اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت، اليوم الخميس، المستوطنين الإسرائيليين بارتكاب “جرائم حرب” يومية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة. جاءت تصريحات أولمرت في سياق انتقادات حادة لمجموعة “شبان التلال” الاستيطانية المتطرفة، وتصاعد العنف في المنطقة. وتثير هذه الاتهامات تساؤلات حول المساءلة القانونية والسياسية لأفعال المستوطنين، وتأثيرها على مستقبل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

أدلى أولمرت بهذه التصريحات في مقابلة مع إذاعة إسرائيلية، معربًا عن قلقه العميق إزاء الوضع المتدهور في الضفة الغربية. وأكد أنه “لن يسكت” على ما وصفه بـ “جرائم حرب” ترتكب بشكل يومي، مشددًا على أن هذه الأفعال لا تمثل إسرائيل التي يؤمن بها. وتأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه العنف في الضفة الغربية تصاعدًا ملحوظًا منذ بداية الحرب في غزة.

تصاعد العنف والاتهامات بجرائم الحرب في الضفة الغربية

هاجم أولمرت بشكل خاص مجموعة “شبان التلال”، واصفًا إياها بأنها “جماعة كبيرة مدعومة من الحكومة” تقوم بـ “حملة قتل واضطهاد مروعة” ضد الفلسطينيين. ووفقًا لأولمرت، فإن جيش الاحتلال والشرطة الإسرائيلية يتحملان مسؤولية هذه الجرائم بسبب “التغاضي عنها وإهمال الواجب”.

من هي مجموعة “شبان التلال”؟

تأسست مجموعة “شبان التلال” عام 1998، وهي منظمة شبابية استيطانية ذات توجه يميني متطرف. تؤمن المجموعة بضرورة إقامة دولة يهودية “كبرى” على كامل الأراضي الفلسطينية، وتدعو إلى طرد الفلسطينيين من هذه الأراضي. يتركز وجود أعضاء المجموعة في البؤر الاستيطانية غير القانونية في الضفة الغربية، حيث ينفذون هجمات متكررة ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم.

تعتبر المجموعة مسؤولة عن العديد من الحوادث العنيفة، بما في ذلك عمليات قتل وتدمير الممتلكات، ومصادرة الأراضي الفلسطينية. وقد تطورت المجموعة لتصبح نواة لـ “تدفيع الثمن”، وهي جماعة استيطانية متطرفة أخرى معروفة بهجماتها الانتقامية ضد الفلسطينيين.

تأتي اتهامات أولمرت في ظل تقارير حقوقية فلسطينية وإسرائيلية ودولية متزايدة، تشير إلى تصاعد العنف والانتهاكات التي يرتكبها المستوطنون في الضفة الغربية. وتفيد هذه التقارير بأن أكثر من 700 ألف مستوطن إسرائيلي يعيشون في مئات المستوطنات في الضفة الغربية، وأنهم يرتكبون جرائم يومية بهدف تهجير الفلسطينيين قسريًا. هذه الجرائم تشمل الاعتداءات الجسدية، وتدمير المنازل والمحاصيل، ومصادرة الأراضي، وتقييد حركة الفلسطينيين.

منذ بداية الحرب في قطاع غزة في 8 أكتوبر 2023، كثفت إسرائيل من عملياتها العسكرية والاعتقالات في الضفة الغربية، بالتزامن مع تصاعد العنف من قبل المستوطنين. وقد أدى ذلك إلى استشهاد أكثر من 1093 فلسطينيًا وإصابة حوالي 11 ألفًا، بالإضافة إلى اعتقال حوالي 21 ألفًا، وفقًا لمعطيات رسمية فلسطينية. هناك قلق متزايد من أن إسرائيل تستغل الحرب في غزة لتنفيذ خطط لضم الضفة الغربية بشكل كامل.

تعتبر هذه الاتهامات بـ **جرائم حرب** خطيرة للغاية، وتضع إسرائيل تحت ضغط دولي متزايد. العديد من المنظمات الحقوقية الدولية، مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، قد دعت إلى إجراء تحقيق مستقل في هذه الانتهاكات. بالإضافة إلى ذلك، هناك نقاش متزايد حول ما إذا كان ينبغي محاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم أمام المحكمة الجنائية الدولية. الوضع في الضفة الغربية يثير قلقًا بالغًا بشأن حقوق الإنسان والعدالة.

تتزايد الدعوات الدولية إلى حماية المدنيين الفلسطينيين ووقف العنف المتصاعد في الضفة الغربية. كما يركز المجتمع الدولي على ضرورة محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، وضمان احترام القانون الدولي. تعتبر قضية **المستوطنات الإسرائيلية** غير قانونية بموجب القانون الدولي، وهي عقبة رئيسية أمام تحقيق السلام العادل والدائم.

من المتوقع أن يستمر العنف في الضفة الغربية في التصاعد ما لم يتم اتخاذ خطوات جادة لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع. تشمل هذه الخطوات وقف بناء المستوطنات، وضمان حرية حركة الفلسطينيين، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الأراضي الفلسطينية. في الوقت الحالي، لا يوجد أفق واضح لحل سياسي، مما يزيد من المخاوف بشأن مستقبل المنطقة. من المرجح أن تشهد الأيام والأسابيع القادمة المزيد من التطورات، بما في ذلك ردود الفعل الدولية على اتهامات أولمرت، والتحقيقات المحتملة في الانتهاكات المزعومة. يجب مراقبة الوضع عن كثب، وتقييم تأثيره على عملية السلام.

بالإضافة إلى ذلك، من المهم متابعة أي تطورات تتعلق بجهود الوساطة الدولية، والاجتماعات المحتملة بين الأطراف المعنية. كما يجب الانتباه إلى أي تغييرات في السياسات الإسرائيلية المتعلقة بالضفة الغربية، بما في ذلك إجراءات الأمن والقيود المفروضة على الفلسطينيين. الوضع معقد ومتغير باستمرار، ويتطلب تحليلًا دقيقًا ومستمرًا.

شاركها.