة تحول في الصراع الدائر، ويضع أسسًا جديدة للمصالحة.
وقع الاتفاق في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بحضور سلمى حدادي، نائبة رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، ومحمد عبدي، نائب الأمين العام للإيغاد. وقع عن حكومة إقليم أمهرة الحاكم أريغا كيبدي، بينما وقع عن منظمة فانو الشعبية الكابتن ماسريشا سيتينج. يهدف الاتفاق إلى معالجة المظالم العميقة التي أدت إلى الصراع، وتحديد مسار واضح نحو السلام الدائم.
إشادة إقليمية ودولية باتفاق السلام في أمهرة
أعرب الاتحاد الأفريقي عن ترحيبه الشديد بالاتفاق، واصفًا إياه بـ “بداية جديدة” لإثيوبيا. وأكدت سلمى حدادي أن الباب مفتوح أمام جميع الفصائل الراغبة في الانضمام إلى مسار السلام، مشيرة إلى أن القارة الأفريقية بحاجة إلى إسكات صوت السلاح وتعزيز الحوار. تعتبر هذه الخطوة انعكاسًا لرؤية أفريقية لحل النزاعات من الداخل.
من جانبه، شدد محمد عبدي من الإيغاد على أهمية الالتزام ببنود الاتفاقية، معتبرًا أن التوقيع هو مجرد بداية لعملية طويلة ومعقدة. وأوضح أن الإيغاد سيواصل تقديم الدعم والمساعدة لضمان تنفيذ الاتفاقية بنجاح، وتحقيق الاستقرار المنشود في الإقليم.
أسباب الصراع وتطور الأحداث
تعود جذور الصراع في إقليم أمهرة إلى عدة عوامل، بما في ذلك التوترات العرقية والسياسية، والمنافسة على الموارد، والشعور بالتهميش والإقصاء. تصاعدت هذه التوترات في السنوات الأخيرة، وبلغت ذروتها مع اندلاع أعمال عنف واسعة النطاق بين قوات فانو والحكومة الإقليمية.
ظهرت قوات فانو في الأصل كمجموعات شبابية مسلحة تدافع عن مصالح مجتمعاتها المحلية. ومع مرور الوقت، تطورت هذه المجموعات إلى قوة عسكرية منظمة، قادرة على تحدي سلطة الحكومة المركزية. وقد لعبت فانو دورًا بارزًا في الاحتجاجات التي أطاحت بحكومة جبهة تيغراي في عام 2017.
دور حرب تيغراي في تصعيد التوترات
أدت حرب تيغراي (2020-2022) إلى تفاقم الوضع في إقليم أمهرة، حيث دعمت الحكومة الفدرالية قوات فانو في البداية لمواجهة قوات تيغراي. ومع ذلك، بعد انتهاء الحرب، سعت الحكومة إلى دمج جميع القوات غير النظامية تحت قيادة مركزية، وهو ما رفضته فانو.
رفض فانو لقرار الدمج أدى إلى مواجهات مسلحة مع الحكومة الإقليمية والقوات الفدرالية، مما أسفر عن مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين، وتدمير البنية التحتية في الإقليم. هذا التصعيد دفع إلى تدخل الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيغاد للوساطة بين الطرفين.
بنود الاتفاقية وتوقعات المستقبل
تتضمن الاتفاقية عدة بنود رئيسية، بما في ذلك وقف إطلاق النار الفوري، وتبادل الأسرى، وفتح ممرات إنسانية لتوصيل المساعدات إلى المحتاجين. كما تتضمن الاتفاقية إنشاء لجنة مشتركة للتحقيق في المظالم التي ارتكبت خلال الصراع، وتقديم التعويضات للضحايا.
الحاكم أريغا كيبدي أكد أن الحرب لم تجلب سوى الخسائر والمعاناة لشعب الإقليم، وأن المفاوضات تمثل فرصة حقيقية لبناء مستقبل أفضل. وأوضح أن الحكومة الإقليمية ملتزمة بتنفيذ جميع بنود الاتفاقية، والعمل مع فانو لتحقيق السلام والاستقرار.
من جانبه، أعلن الكابتن ماسريشا سيتينج أن فانو مستعدة للتعاون مع الحكومة، وأنها تعتبر الحوار هو الطريق الأمثل لحل الخلافات. وأكد أن الاتفاق يمثل انتصارًا لشعب أمهرة، وأنه سيساهم في تحقيق تطلعاته في الأمن والازدهار. قوات فانو تعهدت بالالتزام بوقف إطلاق النار والعمل على بناء الثقة.
الخطوة التالية المتوقعة هي تشكيل اللجنة المشتركة للتحقيق في المظالم، وبدء عملية تبادل الأسرى. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه عملية السلام، بما في ذلك وجود فصائل متطرفة ترفض الاتفاق، والمخاوف بشأن تنفيذ بنود الاتفاقية على أرض الواقع. من الضروري مراقبة الوضع عن كثب، وتقديم الدعم اللازم لضمان نجاح عملية السلام في إقليم أمهرة.






