مع اقتراب عام 2026، يواجه العديد من المصريين، بمن فيهم أحمد وآية، تحديات متزايدة في إدارة مدخراتهم. فبعد سنوات من العوائد المرتفعة على الشهادات البنكية، يشهد السوق المصري انخفاضًا ملحوظًا في أسعار الفائدة، مما يثير تساؤلات حول أفضل السبل للحفاظ على قيمة الأموال وتنميتها. هذا التغيير يدفع الطبقة المتوسطة إلى البحث عن بدائل استثمارية متنوعة، مثل الصناديق النقدية، والأسهم، والذهب، والعقارات، في ظل حالة من الحيرة وعدم اليقين.

شهد عام 2025 خفضًا متتاليًا في أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي المصري، حيث بلغت نسبة التخفيض الإجمالية 7.25 نقطة مئوية على مدار خمسة قرارات. وقد انعكس ذلك على انخفاض العائد على الشهادات البنكية، التي تتراوح حاليًا بين 16% و18%، بعد أن كانت تتجاوز 27% في وقت سابق. هذا التراجع في العائد يمثل تحديًا كبيرًا للمدخرين الذين اعتمدوا على الشهادات كمصدر رئيسي للدخل.

تأثير خفض الفائدة على الشهادات البنكية والمدخرات

بدأ استحقاق الشهادات ذات العائد الثابت المرتفع (23.5% شهريًا و27% سنويًا) في وقت قريب، حيث بلغت قيمتها أكثر من تريليون جنيه في بنكي الأهلي ومصر. ومع ذلك، يتردد البنكان في طرح شهادات مماثلة بأسعار فائدة مرتفعة، مما يعكس تحولًا في السياسة النقدية نحو التيسير.

يقترح خبراء اقتصاديون ومصرفيون عدة خيارات لاستثمار المدخرات في عام 2026. يرى عمرو الألفي، رئيس قطاع البحوث بشركة ثاندر لتداول الأوراق المالية، أن الصناديق النقدية قد تكون خيارًا جيدًا للمستثمرين الذين يفضلون المخاطر المنخفضة، حيث تستثمر هذه الصناديق في أذون وسندات الخزانة ذات العوائد المرتفعة نسبيًا.

في المقابل، يرى هاني جنينة، رئيس قسم البحوث بشركة الأهلي فاروس لتداول الأوراق المالية، أن الأسهم المصرية تمثل الخيار الاستثماري الأمثل في ظل مرحلة الاستقرار التي تشهدها السوق حاليًا، والتي يتوقع أن تعقبها مرحلة تعافٍ وصعود تدريجي. وقد شهدت السوق المصرية بالفعل ارتفاعًا في مؤشرها الرئيسي بنحو 44% منذ بداية العام، مع مكاسب لبعض الأسهم تصل إلى 100%.

الذهب كملاذ آمن

مع تزايد حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي، يزداد الإقبال على الذهب كملاذ آمن. يتوقع جنينة أن يواصل المعدن الأصفر تحقيق طفرات سعرية قوية في عام 2026، مدفوعًا بالتوترات الجيوسياسية وتوقعات خفض الفائدة الأمريكية. وقد سجل سعر الذهب مستويات تاريخية في مصر خلال عام 2025، حيث ارتفع بنحو 55% مقارنة بنهاية العام الماضي.

بينما يفضل البعض الاستثمار في الذهب والأسهم، ترى سهر الدماطي، نائبة رئيس بنك مصر الأسبق، أن الشهادات البنكية وأذون الخزانة ستظل الخيار الأول للطبقة المتوسطة، نظرًا لطبيعتها التي لا تفضل المخاطرة. وتضيف الدماطي أن هذه الشريحة تبحث عن استثمار يوفر عائدًا شهريًا أو ربع سنوي منتظمًا يساعدها على تغطية تكاليف المعيشة.

أذون الخزانة تمثل بديلًا آخر جذابًا، حيث توفر عائدًا مجزيًا وآمنًا، ولكنها تتميز بمدة قصيرة تتراوح بين 3 أشهر وسنة واحدة، مما قد يعرض المستثمرين لتراجع العائد عند استحقاقها. وقد باعت مصر أذون خزانة بقيمة تتجاوز 136 مليار جنيه، بزيادة قدرها 81% عن المستهدف.

خيارات الاستثمار المتنوعة

بالإضافة إلى الخيارات المذكورة أعلاه، يمكن للمستثمرين النظر في الاستثمار في العقارات، ولكن هذا الخيار يتطلب رأس مال كبيرًا وقد يكون أقل سيولة من الخيارات الأخرى. ويرى أيمن ياسين، رئيس مجموعة بيزنس كوميونتي، أن الاستثمار في الذهب والفضة هو الأفضل في ظل محدودية الأدوات البديلة، مشيرًا إلى أن أسعار العائد على الشهادات الحالية غير مرضية لمعظم العملاء.

من المهم ملاحظة أن اختيار الاستثمار المناسب يعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك درجة تقبل المخاطر، والأهداف الاستثمارية، والوضع المالي للمستثمر. ينصح الخبراء بتنويع المحافظ الاستثمارية لتقليل المخاطر وزيادة فرص تحقيق العائد.

مع استمرار البنك المركزي في تنفيذ سياسته النقدية التوسعية، من المتوقع أن يستمر انخفاض أسعار الفائدة في عام 2026. هذا يعني أن المدخرين سيحتاجون إلى البحث عن بدائل استثمارية أكثر جاذبية للحفاظ على قيمة أموالهم. من بين العوامل التي يجب مراقبتها عن كثب هي التطورات الاقتصادية العالمية، والتوترات الجيوسياسية، وأداء السوق المحلية.

شاركها.