|

اتهم الجنرال الإسرائيلي المتقاعد إسحاق بريك، أحد أبرز قيادات جيش الاحتلال السابقين، القيادةَ السياسية والعسكرية الحالية بأنها تدفع إسرائيل إلى الهاوية في حرب عبثية هدفها إنقاذ بقاء سياسي هش.

وفي مقال جديد نُشر في صحيفة معاريف الإسرائيلية، شنّ بريك هجوما عنيفا على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يسرائيل كاتس ورئيس الأركان إيال زامير، واصفا إياهم على التوالي بـ”الدمية، القزم، والمهووس”.

ويُعرف بريك بكونه من أكثر الجنرالات الإسرائيليين صراحة وانتقادا للمنظومة العسكرية، وقد شغل سابقا منصب قائد الفرقة النظامية 36، وقاد الفيلق الجنوبي (441) وكان مفوض شكاوى الجنود بالجيش لمدة 10 سنوات، وهو من أبرز القادة السابقين الذين يثابرون على انتقاد الأداء العسكري والسياسي داخل إسرائيل.

ثلاثي فاشل

استهل بريك مقاله بالقول “ليست لدي مشكلة في عدم التهذيب في كلامي لثلاثي يجلب جنودنا إلى موتهم وإصاباتهم عبثا، ويتخلى عن المختطفين من أجل شخصه، ويختبئ وراء أقوال جوفاء لا أساس لها من الصحة. أرفض التزام الصمت في مواجهة هذه الفوضى”.

ويرى الجنرال المتقاعد أن إسرائيل تُقاد اليوم من قبل ثلاثي ضعيف وفاشل، لا يفكر في مصير الجنود أو الأسرى، بل يحارب فقط من أجل بقاء الحكومة.

كما قال إن نتنياهو يرى في فقدان الحكم نهاية لحياته السياسية والشخصية، ولذلك “يتمسك بقرون مذبح الحكومة بكل قوة” حتى على حساب أمن إسرائيل والإسرائيليين.

وانتقد بريك الوزير كاتس ووصف بأنه “دمية تحركها خيوط” لا يملك فهما أمنيا حقيقيا، وكل ما لديه هو خطابات جوفاء. كما هاجم زامير، واصفا إياه بأنه يتمتع بـ”قيادة قزمة” تركز على إرضاء نتنياهو أكثر من مواجهة الحقائق.

وأضاف أن زامير عند تعيينه وعد بإسقاط حركة حماس وتحرير “الرهائن” عبر ضغط عسكري مكثف، بل وأعلن نيته إقامة “حكومة عسكرية” في غزة لتوفير المساعدات الإنسانية. لكن، -كما يذكر بريك- لم يتحقق أيٌ من هذه الأهداف.

فشل دموي

وانتقد بريك بشدة عملية “عربات جدعون” -وهو الاسم الذي أطلقته الحكومة الإسرائيلية على العدوان المستمر منذ عدة أشهر على غزة- قائلا إنها جلبت للجيش خسائر فادحة دون أي نتائج حقيقية.

وكتب يقول “لقد حذّرت علنا، عبر الإعلام والمقالات، من أن هذه العملية لن تُسقط حماس، بل ستؤدي إلى مقتل عدد من الرهائن، وسقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف قواتنا، وستعرض الجيش للإذلال”.

ويرى بريك أن تصريحات رئيس الأركان حول “السيطرة على 75% من غزة” لا معنى لها، إذ إن الجيش لا يتحكم إلا بالمساحات السطحية، بينما تواصل حماس السيطرة على الأنفاق، وتنفّذ منها عمليات فعالة ضد القوات الإسرائيلية.

وأضاف “حماس تخرج من الأنفاق، تصيب جنودنا، ثم تختفي. الجيش فوق الأرض لا يستطيع الوصول إليهم. كل الدمار الذي أحدثناه فوق الأرض لم يمس قدرة حماس على العمل من تحتها”.

وفي هذا السياق، انتقد بريك بشدة حالة الإنكار التي يعيشها المستوى العسكري والسياسي، قائلا إن الجيش يطلب إنهاء الحرب لأنه فشل في تحقيق الأهداف، ومع ذلك لا يجرؤ أحد على قول الحقيقة. ويصف هذا الوضع بالقول “الجيش موجود في غزة وذيله بين ساقيه. حماس تقاتل من تحت الأرض، ونحن ندفع الثمن بالدماء، بلا أي إنجاز”.

ويحمّل بريك رئيسَ الأركان المسؤولية المباشرة عن استمرار القتال رغم فشله، مطالبا إياه بالاستقالة إن لم يكن قادرا على مواجهة رئيس الحكومة بالحقيقة.

وقال الجنرال المتقاعد إن على زامير “أن يقول لنتنياهو بوضوح: الجيش غير قادر على تحرير الرهائن ولا على هزيمة حماس بدون اتفاق، وكل يوم يمر يعني مزيدا من القتلى والجرحى. وإذا رفض نتنياهو الاستماع، على رئيس الأركان أن يضع المفاتيح ويغادر”.

كما يؤكد أن استمرار الحرب لم يعد يخدم أمن إسرائيل، بل يُبقي الجنود في ميدان معركة عبثية من أجل خدمة أجندة يمينية متطرفة، حيث قال “هؤلاء المتطرفون المسيحانيون لا يهتمون بالواقع. يعتقدون أن المعجزات ستحلّ لنا المشاكل، ويفرضون على نتنياهو قراراته، وهم من يقودون إسرائيل نحو التدهور في كل شيء: الأمن والتعليم والاقتصاد والصحة والعلاقات الدولية”.

واختتم بريك مقاله بتحذير صريح جاء فيه أن “رئيس الأركان يتحمل المسؤولية عن الدماء التي تُسفك بلا طائل، واستمراره في ترديد عبارات مثل: سنهزم حماس ونحقق أهداف الحرب، ما هو إلا محاولة للبقاء في منصبه. ومن أجل ذلك، هو مستعد لدفع ثمن فظيع وفظيع بالدماء، بلا هدف”.

وأضاف “حتى لو أُبرمت صفقة جزئية لتحرير 10 رهائن، إذا استمرت الحرب، فسنفقد كل الآخرين. هذا طريق بلا أمل يقودنا نحو الكارثة”.

شاركها.