أصدرت الهيئة العامة للأوقاف في المملكة العربية السعودية معايير جديدة لتحديد المستفيد الحقيقي من الأوقاف، وذلك بموجب قرار من مجلس إدارتها. تهدف هذه الخطوة إلى تعزيز مبادئ الحوكمة والشفافية في قطاع الأوقاف، ورفع كفاءة إدارة الموارد الوقفية وتوزيعها بشكل عادل وفعال. القرار الذي صدر مؤخرًا يمثل جزءًا من جهود شاملة لتطوير منظومة الأوقاف السعودية بما يتماشى مع المعايير الدولية وأفضل الممارسات.

تأتي هذه المعايير في وقت يشهد فيه قطاع الأوقاف في المملكة نموًا ملحوظًا وزيادة في حجم الموارد الوقفية. وتشمل هذه المعايير ضوابط وإجراءات واضحة لتحديد من يحق له الاستفادة من الأوقاف، مع التركيز على تحقيق الأهداف التي أنشئت الأوقاف من أجلها. تعتبر هذه الخطوة مهمة لضمان وصول الدعم الوقفية إلى الفئات المستحقة بشكل مباشر وشفاف.

أهمية معايير المستفيد الحقيقي من الأوقاف

تعتبر الأوقاف من أهم الأدوات الاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات الإسلامية، حيث تساهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الفئات المحتاجة. ولضمان تحقيق هذه الأهداف، من الضروري وجود معايير واضحة لتحديد المستفيد الحقيقي من الأوقاف، وتجنب أي تجاوزات أو سوء استخدام للموارد الوقفية. تساعد هذه المعايير على بناء الثقة بين الواقفين والمستفيدين، وتعزيز دور الأوقاف في خدمة المجتمع.

تعزيز الشفافية والحوكمة

تؤكد الهيئة العامة للأوقاف أن هذه المعايير تأتي في إطار جهودها المستمرة لتعزيز الشفافية والحوكمة في قطاع الأوقاف. وتشمل هذه الجهود تطوير الأنظمة واللوائح، وتدريب العاملين في القطاع، وتفعيل آليات الرقابة والتدقيق. تهدف الهيئة إلى جعل الأوقاف مؤسسات حديثة وفعالة، قادرة على تحقيق أهدافها التنموية والاجتماعية.

ضمان وصول الدعم إلى المستحقين

من أهم أهداف هذه المعايير هو ضمان وصول الدعم الوقفية إلى الفئات المستحقة بشكل عادل وفعال. وتحدد المعايير معايير واضحة للاستحقاق، مثل الحاجة المالية، والظروف الاجتماعية، والتعليم، والصحة. كما تشدد على أهمية إجراء البحوث والدراسات الميدانية للتحقق من استحقاق المتقدمين.

بالإضافة إلى ذلك، تسعى الهيئة إلى تطوير آليات توزيع الدعم الوقفية، بحيث تكون أكثر استهدافًا وفعالية. وتشمل هذه الآليات استخدام التقنيات الحديثة، مثل قواعد البيانات وأنظمة المعلومات الجغرافية، لتحديد المناطق والفئات الأكثر حاجة.

آلية تطبيق معايير المستفيد الحقيقي

أوضحت الهيئة العامة للأوقاف أن تطبيق هذه المعايير سيكون تدريجيًا، بدءًا من الأوقاف الجديدة، ثم سيتم تطبيقها على الأوقاف القائمة. سيتم توفير الدعم والتدريب اللازمين للعاملين في الأوقاف لتطبيق هذه المعايير بشكل صحيح وفعال. كما سيتم إنشاء وحدة متخصصة في الهيئة لمتابعة تطبيق المعايير وتقديم المشورة والدعم للأوقاف.

وتشمل آلية التطبيق عدة مراحل، تبدأ بتلقي طلبات الاستفادة من الأوقاف، ثم إجراء البحوث والدراسات الميدانية للتحقق من استحقاق المتقدمين، وبعد ذلك يتم اتخاذ قرار بشأن الموافقة على الطلب أو رفضه. ويحق للمتقدمين الاعتراض على قرار الرفض، وسيتم النظر في الاعتراض من قبل لجنة مختصة.

وتعتمد الهيئة في تطبيق هذه المعايير على التعاون مع الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة، مثل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ووزارة الصحة، ووزارة التعليم. يهدف هذا التعاون إلى تبادل المعلومات والخبرات، وتنسيق الجهود لضمان تحقيق أفضل النتائج.

وتشير التقارير إلى أن الهيئة تعمل أيضًا على تطوير نظام إلكتروني متكامل لإدارة الأوقاف، بما في ذلك تلقي طلبات الاستفادة، وإجراء البحوث والدراسات، واتخاذ القرارات، وتوزيع الدعم. يهدف هذا النظام إلى تسهيل الإجراءات وتقليل التكاليف وزيادة الشفافية.

تأثير المعايير على قطاع الأوقاف

من المتوقع أن يكون لهذه المعايير تأثير إيجابي كبير على قطاع الأوقاف في المملكة العربية السعودية. فهي ستساهم في زيادة الثقة في الأوقاف، وتعزيز دورها في خدمة المجتمع، وتحقيق التنمية المستدامة. كما ستساعد في جذب المزيد من الواقفين، وزيادة حجم الموارد الوقفية.

بالإضافة إلى ذلك، ستساهم هذه المعايير في تحسين إدارة الأوقاف، وزيادة كفاءة توزيع الموارد الوقفية. كما ستساعد في الحد من التجاوزات وسوء استخدام الموارد، وضمان وصول الدعم إلى الفئات المستحقة. وتعتبر هذه الخطوة جزءًا من رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتعزيز دور القطاع غير الربحي في التنمية.

وتشمل التطورات الأخرى في قطاع الأوقاف في المملكة، جهود الهيئة لرقمنة سجلات الأوقاف، وتطوير الخدمات المقدمة للواقفين والمستفيدين، وتنظيم المؤتمرات والورش التدريبية لرفع مستوى الوعي بأهمية الأوقاف. كما تعمل الهيئة على تعزيز التعاون الدولي في مجال الأوقاف، وتبادل الخبرات مع الدول الأخرى.

فيما يتعلق بـ الاستثمار الوقف، تسعى الهيئة إلى تطوير استراتيجيات استثمارية مبتكرة، تهدف إلى زيادة العائد على الموارد الوقفية، وتحقيق الاستدامة المالية للأوقاف. وتشمل هذه الاستراتيجيات الاستثمار في العقارات، والأسهم، والسندات، والصناديق الاستثمارية.

من المتوقع أن تعلن الهيئة العامة للأوقاف عن تفاصيل إضافية حول آليات تطبيق هذه المعايير خلال الأشهر القادمة، بما في ذلك الجدول الزمني للتطبيق، والإجراءات اللازمة للأوقاف للامتثال للمعايير. كما سيتم الإعلان عن نتائج تقييم أداء الأوقاف بعد تطبيق المعايير، وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين. يبقى من المبكر تحديد الأثر الكامل لهذه المعايير، ولكنها تمثل خطوة مهمة نحو تطوير منظومة الأوقاف في المملكة.

شاركها.