تصاعدت مؤخرًا الاتهامات الروسية لأوكرانيا بمحاولة استهداف أحد المقرات الرئاسية التي يستخدمها الرئيس فلاديمير بوتين باستخدام طائرات مُسيرة. وقد قلل خبير عسكري بارز في مجال الطائرات المُسيرة من أهمية هذه الادعاءات، واصفًا الهجوم المزعوم بأنه “من الصعب تصوره” وغير منطقي من الناحية التكتيكية. وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه مفاوضات السلام بين البلدين تعثرًا، مع تبادل الاتهامات وتصاعد التوتر.
تحليل الادعاءات الروسية حول الهجوم المُسير على مقر بوتين
أدلى كاميرون تشيل، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة دراجانفلي، وهي شركة مصنعة للطائرات المُسيرة تزود وزارة الدفاع الأمريكية والجيوش المتحالفة، بما في ذلك أوكرانيا، بتعليقاته حول تقييم مصداقية الادعاءات الروسية. وأكد تشيل أن المزاعم الروسية تفتقر إلى المصداقية، مشيرًا إلى أن التكتيكات الأوكرانية في استخدام الطائرات المُسيرة تتميز غالبًا بالذكاء والكفاءة من حيث التكلفة.
وفقًا لتصريحات وزارة الدفاع الروسية، تم اعتراض 89 طائرة مُسيرة في ثماني مناطق، بما في ذلك 18 في منطقة نوفجورود. لاحقًا، أعلنت الوزارة أنها اعترضت 23 طائرة أخرى. ومع ذلك، يبدو أن تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف تتعارض مع هذه الأرقام، حيث زعم أن 91 طائرة مُسيرة كانت في طريقها إلى مقر إقامة بوتين على شواطئ بحيرة فالداي.
التناقضات في الرواية الروسية
أثارت هذه التناقضات تساؤلات حول دقة الادعاءات الروسية وتوقيتها. كما أن توقيت هذه الاتهامات، بالتزامن مع الاجتماع الذي جمع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يثير الشكوك. رفضت كييف هذه الادعاءات بشكل قاطع، واعتبرتها محاولة لتهيئة الظروف لمزيد من الهجمات.
وعلى الرغم من وصف المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف لإنكار زيلينسكي ووجهات النظر الغربية بأنه “جنون مطلق”، إلا أنه لم يتم تقديم أي دليل مادي على الحطام. ورأى بيسكوف أن الموقف الدبلوماسي الروسي سيتصلب، وحذر رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين من أنه “لن يكون هناك غفران” لزيلينسكي.
يرى تشيل أن الهجوم المُسير على مقر بوتين يتطلب طائرات مُسيرة بعيدة المدى وسريعة الحركة. وهذا يعني، وفقًا لتحليله، أن الطائرات المُسيرة كان يجب أن تنطلق من مسافة قصيرة نسبيًا من مقر الإقامة الرئاسية، ربما من داخل روسيا نفسها، على مسافة لا تتجاوز 10 إلى 30 كيلومترًا. إضافةً إلى ذلك، يرى أن تأمين المقر الرئاسي سيكون عاليًا جدًا مما يجعل استخدام طائرات مُسيرة بطيئة وسهلة نسبيًا أمرًا غير متوقع من الجانب الأوكراني.
الاعتبارات السياسية والتكتيكية
علاوة على ذلك، يشير تشيل إلى أن أوكرانيا لا تعلن مسبقًا عن عملياتها. كما أن تنفيذ الهجوم في الليل يجعله أكثر صعوبة من الناحية الفنية بسبب صعوبة الاعتماد على أنظمة تحديد المواقع العالمي (GPS) أو برامج رسم الخرائط بالذكاء الاصطناعي في ظل ظروف الإضاءة المنخفضة والتشويش الإلكتروني. بالإضافة إلى ذلك، يؤكد تشيل أن أوكرانيا لا تستفيد سياسيًا من هذا الهجوم في خضم مفاوضات السلام، خاصةً مع حاجة أوكرانيا إلى تأمين دعم ترامب.
وقد وصف زيلينسكي الاتهامات بأنها “تزوير كامل”، متهمًا موسكو بتهيئة المناخ لمزيد من الهجمات. وحذر لافروف من الرد، لكنه أكد أن روسيا ستواصل المحادثات مع واشنطن. من جانبه، قال ترامب إنه علم بالهجوم المزعوم مباشرة من بوتين وأنه “غاضب جدًا” بشأنه، مشيرًا إلى أنه سيتم التحقق من الأدلة.
في الختام، تظل مصداقية الادعاءات الروسية محل شك. من المرجح أن يستمر التحقيق في هذا الحادث، مع التركيز على جمع الأدلة وتحليلها. وتعتبر متابعة التطورات السياسية والدبلوماسية المتعلقة بالصراع في أوكرانيا أمرًا بالغ الأهمية، بالإضافة إلى تقييم أي تأثير محتمل لهذا الحادث على مسار مفاوضات السلام. من المتوقع أن ترد روسيا رسميًا على هذه الاتهامات في غضون الأيام القليلة القادمة.






