قررت السلطات التونسية اليوم الخميس الإفراج المشروط عن المحامية والإعلامية سنية الدهماني، بعد قضاء عام ونصف في السجن على خلفية اتهامات تتعلق بالتهكم على الرئيس قيس سعيد. يأتي هذا القرار وسط ضغوط متزايدة من منظمات حقوقية ودولية، بالإضافة إلى تدهور حالتها الصحية. وتعتبر قضية سنية الدهماني من أبرز القضايا التي سلطت الضوء على وضع الحريات في تونس.

وذكرت وكالة الأنباء التونسية الرسمية أن وزيرة العدل ليلى جفال أصدرت قرار الإفراج المشروط عن الدهماني، بعد أن قضت جزءًا كبيرًا من حكمها الذي وصل مجموعه إلى 4 سنوات. وأكد محاميها سامي بن غازي أنها “تمكنت من العودة إلى منزلها” لكنها لا تزال تخضع للمراقبة القضائية.

تدهور صحة سنية الدهماني والضغوط الدولية

أفادت بعض وسائل الإعلام أن الإفراج جاء بعد أن كشف فحص طبي عن تدهور في صحة الدهماني، حيث تعاني من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم ومشاكل في الغدة الدرقية. وقد أثار هذا التدهور قلقًا واسعًا بين محاميها وعائلتها، وزاد من المطالبات بإطلاق سراحها.

ولم تكن قضية الدهماني معزولة، إذ حظيت بدعم كبير من نقابات المحامين في فرنسا والعديد من المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان. كما عبر البرلمان الأوروبي عن قلقه العميق إزاء تدهور سيادة القانون والحريات الأساسية في تونس، مشيرًا بشكل خاص إلى قضية الدهماني.

خلفية القضية والأحكام السابقة

الدهماني، وهي من أبرز الأصوات المعارضة للرئيس قيس سعيد، كانت ملاحقة قضائيًا في عدة قضايا على خلفية تصريحات أدلت بها عبر وسائل الإعلام، انتقدت فيها العنصرية والسياسات الحكومية. وقد أدينت في 3 قضايا على الأقل خلال الأشهر الأخيرة.

في مايو 2024، أوقفت الدهماني أثناء بث مباشر أمام عدسات الكاميرات داخل عمادة المحامين. وفي سبتمبر من نفس العام، حكم عليها بالسجن 8 أشهر بتهمة الإساءة إلى الرئيس من خلال تصريحات ساخرة. كما صدر حكم بسجنها لمدة سنة ونصف في قضية تتعلق بالعنصرية، وحكم آخر بسنتين على خلفية تصريحات حول المهاجرين غير النظاميين.

وتشير التقارير إلى أن هذه الأحكام جاءت في إطار تطبيق المرسوم الرئاسي رقم 54، الذي يرى فيه المنتقدون أداة للتدخل في الحريات الأساسية. وتتهم المعارضة الرئيس سعيد باستخدام القضاء لملاحقة معارضيه، وهو ما ينفيه الأخير مؤكدًا استقلالية القضاء.

الانقسام السياسي وتداعيات القضية

تأتي هذه التطورات في سياق انقسام سياسي حاد في تونس، حيث يرى مؤيدو الرئيس سعيد أن إجراءاته تصحيحية لمسار الثورة، بينما تعتبرها المعارضة انقلابًا على دستور 2014 وتكريسًا للحكم الفردي. وتعتبر قضية سنية الدهماني رمزًا لهذا الانقسام.

وتشكل قضية الدهماني أيضًا اختبارًا لمدى التزام تونس بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بحرية التعبير وسيادة القانون. وقد دعا العديد من المراقبين إلى إجراء تحقيق مستقل في ملابسات القضية، وضمان محاكمة عادلة للدهماني.

وتشكل حرية الصحافة والإعلام جزءًا أساسيًا من الحريات العامة، وتعتبر الحريات العامة في تونس من القضايا الشائكة التي تتطلب حوارًا وطنيًا شاملًا. كما أن وضع المهاجرين غير النظاميين في تونس، وهو موضوع آخر أثار جدلاً واسعًا، يتطلب معالجة شاملة تحترم حقوق الإنسان.

من المتوقع أن تستمر المتابعة القضائية للدهماني، على الرغم من الإفراج المشروط عنها. وسيكون من المهم مراقبة تطورات القضية، ومدى التزام السلطات التونسية بضمان حقوقها الأساسية. كما يجب متابعة ردود الفعل الدولية على هذه القضية، وتأثيرها على علاقات تونس مع الشركاء الدوليين. يبقى الوضع القانوني للدهماني غير مستقر، مع احتمال استئناف الأحكام الصادرة بحقها.

شاركها.