أعلنت شركة نفيديا (Nvidia) عن إطلاق سلسلة من نماذج الذكاء الاصطناعي المفتوحة المصدر، بالإضافة إلى البيانات والأدوات اللازمة لدعم المهندسين في استخدامها. يأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه صناعة الذكاء الاصطناعي منافسة متزايدة، حيث تسعى شركات أخرى لتطوير رقائق خاصة بها. تهدف نفيديا من خلال هذه الخطوة إلى تعزيز مكانتها في السوق وتلبية احتياجات المطورين الباحثين عن حلول مفتوحة المصدر.
جاء هذا الإعلان من مقر الشركة في كاليفورنيا، الولايات المتحدة، في 16 مايو 2024. وتعتبر هذه الخطوة بمثابة تحول استراتيجي لشركة نفيديا، التي لطالما كانت معروفة بتزويد الشركات بالرقائق اللازمة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، لتصبح الآن مطورًا للنماذج بنفسها. يأتي هذا في ظل سعي شركات مثل OpenAI و Google و Anthropic لتطوير رقائق خاصة بها، مما قد يقلل من اعتمادها على تقنيات نفيديا في المستقبل.
أهمية نماذج الذكاء الاصطناعي المفتوحة المصدر
تكتسب نماذج الذكاء الاصطناعي المفتوحة المصدر أهمية متزايدة في النظام البيئي للذكاء الاصطناعي، حيث يستخدمها العديد من الباحثين والشركات الناشئة للتجربة والنماذج الأولية والبناء. على الرغم من أن شركات مثل OpenAI و Google تقدم نماذج مفتوحة المصدر صغيرة، إلا أنها لا تقوم بتحديثها بنفس وتيرة الشركات الصينية المنافسة. تشير بيانات من منصة Hugging Face، وهي منصة استضافة للمشاريع مفتوحة المصدر، إلى أن النماذج الصينية المفتوحة المصدر تحظى بشعبية أكبر حاليًا.
ميزات نماذج Nemotron 3
تعتبر نماذج Nemotron 3 الجديدة من نفيديا من بين أفضل النماذج القابلة للتنزيل والتعديل والتشغيل على الأجهزة الخاصة بالمستخدمين، وفقًا لنتائج الاختبارات المعيارية التي شاركتها الشركة. تأتي النماذج بثلاثة أحجام مختلفة: Nano (30 مليار معلمة)، Super (100 مليار معلمة)، و Ultra (500 مليار معلمة). عدد المعلمات في النموذج يرتبط بشكل عام بقدرته على معالجة المعلومات، ولكنه يؤثر أيضًا على مدى صعوبة تشغيله.
أكد الرئيس التنفيذي لشركة نفيديا، جينسن هوانج، على أن “الابتكار المفتوح هو أساس التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي”. وأضاف أن Nemotron يحول الذكاء الاصطناعي المتقدم إلى منصة مفتوحة تمنح المطورين الشفافية والكفاءة اللازمة لبناء أنظمة ذكية قابلة للتطوير. تتميز نفيديا عن العديد من منافسيها الأمريكيين بإطلاقها البيانات المستخدمة في تدريب Nemotron، مما يسهل على المهندسين تعديل النماذج.
بالإضافة إلى ذلك، تقدم نفيديا أدوات للمساعدة في التخصيص والضبط الدقيق، بما في ذلك بنية نموذج هجينة جديدة تعتمد على “خليط الخبراء” (hybrid latent mixture-of-experts)، والتي تقول نفيديا إنها مثالية لبناء وكلاء الذكاء الاصطناعي القادرين على اتخاذ إجراءات على أجهزة الكمبيوتر أو الويب. كما تطلق الشركة مكتبات تسمح للمستخدمين بتدريب الوكلاء لأداء مهام باستخدام التعلم المعزز، والذي يتضمن منح النماذج مكافآت وعقوبات محاكاة.
اتجاهات الصناعة والتنافسية
ترى كاري آن بريسكي، نائبة رئيس قسم برمجيات الذكاء الاصطناعي التوليدي للمؤسسات في نفيديا، أن النماذج المفتوحة المصدر مهمة لبناة الذكاء الاصطناعي لثلاثة أسباب رئيسية: الحاجة المتزايدة لتخصيص النماذج لمهام محددة، وفعالية توجيه الاستعلامات إلى نماذج مختلفة، وسهولة الحصول على استجابات أكثر ذكاءً من هذه النماذج بعد تدريبها من خلال محاكاة التفكير. وأضافت أن “المصدر المفتوح هو أساس الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يساهم في تسريع النمو الاقتصادي العالمي”.
في فبراير 2023، أطلقت شركة Meta (فيسبوك سابقًا) أول النماذج المفتوحة المصدر المتقدمة تحت اسم Llama. ومع اشتداد المنافسة، أشارت Meta إلى أن إصداراتها المستقبلية قد لا تكون مفتوحة المصدر. يعكس هذا تحولًا أوسع في صناعة الذكاء الاصطناعي، حيث اتجهت الشركات الأمريكية نحو السرية وتقليل مشاركة الأبحاث والمعلومات التقنية مع المنافسين خلال العام الماضي.
التعلم العميق و معالجة اللغة الطبيعية هما مجالان رئيسيان يستفيدان من هذه التطورات. تعتبر هذه النماذج المفتوحة المصدر بمثابة محفز للابتكار في هذه المجالات، مما يسمح للباحثين والمطورين بتجربة أفكار جديدة وتطوير تطبيقات متقدمة.
من المتوقع أن تستمر نفيديا في تطوير نماذجها المفتوحة المصدر وإطلاق أدوات جديدة لدعم المطورين. سيكون من المهم مراقبة كيفية استجابة الشركات المنافسة لهذه الخطوة، وما إذا كانت ستتبنى استراتيجيات مماثلة. كما سيكون من المثير للاهتمام معرفة كيف ستؤثر هذه النماذج المفتوحة المصدر على تطور صناعة الذكاء الاصطناعي بشكل عام في الأشهر والسنوات القادمة.






