في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، أعلن الجيش الإسرائيلي رفع حالة التأهب القصوى على طول الحدود الشمالية مع لبنان، وذلك ردًا على مخاوف من رد فعل محتمل من حزب الله بعد استهداف القيادي في الحزب، جهاد طه، في الضاحية الجنوبية لبيروت. تصعيد الأوضاع هذا يثير قلقاً واسعاً بشأن احتمال انزلاق المنطقة نحو مواجهة أوسع، ويُركز بشكل خاص على الاستعدادات العسكرية الإسرائيلية ورد حزب الله.

تصعيد الأوضاع و رفع حالة التأهب: أبعاد أمنية متزايدة

تأتي هذه الخطوة الإسرائيلية بعد أيام من الضربة التي أودت بحياة طه، والتي نسبت إلى إسرائيل على نطاق واسع، لكنها لم تعترف بها رسميًا. ووفقًا لبيانات رسمية من الجيش الإسرائيلي، تشمل التدابير المتخذة نشر إضافي لأنظمة الدفاع الجوي، وتعزيز القوات البرية في الجليل الأعلى، بالإضافة إلى إلغاء الإجازات لبعض الوحدات القتالية. يهدف هذا الإجراء إلى ضمان الاستعداد التام لأي سيناريو محتمل.

السياق الإقليمي وتغيير قواعد الاشتباك

يأتي هذا التطور في سياق الاستمرار في الصراع الخفي بين إسرائيل و “محور المقاومة” والذي يشمل إيران و حلفاءها في المنطقة. وقالت مصادر أمنية إسرائيلية إن هذا الصراع يتميز بـ “المعركة بين الحروب” بهدف تقويض النفوذ الإيراني و منع تعزيز قدرات حزب الله العسكرية. وتعتبر استهداف قيادي بارز في حزب الله تصعيدًا كبيرًا، ويتجاوز ما كان سائدًا من قواعد اشتباك غير معلنة منذ حرب عام 2006.

المناورات العسكرية الإسرائيلية: رسائل ردع واستعداد

أعلنت إسرائيل عن إجراء مناورات عسكرية واسعة النطاق بالقرب من الحدود اللبنانية. وفقًا لبيان صادر عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، تهدف المناورات إلى اختبار جاهزية القوات للاستجابة لقصف صاروخي مكثف أو محاولات تسلل عبر الحدود. بالإضافة إلى ذلك، تشمل المناورات تدريبات على عمليات إخلاء المستوطنات الحدودية ومواجهة هجمات سيبرانية محتملة.

يرى محللون عسكريون أن هذه المناورات تحمل رسالة مزدوجة؛ فهي من جهة تعبر عن استعداد إسرائيل للرد بقوة على أي هجوم، ومن جهة أخرى تمثل محاولة لردع حزب الله عن القيام بأي عمل انتقامي كبير. ومع ذلك، يرى آخرون أنها قد تكون أيضًا وسيلة لإرسال إشارة إلى واشنطن بشأن جدية التهديد الإسرائيلي.

رد حزب الله: احتمالات التصعيد والتأثير الإقليمي

حتى الآن، لم يصدر رد مباشر من حزب الله على اغتيال طه، واكتفى الحزب بإصدار بيانات تهديدية ووعد بالانتقام في الوقت المناسب. هذا التريث قد يعكس حسابات دقيقة من جانب الحزب بشأن توقيت ومكان الرد، بهدف تحقيق أقصى قدر من التأثير وتقليل المخاطر.

يشير خبراء الشؤون الإقليمية إلى أن أي تصعيد عسكري كبير بين إسرائيل وحزب الله قد يكون له تداعيات خطيرة على المنطقة بأسرها. قد يؤدي ذلك إلى تدخل قوى إقليمية أخرى، مثل إيران، مما يزيد من خطر اندلاع حرب إقليمية شاملة.

التداعيات الدولية وجهود خفض التصعيد

تراقب القوى الدولية الوضع في المنطقة بقلق بالغ. فقد أعربت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن قلقهم بشأن خطر التصعيد، وحثوا الطرفين على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس. وتعمل قوات “اليونيفيل” التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان على جهود الوساطة لتهدئة التوترات ومنع أي اشتباكات مسلحة.

ورد حزب الله يظل العامل الأكثر تحديدًا للمستقبل القريب. ويعتمد مسار الأمور بشكل كبير على طبيعة وحجم الرد المتوقع، وعلى كيفية استيعاب الطرفين للضربات المتبادلة دون تجاوز الخطوط الحمراء.

من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية المكثفة خلال الأيام القادمة لتهدئة التوترات. وستركز هذه الجهود على إيجاد صيغة تتيح لكلا الطرفين التراجع عن التصعيد دون خسارة ماء الوجه. يبقى المشهد الأمني معلقًا، ويتطلب متابعة دقيقة لأي تطورات قد تحدث.

شاركها.