تشهد الساحة الأوروبية تحركات دبلوماسية مكثفة، مع آمال متجددة في تحقيق تسوية لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وتتركز الجهود حاليًا في برلين، حيث يعقد قادة أوروبيون وأمريكيون اجتماعات حاسمة. وتأتي هذه التطورات في ظل استعداد أوروبي لقيادة قوة حفظ السلام في أوكرانيا، ما يعكس أهمية المفاوضات الأوروبية الجارية.

بدأت هذه المفاوضات اليوم، 16 ديسمبر 2025، في برلين، وتستمر طوال اليوم. ينقل الحدث مباشرة عبر قناة Euronews من خلال برنامج “Europe Today” الذي يبث الساعة 8:00 بتوقيت وسط أوروبا. ويشارك في التغطيش مراسلو القناة من برلين وستراسبورغ، بالإضافة إلى استضافة خبراء ومحللين سياسيين.

التقدم في المفاوضات الأوروبية لإنهاء الحرب في أوكرانيا

أعلن قادة أوروبيون عن تحقيق “تقدم كبير” في محادثات السلام مع الأطراف المعنية بالحرب في أوكرانيا، لكنهم أكدوا في الوقت نفسه أنه “لا شيء متفق عليه حتى يتم الاتفاق على كل شيء”. يعكس هذا الحذر التعقيدات الكامنة في التوصل إلى اتفاق شامل يلبي تطلعات جميع الأطراف. وتعتبر هذه المفاوضات من أهم الجهود الدبلوماسية المبذولة منذ بداية الصراع.

بحسب مصادر إعلامية، تركز المناقشات على عدة قضايا رئيسية، بما في ذلك ترسيم الحدود، وضمانات أمنية لجميع الدول، ومستقبل المناطق المتنازع عليها. كما تتناول المحادثات الجوانب الإنسانية، مثل تبادل الأسرى، وتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب.

دور الاتحاد الأوروبي في قوة حفظ السلام

أعربت دول الاتحاد الأوروبي عن استعدادها لتشكيل قوة حفظ سلام في أوكرانيا، وذلك في إطار جهودها الرامية إلى استعادة الاستقرار في المنطقة. لم يتم حتى الآن تحديد تفاصيل هذه القوة، بما في ذلك حجمها ومهامها وميزانيتها. إلا أن هذا الإعلان يعكس التزام الاتحاد الأوروبي بدعم أوكرانيا في سعيها إلى السلام.

في سياق متصل، تستضيف ستراسبورغ حاليًا الاجتماعات الختامية للبرلمان الأوروبي لهذا العام. وتتصدر أجندة الاجتماعات مناقشات حول اتفاقية التجارة بين الاتحاد الأوروبي وتكتل دول أمريكا الجنوبية “ميركوسور”. ومن المتوقع أن تشهد هذه المناقشات مواجهة حادة بين النواب، خاصةً فيما يتعلق بالقضايا البيئية وحقوق الإنسان.

الاحتجاجات الزراعية تضيف تعقيدًا آخر للمشهد الأوروبي، حيث يتوجه أكثر من خمسة آلاف مزارع من جميع أنحاء أوروبا إلى بروكسل لإجراء احتجاج كبير تزامنًا مع قمة الاتحاد الأوروبي. ويرجع هذا الغضب إلى السياسات الزراعية للاتحاد الأوروبي، وتأثيرها على دخل المزارعين وظروف عملهم.

يقول Jakub Janas، مراسل Euronews، إن الاحتجاجات هي تتويج لـ “شتاء الاستياء” الذي يعيشه المزارعون الأوروبيون. ويعزو هذا الاستياء إلى عدة عوامل، بما في ذلك ارتفاع تكاليف الإنتاج، وتدني أسعار المنتجات الزراعية، وتزايد المنافسة من الدول غير الأوروبية. وهناك أيضًا قلق متزايد بشأن مستقبل الزراعة في أوروبا في ظل التغيرات المناخية.

السياسة الزراعية المشتركة للاتحاد الأوروبي (Common Agricultural Policy – CAP) هي محور الكثير من الانتقادات. يرى البعض أنها لا تخدم مصالح المزارعين بشكل فعال، وأنها تركز بشكل كبير على دعم الشركات الزراعية الكبيرة على حساب صغار المزارعين.

الحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى تأثيرها المباشر على المنطقة، أدت أيضًا إلى تفاقم الأزمة الزراعية في أوروبا. حيث تسبب الصراع في تعطيل سلاسل الإمداد الغذائي، وارتفاع أسعار الأسمدة والأعلاف، مما أثر سلبًا على المزارعين الأوروبيين.

يشير المحللون إلى أن هذه التطورات المتزامنة – المفاوضات المتعلقة بأوكرانيا، ومناقشات اتفاقية ميركوسور، والاحتجاجات الزراعية – تعكس مدى التحديات التي تواجه الاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي. وتظهر هذه التطورات أيضًا الحاجة إلى تنسيق الجهود بين مختلف الأطراف المعنية، وإيجاد حلول مستدامة تلبي تطلعات جميع الدول.

من المتوقع أن تستمر المفاوضات في برلين خلال الأيام القليلة المقبلة. وعلى الرغم من التقدم المحرز، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به للوصول إلى حل نهائي. وسيتابع المراقبون عن كثب تطورات هذه المفاوضات، بالإضافة إلى ردود أفعال الأطراف المعنية.

وستكون قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل فرصة لمناقشة هذه القضايا الهامة، واتخاذ القرارات اللازمة. وفي الوقت نفسه، سيراقب الأوروبيون عن كثب مسار الاحتجاجات الزراعية، وتأثيرها المحتمل على السياسات الزراعية للاتحاد الأوروبي. مع بقاء الكثير من التفاصيل غير واضحة، تبقى الساحة الأوروبية في حالة ترقب وانتظار للمستجدات.

شاركها.