أطلقت المملكة المتحدة استراتيجية وطنية جديدة تركز على صحة الرجل، بهدف معالجة التحديات الصحية المتزايدة التي تواجه الذكور، بما في ذلك ارتفاع معدلات الانتحار، وإدمان الكحول، ومشاكل المقامرة. تأتي هذه المبادرة استجابةً لتقارير تشير إلى أن الرجال أقل عرضة لطلب المساعدة الصحية مقارنة بالنساء، وغالبًا ما يعانون بصمت من مشاكل الصحة الجسدية والنفسية. ومن المتوقع أن يتم نشر تفاصيل الاستراتيجية الكاملة اليوم، الأربعاء، من قبل الحكومة.
تهدف الاستراتيجية الجديدة إلى تحديد وتنفيذ خطط مخصصة لمعالجة القضايا الصحية الفريدة التي تؤثر على الرجال في جميع أنحاء البلاد. وستركز بشكل خاص على المناطق التي تشهد أعلى معدلات من المشاكل الصحية المتعلقة بالرجال، مع التركيز على الفئات العمرية الأكثر عرضة للخطر. وقد أعلنت وزارة الصحة عن استثمار مبدئي قدره 3.6 مليون جنيه إسترليني (حوالي 4.7 مليون دولار أمريكي) على مدى السنوات الثلاث القادمة.
أهمية التركيز على صحة الرجل
تأتي هذه الاستراتيجية في وقت حرج، حيث تشير الإحصائيات إلى أن الانتحار هو أحد الأسباب الرئيسية للوفاة بين الرجال دون سن الخمسين. ووفقًا للبيانات الحكومية، يمثل الرجال ثلاثة أرباع حالات الانتحار المسجلة في إنجلترا وويلز. وتشير التقارير إلى أن هناك فجوة متزايدة في متوسط العمر المتوقع بين الرجال والنساء، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة لمعالجة قضايا صحة الرجال.
التحديات التي تواجه الرجال في الحصول على الرعاية الصحية
أكدت وزارة الصحة أن الرجال يميلون إلى التقليل من شأن مشاكلهم الصحية، وقد يترددون في طلب المساعدة بسبب وصمة العار المرتبطة بالضعف أو الخوف من الحكم عليهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن الرجال أكثر عرضة للانخراط في سلوكيات محفوفة بالمخاطر مثل التدخين، والإفراط في تناول الكحول، وتعاطي المخدرات، والمقامرة، مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة والمشاكل النفسية.
وتشير الدراسات إلى أن الضغوط المجتمعية والتوقعات التقليدية المتعلقة بالذكورة تلعب دورًا في هذه التحديات. غالبًا ما يُتوقع من الرجال أن يكونوا أقوياء ومكتفيين ذاتيًا، مما قد يمنعهم من التعبير عن مشاعرهم أو طلب الدعم عند الحاجة. هذه العوامل تساهم في تفاقم المشاكل الصحية وتزيد من خطر حدوث عواقب وخيمة.
مشاريع الوقاية من الانتحار للرجال في منتصف العمر
سيتم توجيه الاستثمار الذي أعلنت عنه وزارة الصحة نحو مشاريع الوقاية من الانتحار التي تستهدف بشكل خاص الرجال في منتصف العمر. ستركز هذه المشاريع على توفير الدعم النفسي والاجتماعي، وتعزيز الوعي بقضايا الصحة العقلية، وتوفير فرص للمشاركة المجتمعية. كما ستعمل على تدريب العاملين في الخطوط الأمامية، مثل الأطباء والمعلمين وموظفي الشرطة، على التعرف على علامات التحذير من الانتحار وتقديم المساعدة المناسبة.
بالإضافة إلى ذلك، ستدعم الاستراتيجية مبادرات تهدف إلى معالجة العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي تساهم في زيادة خطر الانتحار، مثل البطالة والديون والمشاكل الأسرية. وتشمل هذه المبادرات برامج التدريب المهني، وخدمات الإرشاد المالي، ودعم الأسر.
وتعتبر قضايا مثل الصحة النفسية للرجال وإدمان الكحول من بين المجالات الرئيسية التي ستتلقى اهتمامًا خاصًا في إطار هذه الاستراتيجية. كما سيتم التركيز على تعزيز الوعي بأهمية الفحوصات الصحية المنتظمة والكشف المبكر عن الأمراض.
من الجدير بالذكر أن هذه الاستراتيجية تأتي في أعقاب دعوات متزايدة من منظمات المجتمع المدني والخبراء في مجال الصحة العامة لزيادة التركيز على صحة الرجال. وقد رحبت هذه المنظمات بالإعلان عن الاستراتيجية الجديدة، وأعربت عن أملها في أن تؤدي إلى تحسينات ملموسة في صحة ورفاهية الرجال في جميع أنحاء البلاد.
من المتوقع أن تقوم الحكومة بنشر خطة عمل مفصلة في الأشهر القليلة المقبلة، تحدد الأهداف والمؤشرات الرئيسية لقياس نجاح الاستراتيجية. وسيتطلب تنفيذ الاستراتيجية تعاونًا وثيقًا بين مختلف الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني ومقدمي الرعاية الصحية. وسيكون من المهم مراقبة التقدم المحرز وتقييم فعالية التدخلات المختلفة لضمان تحقيق أفضل النتائج الممكنة.






