في خطوة غير مسبوقة في المشهد السياسي الكيني، توصل الرئيس ويليام روتو وزعيم المعارضة السابق رايلا أودينغا إلى اتفاق تعاون يهدف إلى تشكيل حكومة واسعة القاعدة، مما يعكس تحولًا مهمًا في العلاقة بين السلطة والمعارضة.

ويضع هذا الاتفاق، الذي تم توقيعه مؤخرًا، حدًا لسنوات من التوتر السياسي بين الطرفين ويفتح الباب أمام إصلاحات سياسية واقتصادية واسعة النطاق.

خريطة كينيا (الجزيرة)

حسب الصحيفة الكينية ذي ستار، اتفق الطرفان على العمل المشترك في 10 قضايا محورية، من أبرزها الإصلاحات الاقتصادية، تطوير النظام الانتخابي، وتعزيز الحوكمة الرشيدة.

كما يتضمن الاتفاق جهودًا لتحديث القطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة، بالإضافة إلى دعم مكافحة الفساد الذي ظل عائقًا أمام التنمية في البلاد.

طبيعة الاتفاق: تعاون أم تحالف؟

أثار الاتفاق تساؤلات حول ما إذا كان يشكل تحالفًا سياسيًا جديدًا أو مجرد تعاون إستراتيجي.

وفقًا لموقع كينيانز، فإن هناك فرقًا جوهريًا بين “اتفاق التعاون” و”التحالف السياسي”؛ حيث إن الأول لا يلزم الطرفين بالاندماج في كيان سياسي موحد، بل يسمح لهما بالحفاظ على استقلالية أحزابهما مع تنسيق المواقف حول قضايا معينة.

في المقابل، يتطلب التحالف السياسي مشاركة كاملة في الانتخابات والسلطة التنفيذية.

وحسب الموقع، فإن المصادر تؤكد أن الاتفاق لا يشمل حتى الآن، تشكيل تحالف انتخابي رسمي، لكنه يفتح المجال أمام إمكانية حدوث ذلك مستقبلا إذا أثبت التعاون نجاحه.

ردود الفعل: دعم وترقب حذر

الاتفاق قوبل بترحيب حذر من مختلف الأطراف السياسية والمجتمع المدني. ويرى المراقبون أن هذا التعاون قد يسهم في تحقيق استقرار سياسي طال انتظاره في كينيا، لا سيما بعد الانتخابات المتوترة التي شهدتها البلاد سابقًا.

ومع ذلك، هناك مخاوف من أن يؤدي هذا الاتفاق إلى تهميش بعض الأصوات المعارضة أو استغلاله كوسيلة لتقاسم السلطة دون إصلاحات حقيقية.

الآفاق المستقبلية

حسب موقع كيه بي سي الكيني، فإن الخطوة التالية بعد هذا الاتفاق هي تشكيل لجان مشتركة لمتابعة تنفيذ القضايا المتفق عليها.

Activists and civil society members run, after riot police lobbed teargas canisters to disperse them, as they participate in a nationwide march titled “End Femicide Kenya" to raise awareness about gender-based violence (GBV) and to pressure the Kenyan government to implement stricter laws and policies to combat this pervasive issue, in downtown Nairobi, Kenya December 10, 2024. REUTERS/John Muchucha
احتجاجات في كينيا ضد مشروع زيادة الضرائب (رويترز)

ومن المتوقع أن تكون الفترة القادمة حاسمة في اختبار مدى جدية هذا التعاون وتأثيره على المشهد السياسي والاقتصادي في كينيا.

يمثل هذا الاتفاق بين روتو وأودينغا لحظة محورية في تاريخ كينيا السياسي. ففي حين يرى البعض أنه فرصة لتعزيز الاستقرار وتحقيق إصلاحات حقيقية، يخشى آخرون من أن يكون مجرد تسوية سياسية تهدف إلى تقاسم النفوذ.

إذ تأتي هذه الخطوة في وقت تواجه فيه كينيا تحديات اقتصادية معقدة، من ارتفاع معدلات التضخم إلى انخفاض قيمة العملة المحلية، مما جعل الحكومة بحاجة إلى استقرار سياسي لتعزيز ثقة المستثمرين والمؤسسات المالية الدولية.

شاركها.