تواجه الشركات الناشئة التي تقودها سيدات في أوروبا فجوة تمويلية كبيرة، حيث تشير أحدث التقارير إلى أن امرأة واحدة فقط من بين كل خمسة مؤسسين للشركات التقنية التي تأسست بين عامي 2020 و 2025 كانت امرأة. هذه الفجوة التمويلية بين الجنسين لا تؤثر فقط على عدد الشركات التي تقودها النساء، بل تؤثر أيضًا على حجم الاستثمار الذي تتلقاه هذه الشركات مقارنة بالشركات التي يقودها رجال.

وفقًا لتقرير صادر عن المفوضية الأوروبية، فإن عدم المساواة في الوصول إلى رأس المال يمثل عائقًا كبيرًا أمام النمو الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي. وتشير التقديرات إلى أن تحقيق مشاركة متساوية للمرأة في ريادة الأعمال يمكن أن يزيد الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي بحوالي 600 مليار يورو بحلول عام 2040، مع نمو متوقع يصل إلى 5.5٪ في هولندا و 1.6٪ في بولندا.

أسباب اتساع الفجوة التمويلية بين الجنسين

تتعدد العوامل التي تساهم في هذه الفجوة، بدءًا من الاختلافات في تقبل المخاطر بين الجنسين، وصولًا إلى التوقعات المجتمعية والتعليم المالي. تاريخيًا، ارتبطت ريادة الأعمال والتمويل بالمخاطرة والجرأة، وهي صفات غالبًا ما ترتبط بالرجال.

التحديات الهيكلية والاجتماعية

تظهر البيانات أن هيئات اتخاذ القرار في مجال رأس المال الاستثماري والأسهم الخاصة لا تزال تهيمن عليها القيادات الذكورية، مما يعزز أنماط الاستثمار الحالية. بالإضافة إلى ذلك، تؤثر التوقعات المجتمعية المتعلقة بأدوار المرأة في الرعاية والمسؤوليات الأسرية على وصولها إلى الشبكات الريادية ورأس المال.

حتى في المجتمعات التي يُنظر إليها على أنها متساوية، مثل دول الشمال الأوروبي، يمكن أن يكون الافتراض بأن المساواة بين الجنسين قد تحققت بالفعل بمثابة عائق، حيث يخفي التحيزات الهيكلية المستمرة. وتشير المفوضية الأوروبية إلى أن هذا الافتراض قد يعيق التقدم نحو تحقيق المساواة الفعلية.

التوزيع الجغرافي لرأس المال الاستثماري

تواجه النساء في أوروبا أيضًا ما يُعرف بـ “الإقصاء المزدوج” بسبب الجنس والموقع الجغرافي. يتركز رأس المال الاستثماري الأوروبي بشكل كبير في مراكز رئيسية مثل لندن وباريس وبرلين وستوكهولم، مما يترك المؤسسين في أوروبا الوسطى والشرقية والجنوبية في وضع غير مؤاتٍ هيكليًا.

تباين الأداء بين الدول الأوروبية

تظهر البيانات تباينًا كبيرًا في أداء الدول الأوروبية فيما يتعلق بمشاركة المرأة في تأسيس الشركات. سجلت لاتفيا أعلى مستويات التنوع بين الجنسين بنسبة 27٪، تليها إيطاليا بنسبة 25.9٪ والبرتغال بنسبة 25.2٪. تمثل هذه النسب ميزة الشركات التي لديها مؤسسة واحدة على الأقل من الإناث.

في المقابل، لا تزال دول مثل جمهورية التشيك (9٪) والمجر (14.4٪) أقل بكثير من المتوسط الأوروبي البالغ 19.3٪. يعكس هذا التباين الحاجة إلى سياسات وبرامج مستهدفة لتعزيز مشاركة المرأة في ريادة الأعمال في هذه الدول.

تأثير الفجوة على الاستثمار بالتجزئة

لا تقتصر الفجوة التمويلية بين الجنسين على الشركات الناشئة، بل تمتد أيضًا إلى الاستثمار بالتجزئة. تشير البيانات إلى أن المستثمرات من الإناث يمتلكن حاليًا حوالي 5.7 تريليون يورو في أوروبا، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 9.8 تريليون يورو بحلول عام 2030. ومع ذلك، إذا استثمرت النساء بنفس معدل الرجال، يمكن لأوروبا حشد ما بين 2 إلى 3 تريليون يورو إضافية من الأصول الاستثمارية الخاصة.

بالإضافة إلى ذلك، تشير التقارير إلى أن الشركات المملوكة للنساء تواجه صعوبات أكبر في الحصول على قروض بنكية، حيث تبلغ معدلات الموافقة على القروض أقل بحوالي خمس نقاط مئوية مقارنة بالشركات المملوكة للرجال، حتى بعد الأخذ في الاعتبار عوامل مثل العمر والحجم والقطاع، وفقًا للبنك الاستثماري الأوروبي.

تعتبر هذه النتائج بمثابة خسارة اقتصادية كبيرة للاتحاد الأوروبي، حيث تمثل رأس مال يمكن أن يساهم في دعم الابتكار والتوظيف والانتقال نحو اقتصاد أكثر اخضرارًا ورقمية.

من المتوقع أن تواصل المفوضية الأوروبية جهودها لمعالجة هذه الفجوة من خلال مبادرات جديدة تهدف إلى تعزيز الوصول إلى التمويل للمرأة في ريادة الأعمال. سيتم التركيز بشكل خاص على تحسين التعليم المالي للمرأة، وتشجيع الاستثمار في الشركات التي تقودها النساء، ومعالجة التحيزات الهيكلية في نظام التمويل. من المقرر تقديم تقرير متابعة حول التقدم المحرز في هذا المجال بحلول نهاية عام 2025، مع الأخذ في الاعتبار التحديات المستمرة والفرص المتاحة.

شاركها.