يُواجه رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا تكهنات بأن أيامه في السلطة باتت معدودة، بعدما مُني حزبه بهزيمة تاريخية في انتخابات مجلس المستشارين يوم الأحد.

حتى الآن، ينفي إيشيبا تقارير إعلامية محلية تتحدث حول عزمه الاستقالة، لكن التقارير تقول إنه قد يعلن تنحيه هذا الشهر متحملاً مسؤولية الخسارة الانتخابية.

في تطور يُمهد الطريق أمام تنحيه، توصلت اليابان والولايات المتحدة إلى اتفاق لخفض الرسوم الجمركية الأميركية على السيارات اليابانية ومنتجات أخرى إلى 15%. وكان رئيس الوزراء قد أشار إلى المفاوضات التجارية كسبب يدعوه للبقاء في منصبه.

“الحزب مستعد للمضي قدماً” على حد قول توبياس هاريس، مُؤسس “جابان فورسايت” (Japan Foresight)، خلال مقابلة مع تلفزيون “بلومبرغ” يوم الأربعاء، لكنه أضاف أن “الانتخابات على قيادة الحزب الليبرالي الديمقراطي لن تكون سهلةً، لأن أمامهم الكثير من التحديات يتعين على رئيس الحزب المقبل تجاوزها”.

تلك التحديات تشمل تهدئة المخاوف المتعلقة بزيادة الإنفاق في الميزانية، والحصول في نفس الوقت على دعم كافٍ من أحزاب المعارضة التي تطالب بخفض الضرائب وزيادة الدعم.

إجراء انتخابات على قيادة “الحزب الليبرالي الديمقراطي” قد يُفرز رئيس وزراء جديداً إذا تمكن من الحصول على دعم كافٍ من المعارضة. وفي المقابل، لا يزال احتمال التفاف أحزاب المعارضة حول شخص من خارج الحزب الحاكم قائماً، ما قد يؤدي إلى مجيء رئيس وزراء من خارج الحزب الليبرالي الديمقراطي لأول مرة منذ عام 2012.

فيما يلي نظرة على أبرز المرشحين المحتملين لخلافة إيشيبا:

شينجيرو كويزومي

كويزومي، نجل رئيس الوزراء الأسبق، قاد سياسات الحزب لخفض أسعار الأرز، وهي مبادرة مهمة ذات أصداء ثقافية وسياسية واسعة. كوزير للزراعة، أفرج كويزومي عن مخزونات الطوارئ من الأرز لتجار الجملة ونجح في خفض التكاليف، ليكسب بذلك رضا بين بعض شرائح المواطنين، لكنه أثار في المقابل استياء مزارعي الأرز.

كان كويزومي أحد ثلاثة مرشحين بلغوا المرحلة النهائية في انتخابات رئاسة الحزب العام الماضي، لكنه خسر في النهية أمام إيشيبا. حال فوزه، سيمثل كويزومي، البالغ 44 عاماً، جيلاً جديداً في الحزب، إلا أن بعض ميوله الأكثر انفتاحاً قد لا تروق لبعض الناخبين اليمينيين.

ساناي تاكياتشي

تستلهم تاكياتشي، لاعبة الدرامز السابقة في إحدى الفرق الموسيقية والمحافظة المتشددة، نهج رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارغريت تاتشر. كانت قد خسرت بفارق ضئيل أمام إيشيبا في جولة إعادة بانتخابات رئاسة الحزب العام الماضي، وربما تحصل على فرصة أخرى لو تمكنت من حشد الدعم الكافي من أعضاء الحزب.

إذا فازت في الانتخابات، ستصبح أول رئيسة للوزراء في تاريخ اليابان، لكنها، مثل تاتشر، من المرجّح أن تدفع بسياسات البلاد في الاتجاه المحافظ. تتردد تاكياتشي، وزيرة الأمن الاقتصادي السابقة، على ضريح ياسوكوني، الذي تعتبره دول الجوار رمزاً للنزعة العسكرية السابقة في اليابان. كما أن دعمها لاستمرار سياسة التيسير النقدي والتوسع في الإنفاق قد يثير خوف الأسواق، ويدفع بعوائد السندات الحكومية إلى الارتفاع قلقاً من تدهور المالية العامة.

يوشيماسا هاياشي

يشغل حالياً منصب رئيس أمانة مجلس الوزراء، ويُعد من أقرب المساعدين إلى إيشيبا، ما يجعله مرشحاً يمثل امتداداً للنهج الحالي داخل الحزب. يُنظر إليه غالباً باعتباره أقرب إلى الصين من غيره من القيادات الحزبية، لكنه ينفي أن يكون موالياً للصين، قائلاً إنه يفضل الحوار.

وكثيراً ما اعتمد عليه الحزب الحاكم في السابق في مهام احتواء الموقف. فعند احتياج الحكومات السابقة لبديل لوزراء لم تدم فترتهم طويلاً، كان هاياشي يتولى المنصب ويُهدئ الأمور، وهو سجل أبرزه خلال حملته الانتخابية العام الماضي. وقضى هاياشي، خريج جامعة هارفارد، معظم فترة حكومة رئيس الوزراء السابق كيشيدا في منصب وزير الخارجية.

تاكايوكي كوباياشي

لم يكن الشاب المحافظ مرشحاً بارزاً في انتخابات قيادة الحزب العام الماضي، لكنه استغل الفرصة لغرس صورته في أذهان أعضاء الحزب والناخبين. وزير الأمن الاقتصادي الأسبق بدأ مؤخراً في التواصل مع تايوان، والتحدث عن ضرورة بناء سلاسل توريد لا تعتمد على الصين. بدأ كوباياشي مسيرته المهنية في وزارة المالية، وهو أيضاً خريج كلية كينيدي بجامعة هارفارد.

فوميو كيشيدا

قد يعود رئيس الوزراء السابق إلى المشهد السياسي بعد استقالته العام الماضي على خلفية فضيحة فساد هزت الحزب، وأدت في نهاية الأمر إلى إجراء انتخابات على القيادة. ذكرت وسائل إعلام محلية أنه مُهتم بالترشح مجدداً للمنصب البارز، لكن الحزب قد يجد صعوبة في تقديم نفسه في صورة جديدة إذا اختيار كيشيدا لتمثيله.

كاتسونوبو كاتو

لم يحظ وزير المالية بدعم واسع في انتخابات رئاسة الحزب في سبتمبر، لكن علاقاته الجيدة مع المحافظين والإصلاحيين في الحزب على السواء يمكن أن تعزز جاذبيته كقائد قادر على التقريب بين المشرعين. لعب كاتو، المسؤول السابق في وزارة المالية، أدواراً محورية في حكومات آخر ثلاثة رؤساء للوزارة. كما كان أكبر متحدث باسم الحكومة وقاد جهود مكافحة جائحة كوفيد-19 حين كان وزيراً للصحة. وفي منصبه الحالي كوزير للمالية، أجرى كاتو محادثات مع وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، وتمكن من فصل ملف العملات عن المفاوضات التجارية الرئيسية.

يوشيهيكو نودا

قاد رئيس الوزراء الأسبق “الحزب الدستوري الديمقراطي الياباني” لتحقيق أفضل نتائجه على الإطلاق في انتخابات مجلس النواب العام الماضي، وحقق نجاحاً معقولاً في انتخابات مجلس المستشارين. لكنه يواجه مهمة صعبة في تشكيل حكومة ائتلافية تحل محل الحزب الحاكم. ومع امتلاكه 148 مقعداً فقط في مجلس النواب ذي النفوذ الأقوى، سيحتاج نودا إلى كل دعم يمكنه الحصول عليه للوصول إلى 233 مقعداً وهو العدد المطلوب لتحقيق الأغلبية. ومن المرجح أن يتطلب ذلك توافقاً كبيراً مع أحزاب المعارضة الأخرى، بما في ذلك الحزب الشيوعي الياباني.

يويتشيرو تاماكي

نتيجة انتخابات العام الماضي جعلت تاماكي، قائد “الحزب الديمقراطي من أجل الشعب”، لاعباً محورياً في تحديد مصير الائتلاف الحاكم بقيادة “الحزب الليبرالي الديمقراطي”. تمكن الحزب المعارض من زيادة مقاعده بشكل كبير في مجلسي البرلمان وسط تركيز حملته على زيادة صافي الأجور.

ويرى المحللون أن التحالف مع “الحزب الديمقراطي من أجل الشعب” أحد أفضل خيارات “الحزب الليبرالي الديمقراطي” وشريكه الأصغر في الائتلاف “كوميتو” للحصول على الأغلبية البرلمانية. وسبق أن دعم “الحزب الليبرالي الديمقراطي” مرشحاً من خارجه لرئاسة الحكومة، وذلك عام 1994، حين عين الحزب وشركاؤه في الائتلاف تومييشي موراياما، الذي ينتمي للحزب الديمقراطي الاجتماعي، رئيساً للوزراء.

سوهي كاميا

زعيم حزب “سانسيتو” الذي تأسس قبل خمس سنوات، وحقق قفزة مفاجئة في انتخابات مجلس المستشارين مستخدماً شعار “اليابان أولاً” ووعود بإثراء المواطنين. يحمل خطابه أصداءً من خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وبعد انتخابات الأحد، زادت مقاعد “سانسيتو” بصورة مفاجئة في مجلس المستشارين من مقعد واحد إلى 15 مقعداً. لكنه من غير المرجح، في ضوء آرائه شديدة الراديكالية، أن يحقق تقدماً كمرشح لرئاسة الوزراء.

شاركها.