كابل/طهران – تستضيف إيران اجتماعًا إقليميًا حول أفغانستان اليوم الأحد وغدًا الاثنين، بمشاركة ممثلين عن باكستان وطاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان والصين وروسيا. يأتي هذا الاجتماع في ظل تصاعد التوترات السياسية والأمنية في المنطقة المرتبطة بالوضع في أفغانستان، وخاصة الخلافات الأخيرة بين كابل وإسلام آباد. وتهدف المحادثات إلى بحث سبل تعزيز الاستقرار الإقليمي في ظل التحديات المتزايدة.

وكانت طهران قد أكدت في السابق أن الاجتماع يهدف إلى المساهمة في تخفيف التوتر بين أفغانستان وباكستان، معربة عن استعدادها للعب دور الوسيط. ومع ذلك، شهدت هذه الجهود تحولًا ملحوظًا بعد إعلان الخارجية الإيرانية أن الخلاف الثنائي لن يكون محور النقاش، وأن الاجتماع سيركز على القضايا العامة المتعلقة بالوضع في أفغانستان بشكل أوسع.

اعتبارات دولية في الاجتماع الإقليمي حول أفغانستان

يرى خبراء أن تعديل أجندة الاجتماع يعكس إعادة تقييم إيرانية لقدرتها على التوسط في نزاع معقد ومتشابك. فالخلاف بين أفغانستان وباكستان له جذور عميقة في قضايا أمنية وحدودية وتاريخية، مما يجعل إيجاد حل سريع أمرًا صعبًا.

وقال عبد الكريم خليل، الخبير في الشؤون الأفغانية، إن هذا الخلاف أعمق من أن تتم إدارته من خلال مبادرة دبلوماسية قصيرة الأجل أو اجتماع إقليمي محدود. وأضاف أن التحديات تتطلب جهودًا مستدامة وشاملة.

دور إيران المتغير

يعتقد محمد علي، الباحث في شؤون جنوب آسيا، أن طهران ربما بالغت في تقدير هامش المناورة المتاح لها. وأشار إلى أن وساطات سابقة قادتها دول أخرى، مثل قطر وتركيا، لم تحقق اختراقات حاسمة، مما يقلل من فرص نجاح وساطة إيرانية منفردة.

ويرجع بعض المحللين هذا التحول إلى اعتبارات دولية، خاصة الحساسية تجاه الدور الإيراني من جانب الولايات المتحدة. ويقول داود نيازي، الباحث في العلاقات الدولية، إن واشنطن لا تنظر برضا إلى أي تحرك إيراني في ملفات جنوب آسيا، مما يدفع الأطراف الإقليمية إلى التعامل بحذر مع مبادرات طهران.

وأضاف نيازي أن الإدارة الأمريكية تسعى للحفاظ على دور مؤثر في جهود التهدئة بين أفغانستان وباكستان، مما قد يعيق أي وساطة إيرانية علنية. هذا التنافس الإقليمي والدولي يزيد من تعقيد الوضع.

اعتذار كابل ومخاوف إقليمية

الجدير بالذكر أن الحكومة الأفغانية اعتذرت عن المشاركة في الاجتماع، وهو ما يثير تساؤلات حول دوافعها. ويرى خبراء أن هذا الاعتذار لا يبدو عابرًا، بل يعكس حسابات سياسية ودبلوماسية دقيقة.

من بين الأسباب المحتملة لعدم مشاركة كابل: عدم الرغبة في منح إيران مكسبًا سياسيًا أو دبلوماسيًا، وغياب ملفات جوهرية تهم الحكومة الأفغانية في جدول الأعمال، مثل الاعتراف الدولي ورفع العقوبات. بالإضافة إلى ذلك، قد تسعى كابل إلى تجنب الظهور في منتدى تشاوري يفتقر إلى آليات تنفيذ واضحة أو ضمانات سياسية ملموسة.

ويرى جليل كريمي، الباحث الأفغاني، أن الحكومة الأفغانية تفضل القنوات الثنائية المغلقة على الاجتماعات الإقليمية المفتوحة. ويعتبر أن هذا النهج يعكس سعيها لتحقيق مكاسب سياسية مباشرة بدلاً من الاكتفاء بحضور رمزي.

أمن الحدود والمصالح الإيرانية

من ناحية أخرى، يرى محسن روحي صفت، الدبلوماسي السابق، أن الهواجس الأمنية والمصالح الإيرانية المرتبطة بأمن الحدود الشرقية هي الدافع الرئيسي وراء سعي طهران لإدارة التوتر بين كابل وإسلام آباد. وأوضح أن أي توتر بين الجارين يؤثر على إيران، مما يدفعها إلى العمل على منع أي تصعيد محتمل.

وأشار إلى أن إيران تسعى إلى تحويل أفغانستان من بؤرة توتر إلى جسر للربط والتبادل الاقتصادي، مما يتطلب تحقيق الاستقرار في المنطقة. هذا الطموح يتطلب تعاونًا إقليميًا ودوليًا.

وفي كلمته الافتتاحية للاجتماع، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن “الحلول المستوردة من خارج المنطقة قد فشلت”، داعيًا إلى تعزيز التعاون بين الدول الجوار الأفغاني. وأضاف أن استقرار أفغانستان وتنميتها يمثل ضرورة إستراتيجية للمنطقة بأكملها.

من المتوقع أن تستمر المناقشات في الاجتماع الإقليمي حول أفغانستان ليوم غد، مع التركيز على القضايا العامة المتعلقة بالوضع في البلاد. يبقى من غير الواضح ما إذا كان الاجتماع سيؤدي إلى أي نتائج ملموسة، لكنه يمثل محاولة إقليمية جديدة لمعالجة التحديات المتزايدة في أفغانستان. وسيتعين مراقبة ردود الفعل من كابل وإسلام آباد، بالإضافة إلى موقف الولايات المتحدة، لتقييم فرص نجاح هذه الجهود.

شاركها.