واصل الجيش الإسرائيلي انتهاكه للأراضي السورية، حيث توغلت قوات وآليات عسكرية في منطقة ريف القنيطرة جنوب غربي سوريا اليوم، في تطور يزيد من التوتر في المنطقة. يأتي هذا التوغل بعد سلسلة من الخروقات الإسرائيلية المماثلة في الأشهر الأخيرة، مما يثير مخاوف بشأن التصعيد المحتمل وتأثيره على الاستقرار الإقليمي، ويثير تساؤلات حول مستقبل الأوضاع في القنيطرة. يشكل هذا التطور تصعيدًا في التوترات المتزايدة بين إسرائيل وسوريا.
تفاقم التوغلات الإسرائيلية في الأراضي السورية
أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بأن القوات الإسرائيلية توغلت صباح اليوم في الجهة الغربية من قرية صيدا الحانوت في ريف القنيطرة الجنوبي. وذكرت الوكالة أن القوة العسكرية الإسرائيلية تتألف من ثلاث مركبات، بالإضافة إلى طائرة مسيّرة قامت بمسح المنطقة. ويأتي هذا التوغل بعد يوم من عمليات مماثلة في ريفي القنيطرة الشمالي والجنوبي، حيث أقامت قوات الاحتلال حواجز لتفتيش المدنيين.
وبحسب سانا، قامت القوات الإسرائيلية أيضًا بنقل دبابات من نقطة البرج في القنيطرة إلى نقطة الحميدية في ريف القنيطرة الشمالي. تأتي هذه التحركات العسكرية في ظل تصاعد حدة الانتهاكات الإسرائيلية في القنيطرة على نحو ملحوظ في الآونة الأخيرة، مما أدى إلى شكاوى متزايدة من السكان المحليين.
أسباب التوغلات الإسرائيلية
تأتي هذه التوغلات في سياق إلى حد كبير غير معلن، إلا أن مصادر إسرائيلية تشير إلى مخاوف أمنية تتعلق بوجود جماعات مسلحة في المنطقة. وتزعم إسرائيل أنها تهدف إلى منع بناء قوة عسكرية معادية لها على مقربة من حدودها، وهو ما يثير قلقًا بالغًا في دمشق. تعزز هذه المخاوف من التنظيمات المسلحة وجود إيران وحزب الله في سوريا.
في المقابل، تدين الحكومة السورية هذه التوغلات باعتبارها انتهاكًا صارخًا لسيادتها ووحدة أراضيها. وتشير مصادر سورية إلى أن التوغلات تهدف إلى دعم الجماعات المسلحة المعارضة، وإعاقة جهود استعادة الأمن والاستقرار في المنطقة الجنوبية من البلاد. كما لوحظ تدمير مئات الدونمات من الغابات نتيجة لهذه العمليات.
ومع ذلك، لم تقدم إسرائيل أي دليل قاطع يدعم ادعاءاتها بشأن التهديدات الأمنية التي تتذرع بها لتبرير تدخلاتها في الأراضي السورية. وتشير بعض التقارير إلى أن هذه التوغلات قد تكون مرتبطة بجهود إسرائيلية لتعزيز نفوذها في المنطقة، وتقويض دور سوريا المتزايد.
الجهود الدبلوماسية والنتائج غير الحاسمة
شهدت الأشهر الماضية سلسلة من اللقاءات بين مسؤولين إسرائيليين وسوريين، بوساطة من دول أخرى، بهدف التوصل إلى ترتيبات أمنية تضمن انسحاب إسرائيل من المنطقة السورية العازلة التي احتلتها في ديسمبر 2024. وركزت هذه اللقاءات على تحديد مسارات لتقليل التوترات، وتبادل المعلومات الاستخباراتية حول الجماعات المسلحة.
إلا أن هذه الجهود لم تسفر عن أي نتائج ملموسة حتى الآن. وقد صرح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في نهاية نوفمبر الماضي بأن تل أبيب لا تسعى حاليًا إلى إحلال السلام مع سوريا، في إشارة إلى عدم وجود تقدم في المفاوضات. التوترات في القنيطرة لا تزال قائمة.
في المقابل، تؤكد سوريا على حقها في استعادة كامل أراضيها المحتلة، بما في ذلك هضبة الجولان، التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967. وترفض الحكومة السورية أي محاولات لفرض واقع جديد على الأرض، وتصر على ضرورة احترام سيادة ووحدة أراضيها. تشكل قضية هضبة الجولان أحد أبرز التحديات في العلاقات السورية الإسرائيلية.
بغض النظر عن عدم وجود تهديد مباشر من الحكومة السورية لإسرائيل، تستمر إسرائيل في تنفيذ عمليات توغل بري وغارات جوية في الأراضي السورية. وأدت هذه العمليات إلى خسائر في الأرواح والدمار في الممتلكات، مما يزيد من حدة التوتر ويقوض جهود السلام. علاوة على ذلك، تتهم سوريا إسرائيل بقتل المدنيين وتدمير البنية التحتية.
في الوقت الحالي، من المرجح أن تستمر التوغلات الإسرائيلية في الأراضي السورية، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق أمني شامل يضمن مصالح الطرفين. ومن المتوقع أن ترقب دمشق عن كثب التطورات في المنطقة، وتستعد للرد على أي تهديدات محتملة. القنيطرة ستشكل نقطة مراقبة رئيسية للأطراف المعنية في الأشهر القادمة.






