كشفت دراسة حديثة أن معاناة الأم من اضطرابات الأكل خلال فترة الحمل قد تزيد من خطر إصابة الطفل بمشاكل في الجهاز التنفسي مثل الربو وأزيز الصدر، وذلك بغض النظر عن نوع الاضطراب أو وجود عوامل أخرى مثل الاكتئاب أو القلق لدى الأم. أجريت الدراسة على نطاق واسع في عدة دول أوروبية وشملت بيانات أكثر من 131 ألف أم وطفل، مما يجعلها إضافة مهمة للمعرفة في مجال صحة الأم والطفل.
تأثير اضطرابات الأكل على صحة الجهاز التنفسي للطفل
قام فريق بحثي يضم خبراء من جامعات مرموقة في إيطاليا والدنمارك وألمانيا والنرويج، بالإضافة إلى مراكز بحثية متخصصة في صحة الطفل، بتحليل بيانات من سبع مجموعات مواليد أوروبية مختلفة. أظهرت النتائج أن معدلات انتشار اضطرابات الأكل بين الأمهات المشاركات في الدراسة تراوحت بشكل كبير، من 1% إلى 17% بين المجموعات.
وتبين أن الأمهات اللاتي عانين من اضطرابات الأكل بشكل عام كن أكثر عرضة بنسبة 25% لإنجاب أطفال يعانون من أزيز الصدر قبل سن المدرسة، وبنسبة 26% لإنجاب أطفال مصابين بالربو خلال نفس الفترة العمرية. هذه النتائج تشير إلى وجود ارتباط قوي بين صحة الأم النفسية والجسدية وتطور الجهاز التنفسي لطفلها.
أنواع اضطرابات الأكل وتأثيرها
أظهرت الدراسة اختلافات في تأثير أنواع مختلفة من اضطرابات الأكل على صحة الطفل. فقد تبين أن فقدان الشهية العصبي والشره المرضي (Bulimia Nervosa) كلاهما يزيدان من احتمالات إصابة الطفل بالربو.
في المقابل، ارتبط الشره المرضي بشكل أكبر بزيادة خطر أزيز الصدر لدى الأطفال. هذا التمييز قد يساعد في فهم الآليات البيولوجية والنفسية التي تربط بين صحة الأم وصحة الطفل، وربما يوجه جهود الوقاية والعلاج بشكل أكثر فعالية.
ومع ذلك، يؤكد الباحثون أن الدراسة لا تثبت علاقة سببية مباشرة بين اضطرابات الأكل لدى الأم ومشاكل التنفس لدى الطفل. بل تشير إلى وجود عوامل مشتركة قد تساهم في كلا الحالتين.
على سبيل المثال، الأطفال الذين تعاني أمهاتهم من اضطرابات الأكل غالبًا ما يواجهون تحديات في النمو داخل الرحم، وقد يولدون مبكرًا أو بوزن منخفض. هذه العوامل، بالإضافة إلى التغيرات الهرمونية والغذائية التي تصاحب اضطرابات الأكل، قد تؤثر سلبًا على تطور الجهاز التنفسي للطفل.
بالإضافة إلى ذلك، قد تؤثر اضطرابات الأكل على قدرة الأم على توفير بيئة صحية ومستقرة لطفلها بعد الولادة، مما قد يزيد من خطر الإصابة بمشاكل صحية مختلفة، بما في ذلك مشاكل الجهاز التنفسي.
ويرى الخبراء أن هذه النتائج تسلط الضوء على أهمية دمج فحص الصحة النفسية للأم، بما في ذلك تقييم خطر اضطرابات الأكل، في برامج الرعاية الصحية قبل الولادة وأثناءها.
هذا النهج الشامل يمكن أن يساعد في تحديد الأمهات اللاتي يحتجن إلى دعم إضافي، وتقديم التدخلات المناسبة لتحسين صحتهن وصحة أطفالهن. كما أن التوعية بأهمية التغذية السليمة والصحة النفسية خلال فترة الحمل يمكن أن تلعب دورًا هامًا في الوقاية من هذه المشكلات.
تشير التوصيات الأولية إلى ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث لتحديد الآليات الدقيقة التي تربط بين اضطرابات الأكل لدى الأم وصحة الجهاز التنفسي للطفل. من المتوقع أن تركز الدراسات المستقبلية على تقييم تأثير التدخلات المبكرة على النتائج الصحية للأطفال، وتحديد العوامل الوراثية والبيئية التي قد تزيد من خطر الإصابة بالربو وأزيز الصدر. من المقرر أن يتم نشر تقرير مفصل عن هذه التوصيات من قبل المجموعة البحثية في الربع الأول من عام 2026.






