على وقع تسارع وتيرة التطور في مجال الذكاء الاصطناعي، يجد المستثمرون أنفسهم أمام خيارات مغرية ولكنها محفوفة بالمخاطر. فمع تزايد الأثر الاقتصادي والاجتماعي لهذه التقنية، تتزايد أيضاً التساؤلات حول كيفية الاستفادة من الفرص المتاحة وتجنب المخاطر المحتملة. وتشير التقديرات إلى أن الشركات التكنولوجية الكبرى، المستفيدة بشكل كبير من طفرة الذكاء الاصطناعي، تمثل الآن نسبة 36% من مؤشر ستاندرد آند بورز 500، في حين تستحوذ شركة إنفيديا وحدها على حوالي 8% من المؤشر.
وتشهد الولايات المتحدة الأمريكية دفعة اقتصادية ملحوظة نتيجة الاستثمار الضخم في مراكز البيانات اللازمة لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، يثير هذا الاستثمار مخاوف بشأن تأثيره على سوق العمل، خاصةً الوظائف المبتدئة، بالإضافة إلى الضغوط المتزايدة على موارد الطاقة والمياه. وتشير التقارير إلى أن هذه التحديات تتطلب تخطيطاً استراتيجياً لضمان استدامة النمو.
فرص الاستثمار في الذكاء الاصطناعي تتجاوز النماذج اللغوية
لفهم أفضل لكيفية تحويل الوعود المتعلقة بالذكاء الاصطناعي إلى أرباح ملموسة، استطلعت آراء أربعة خبراء استثمار بارزين. تتفق الآراء على أن الفرص لا تقتصر على النماذج اللغوية الكبيرة، بل تمتد لتشمل التقاطع بين البيانات والبنية التحتية والطاقة والموارد الطبيعية والرعاية الصحية. ويرى الخبراء أن التنوع في الاستثمار هو المفتاح لتحقيق أقصى استفادة من طفرة الذكاء الاصطناعي.
الروبوتاكسي: سوق واعدة لكنها تنافسية
تعتبر كاثي وود، الرئيسة التنفيذية لشركة “أرك إنفست”، أن مجال النقل ذاتي القيادة، أو “الروبوتاكسي” كما تسميه، يمثل أحد أهم فرص الاستثمار في عام 2026. وتقدر وود أن قيمة سوق سيارات الأجرة ذاتية القيادة قد تصل إلى 8 أو 10 تريليونات دولار خلال السنوات الخمس إلى العشر القادمة.
وتؤكد وود على أن شركة تسلا تحتل موقعاً رائداً في هذا المجال، ليس فقط في الولايات المتحدة بل على مستوى العالم. وتستند هذه التوقعات إلى الفكرة القائلة بأن البيانات التشغيلية التي تجمعها الملايين من المركبات ذاتية القيادة على الطرق ستوفر ميزة تنافسية كبيرة وتساهم في تطوير هذه التقنية بشكل أسرع.
الرعاية الصحية: مجال ذو عائد كبير
تبرز الرعاية الصحية كقطاع آخر يحمل إمكانات هائلة للاستفادة من الذكاء الاصطناعي. وتشير التطورات في مجال “تسلسل الجينات” وتقنيات “تسلسل الخلية الواحدة” إلى إمكانية تطوير علاجات أكثر فعالية للأمراض، بما في ذلك السرطان. وتركز وود على شركتين في هذا المجال، وهما “تن إكس جينوميكس” و “تمبس إيه آي”، معتبرةً أنهما تتمتعان بإمكانيات نمو قوية.
تحديات البنية التحتية والطاقة
على الرغم من الفرص الواعدة، يرى خبراء الاستثمار أن هناك تحديات كبيرة يجب معالجتها. فالاستثمار المتزايد في مراكز البيانات يتطلب كميات هائلة من الطاقة والمياه، مما قد يؤدي إلى تفاقم المشاكل البيئية. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي الأتمتة إلى فقدان الوظائف في بعض القطاعات.
ويركز دِني فيش من “جانوس هندرسن” على أهمية الاستثمار في البنية التحتية التي تدعم الذكاء الاصطناعي، مثل الطاقة والبيانات. ويقسم فيش دورة تبني الذكاء الاصطناعي إلى ثلاثة أجزاء: المُمكِّنون (البنية التحتية)، والمعززون (البرمجيات)، والمستخدمون النهائيون (الشركات التي تطبق الذكاء الاصطناعي).
مستقبل الاستثمار في الذكاء الاصطناعي
يشير الخبراء إلى أن النحاس والموارد الأخرى قد تشهد طلباً متزايداً مع انتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مما يجعلها خيارات استثمارية جيدة. كما أن هناك حاجة إلى تطوير مصادر طاقة أكثر استدامة لتلبية احتياجات مراكز البيانات المتزايدة. وفي النهاية، على المستثمرين أن يدركوا أن سوق الذكاء الاصطناعي لا يزال في مراحل تطوره، وأن هناك الكثير من المخاطر والفرص التي يجب تقييمها بعناية.
من المتوقع أن تزداد أهمية الذكاء الاصطناعي في السنوات القادمة، وأن تجد تطبيقات جديدة في مختلف القطاعات. وما زالت التطورات الجارية في هذا المجال تتطلب متابعة دقيقة وتحليل مستمر لفهم تأثيرها على الاقتصاد العالمي والاستثمارات المختلفة. ويتوقع المراقبون أن تطلق الحكومات والمؤسسات المزيد من المبادرات لتسريع تبني هذه التقنية ومعالجة التحديات المرتبطة بها.






