أعلنت السلطات الإيطالية عن اعتقال تسعة أفراد على صلة بثلاث جمعيات خيرية، بتهمة جمع ملايين اليورو لتمويل حركة حماس. وتأتي هذه الاعتقالات في إطار تحقيق يركز على تحويل الأموال إلى منظمات مرتبطة بالحركة، مما يثير تساؤلات حول آليات التمويل التي تعتمد عليها الجماعات المسلحة.
وقد جرت الاعتقالات في عدة مدن إيطالية، وفقًا لبيان صادر عن مكتب مكافحة الإرهاب في المدعي العام. وتشير التحقيقات إلى أن المشتبه بهم قاموا بتحويل ما يقرب من 7 ملايين يورو (حوالي 8.2 مليون دولار أمريكي) إلى جمعيات ومؤسسات مقرها قطاع غزة أو الضفة الغربية أو حتى إسرائيل، والتي يُزعم أنها تابعة لحركة حماس أو تعمل لصالحها.
اعتقالات واسعة النطاق مرتبطة بتمويل حماس
تستهدف هذه العملية، التي تعتبرها وزارة الداخلية الإيطالية “مهمة وذات دلالة”، شبكة يُزعم أنها كانت تخفي دعمها لحماس تحت ستار المساعدات الإنسانية. وذكرت وكالة أسوشيتد برس أن السلطات الإيطالية تحقق في كيفية استخدام هذه الأموال، وما إذا كانت قد وصلت بالفعل إلى أيدي عناصر مسلحة أو ساهمت في أنشطة إرهابية.
التحقيق يكشف عن آليات معقدة للتحويلات المالية
تشير التقارير إلى أن الأموال لم تكن تُرسل مباشرة إلى حماس، بل من خلال سلسلة من “العمليات الثلاثية” المعقدة. تضمنت هذه العمليات تحويل الأموال عبر حسابات بنكية أو من خلال منظمات أخرى مقرها في الخارج، قبل أن تصل في النهاية إلى الجمعيات المرتبطة بحماس في قطاع غزة. وقد صنفت إسرائيل هذه الجمعيات على أنها غير قانونية بسبب صلاتها بالحركة.
من بين المعتقلين محمد حنون، رئيس الجمعية الفلسطينية في إيطاليا، والذي وصفه المدعون بأنه “رأس الخلية الإيطالية لحركة حماس”. ويُعتقد أن حنون لعب دورًا رئيسيًا في تنسيق عمليات جمع التبرعات وتحويل الأموال إلى وجهتها النهائية.
وبحسب الشرطة الإيطالية، فإن أكثر من 71٪ من التبرعات التي جمعتها هذه الجمعيات الخيرية كانت مخصصة لتمويل حماس أو الكيانات التابعة لها بشكل مباشر. بالإضافة إلى ذلك، تشير التحقيقات إلى أن بعض الأموال قد تكون استخدمت لدعم أسر متورطة في هجمات إرهابية.
تداعيات الاعتقالات على المشهد الإقليمي
تأتي هذه الاعتقالات في وقت تشهد فيه المنطقة تصاعدًا في التوترات، وتصاعدت فيه الاتهامات المتبادلة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية. وتعتبر حماس، التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2006، منظمة إرهابية من قبل العديد من الدول والمؤسسات الدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.
هذه القضية تلقي الضوء على التحديات المستمرة في مكافحة تمويل الإرهاب، وعلى أهمية التعاون الدولي لقطع الإمدادات المالية عن الجماعات المسلحة. وتشير إلى أن شبكات التمويل قد تكون أكثر تعقيدًا وانتشارًا مما كان يُعتقد سابقًا.
وفي سياق متصل، اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي السلطة الفلسطينية بدعم الإرهاب من خلال برنامج “دفع مقابل الإفراج”، الذي يوفر تعويضات مالية لأسر الفلسطينيين الذين قتلوا أو أصيبوا في هجمات ضد الإسرائيليين.
تعتبر قضية تمويل حماس من خلال الجمعيات الخيرية جزءًا من جهود أوسع نطاقًا لمكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن الإقليمي. وتشمل هذه الجهود تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتجميد الأصول المالية، وملاحقة الأفراد والكيانات المتورطة في أنشطة إرهابية.
التحقيقات مستمرة لتحديد مدى تورط الأفراد والمنظمات الأخرى في هذه الشبكة، وتقييم الأثر الكامل للأموال التي تم تحويلها إلى حماس. من المتوقع أن تقدم السلطات الإيطالية المزيد من التفاصيل حول هذه القضية في الأيام والأسابيع القادمة.
من المرجح أن تؤدي هذه الاعتقالات إلى زيادة التدقيق في أنشطة الجمعيات الخيرية التي تعمل في المنطقة، وإلى تشديد الرقابة على التحويلات المالية. كما أنها قد تؤثر على العلاقات بين إيطاليا والفصائل الفلسطينية، وعلى الجهود المبذولة لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
في الوقت الحالي، من غير الواضح ما إذا كانت هذه الاعتقالات ستؤدي إلى تغييرات كبيرة في سلوك حماس أو في قدرتها على الحصول على التمويل. ومع ذلك، فإنها تمثل خطوة مهمة في مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن الإقليمي.






