أثار تقرير حديث صادر عن منظمة “التصنيف المتكامل للأمن الغذائي” (IPC) جدلاً واسعاً، حيث اتهمت إسرائيل المنظمة بالتحيز في تقييمها للأوضاع الغذائية في قطاع غزة. التقرير، الذي يركز على الأمن الغذائي في غزة، خلص إلى أن حوالي 1.6 مليون فلسطيني يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بعد تقييم سابق أشار إلى وجود مجاعة في محافظة غزة في أغسطس.

جدل حول تقييمات المنظمة بشأن الأمن الغذائي في غزة

انتقد مسؤولون إسرائيليون بشدة التقرير الجديد، واصفين إياه بأنه متحيز وأن استنتاجاته “محددة مسبقاً”. وقال الجنرال غسان عليان، منسق الأنشطة الحكومية في الأراضي الفلسطينية (COGAT)، إن التقرير يتجاهل حجم المساعدات الغذائية التي دخلت غزة خلال فترة الهدنة، مما يشير إلى أن استنتاجاته كانت معدة مسبقاً. وأضافت COGAT أن تقارير IPC السابقة بشأن غزة غالباً ما قدمت توقعات متطرفة لم تتحقق في الواقع.

تغييرات في الأوضاع الغذائية

أشار التقرير الأخير لـ IPC إلى أن “تخفيفاً جزئياً للحصار وزيادة في توافر الغذاء والإمدادات الأساسية الأخرى” حدث بعد نشر التقرير السابق. ومع ذلك، أوضح التقرير أن هذا التحسن “جاء متأخراً جداً لتجنب المجاعة في محافظة غزة في يوليو وأوائل أغسطس”، لكنه منع انتشار المجاعة إلى محافظات أخرى خلال الفترة المتوقعة.

في أغسطس، توقعت IPC أن تشهد محافظتان إضافيتان مجاعة بحلول 30 سبتمبر. لكن العديد من الخبراء، من بينهم الدكتور ديفيد أدسنيك، نائب رئيس الأبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، اعترضوا على وجود ظروف مجاعة في ذلك الوقت. وأشار أدسنيك إلى أن أرقام الوفيات، على الرغم من كونها مقلقة، لم تصل إلى المستويات المتوقعة خلال فترات المجاعة. كما ذكر أن أسعار المواد الغذائية الرئيسية ظلت مستقرة أو انخفضت خلال الفترة التي يُزعم أنها شهدت مجاعة.

تساؤلات حول منهجية التقييم

بعد صدور التقرير الأخير، أعرب أدسنيك عن استغرابه من أن IPC لا تزال “تتهرب من إثبات أنها كانت على حق” بشأن إعلانات المجاعة السابقة. ويرى أن IPC تعتمد على حجة مفادها أن “البيانات تلتقط بشكل كبير الوفيات المتعلقة بالصدمات وتتجاهل نسبة كبيرة من الوفيات غير الصدمية”. واعتبر هذا “قفزة كبيرة”، موضحاً أنهم يفترضون أن وزارة الصحة في غزة فاتها تسجيل جميع الأشخاص الذين لم يموتوا بسبب الرصاص أو الشظايا أو انهيار المباني، وأن هناك عدداً كبيراً من الأشخاص الذين كانوا سيموتون بسبب الجوع أو المرض.

وفقاً لـ IPC، فإن تحقيق عتبة المجاعة يتطلب “وفاة شخصين على الأقل من كل 10 آلاف شخص، أو أربعة من كل 10 آلاف طفل دون سن الخامسة يومياً” بسبب “الجوع التام أو تفاعل سوء التغذية مع المرض”. في المقابل، ذكرت IPC أن عدد الوفيات المتعلقة بسوء التغذية بلغ 27 حالة شهرياً، وبلغ إجمالي الوفيات المتعلقة بسوء التغذية 186 حالة. وأكد أدسنيك أن “وفاة المئات بسبب سوء التغذية أمر مروع”، لكنه ليس “قريباً من عتبة تحديد المجاعة”.

ردود الفعل الإسرائيلية وتأثير التقرير

أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، أورين مارموستاين، على منصة X أن IPC تتجاهل حقيقة أن ما بين 600 و 800 شاحنة مساعدات تدخل قطاع غزة يومياً، 70٪ منها تحمل مواد غذائية – أي ما يقرب من خمسة أضعاف ما ذكرته IPC نفسه على أنه مطلوب للقطاع.

على الرغم من أنها لا تدعي وجود مجاعة حالياً، إلا أن IPC تشير إلى أنه في “أسوأ سيناريو” يتم فيه استئناف القتال، فإن “قطاع غزة بأكمله معرض لخطر المجاعة بحلول منتصف أبريل 2026”. ويرى أدسنيك أن IPC “تخمين حول المستقبل”، وأن دقة تقييمات IPC لها أهمية كبيرة نظراً للاتهامات الموجهة لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية من قبل المحكمة الجنائية الدولية والمحكمة الدولية للعدل.

من المتوقع أن تستمر المناقشات حول الوضع الإنساني في غزة، مع التركيز على تقييمات IPC وتأثيرها المحتمل على التحقيقات الدولية. سيراقب المجتمع الدولي عن كثب تطورات الأوضاع الغذائية في غزة، بالإضافة إلى جهود إيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان المحتاجين.

شاركها.