تخطط إسرائيل لاستثمار حوالي 350 مليار شيكل (نحو 110 مليارات دولار) في تطوير صناعة عسكرية محلية بهدف تقليل الاعتماد على الواردات، وذلك في ظل التحديات المتزايدة التي تواجهها في الحصول على الأسلحة من الخارج. يأتي هذا الإعلان من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ويشير إلى تحول استراتيجي في سياسة تل أبيب المتعلقة بالتسليح، مدفوعًا بتطورات إقليمية وحروب مستمرة.

أعلن نتنياهو عن هذه الخطة خلال حفل تخرج دفعة جديدة من الطيارين، مؤكدًا على مواصلة الحصول على الإمدادات الأساسية مع العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الأسلحة. ويعكس هذا التوجه قلقًا متزايدًا بشأن استمرارية تدفق الأسلحة من الدول الحليفة، خاصةً في ظل الضغوط الدولية المتزايدة بشأن الحرب في غزة.

تطوير صناعة التسليح الإسرائيلية: دوافع وتحديات

تأتي خطة الاستثمار الضخمة في تطوير صناعة التسليح المحلية بعد سنوات من الحروب والنزاعات التي استنزفت المخزونات العسكرية الإسرائيلية. الحروب في غزة، بالإضافة إلى التوترات المتصاعدة مع إيران وحزب الله، أظهرت الحاجة الماسة إلى تعزيز القدرات الدفاعية الإسرائيلية.

إضافة إلى ذلك، يشير تقرير صادر عن معهد أبحاث السلام في ستوكهولم (SIPRI) إلى أن بعض الدول بدأت في إعادة النظر في مبيعات الأسلحة لإسرائيل بسبب المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان والقانون الدولي. وقد أدى ذلك إلى صعوبات في الحصول على بعض أنواع الأسلحة والمعدات الضرورية.

أبرز الموردين الحاليين للأسلحة لإسرائيل

لطالما كانت الولايات المتحدة الشريك الرئيسي لإسرائيل في مجال الدفاع، حيث توفر حوالي 66% من واردات الأسلحة الإسرائيلية بين عامي 2020 و 2024، بالإضافة إلى 3.8 مليار دولار مساعدات عسكرية سنوية، وفقًا لبيانات رسمية. وتشمل هذه المساعدات طائرات مقاتلة من طراز F-15 وذخائر مدفعية عيار 155 ملم.

بالإضافة إلى الولايات المتحدة، تعتبر ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا من بين أبرز موردي الأسلحة لإسرائيل. ومع ذلك، شهدت بعض هذه الدول ضغوطًا داخلية وخارجية لتقييد أو تعليق مبيعات الأسلحة لإسرائيل في أعقاب الحرب في غزة.

التحديات الاقتصادية والميزانية

على الرغم من أهمية هذه الخطة، تواجه إسرائيل تحديات كبيرة على صعيد الميزانية. فقد شهد الإنفاق الدفاعي تضخمًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، مما أدى إلى زيادة العجز في الميزانية العامة.

بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي تخصيص ميزانية ضخمة لتطوير صناعة التسليح إلى تقليل الاستثمارات في قطاعات أخرى حيوية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية.

التركيز على الابتكار والتكنولوجيا المتقدمة

تهدف خطة إسرائيل إلى تطوير قدرات محلية في مجالات رئيسية مثل أنظمة الدفاع الجوي، والطائرات بدون طيار، والأسلحة الذكية، وأنظمة الحرب الإلكترونية. ويركز البرنامج بشكل خاص على الاستثمار في البحث والتطوير، وتشجيع التعاون بين القطاعين العام والخاص.

وتسعى إسرائيل إلى أن تصبح رائدة في مجال التكنولوجيا الدفاعية، من خلال تطوير حلول مبتكرة تلبي احتياجاتها الأمنية الخاصة. ويشمل ذلك تطوير أنظمة دفاعية قادرة على مواجهة التهديدات المتطورة مثل الصواريخ والطائرات بدون طيار.

وتعتبر الشركات الإسرائيلية المتخصصة في صناعة الأسلحة من بين الأكثر تقدمًا في العالم في مجالات مثل الأمن السيبراني وأنظمة المراقبة. وتساهم هذه الشركات بشكل كبير في الاقتصاد الإسرائيلي، وتوفر فرص عمل للآلاف من المواطنين.

تأثيرات محتملة على المنطقة

قد يكون لتعزيز صناعة التسليح الإسرائيلية تأثيرات كبيرة على التوازن الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط. فقد يؤدي ذلك إلى زيادة التوترات مع الدول المعادية، وتشجيع سباق التسلح في المنطقة.

في المقابل، قد يعزز ذلك من قدرة إسرائيل على الردع، وحماية مصالحها الأمنية. ويرى بعض المحللين أن الاكتفاء الذاتي في مجال الأسلحة سيمنح إسرائيل مزيدًا من الاستقلالية في اتخاذ القرارات السياسية والعسكرية.

بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي تطوير صناعة عسكرية محلية قوية إلى زيادة الصادرات الإسرائيلية من الأسلحة، مما يعزز من مكانتها كلاعب رئيسي في سوق الأسلحة العالمية.

من المتوقع أن تبدأ الحكومة الإسرائيلية في تنفيذ خطة الاستثمار في الأشهر القادمة، مع التركيز على إطلاق مشاريع بحث وتطوير جديدة، وتقديم حوافز للشركات المحلية المتخصصة في صناعة الأسلحة. وسيتم تخصيص جزء كبير من الميزانية لتحديث البنية التحتية الصناعية، وتدريب الكوادر المؤهلة.

ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من التحديات التي قد تعيق تنفيذ هذه الخطة، بما في ذلك القيود المفروضة على الوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة، والمنافسة الشديدة من الشركات الأجنبية. وسيكون من المهم مراقبة التطورات في هذا المجال، وتقييم تأثيرها على الأمن الإقليمي والعلاقات الدولية.

شاركها.