تمت عملية إنقاذ معقدة لإخراج زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماشادو ونقلها إلى النرويج في الوقت المناسب لتسلم جائزة نوبل للسلام. وقد تضمنت العملية، التي أطلق عليها اسم “العملية الديناميت الذهبية”، تحديات كبيرة في البر والبحر والجو. وتعتبر ماشادو شخصية بارزة في النضال من أجل الديمقراطية في فنزويلا، وقد أصبحت قضيتها محط اهتمام دولي بعد اتهامها بالخيانة من قبل حكومة الرئيس نيكولاس مادورو.
عملية إنقاذ ماريا كورينا ماشادو: تفاصيل “العملية الديناميت الذهبية”
قاد عملية الإنقاذ برايان ستيرن، وهو قديم المحاربين في القوات الخاصة الأمريكية ومؤسس مؤسسة “Grey Bull Rescue” التي تتخذ من تامبا مقراً لها، والمتخصصة في عمليات الإنقاذ والإجلاء عالية المخاطر من مناطق النزاع والكوارث. وقد بدأت العملية بعد أشهر من الاختباء بالنسبة لماشادو، التي تعتبرها حكومة مادورو “هاربة من العدالة”.
وبحسب ستيرن، لم تشارك الحكومة الأمريكية بشكل مباشر في العملية. ومع ذلك، فقد عمل فريقه على بناء وجود في منطقة البحر الكاريبي وفنزويلا وجزيرة أروبا المجاورة، استعدادًا لعمليات محتملة في المنطقة. كان التحدي الأكبر هو إخراج ماشادو من البلاد دون لفت الانتباه، نظرًا لشهرتها الواسعة.
تحديات الإخراج من فنزويلا
لتحريك ماشادو من منزلها إلى “موقع إنزال على الشاطئ”، استخدم الفريق أساليب مختلفة لخلق حالة من الارتباك والتضليل. وقد تضمنت هذه الأساليب إخفاء ملامحها واستخدام إجراءات للتمويه الرقمي والجسدي، بالإضافة إلى عمليات تضليل على الأرض لإبعاد الشبهات.
واجهت العملية البحرية صعوبات في البداية، حيث فقدت إحدى القاربين اللذين تم نشرهما إشارة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) بسبب الأمواج المتلاطمة، وتعرضت لعطل ميكانيكي أدى إلى تأخير العملية. اضطر الفريق إلى مواصلة الرحلة في “ظلام دامس” مع بحار مضطربة للغاية، لدرجة أن أحد أفراد ستيرن المخضرمين تقيأ لمدة تسع ساعات متتالية.
وصلت القوارب إلى نقطة الالتقاء، لكن العثور على بعضها البعض في الظلام الدامس مع الحفاظ على الصمت اللاسلكي لتجنب الكشف كان تحديًا إضافيًا. في النهاية، تم تحديد موقع بعضهم البعض باستخدام مصباح يدوي.
أبدى ستيرن حذره الشديد، خشية أن يكون القارب القادم فخًا نصبته القوات الفنزويلية. للتأكد من سلامة الوضع، قامت سفينته الأكبر بالدوران حول قارب ماشادو وإضاءة الطاقم. بعد أن تمكن ستيرن من سحب ماشادو إلى سفينته، أعلن للفريق: “جاكبوت، جاكبوت، جاكبوت!”.
بعد تأمين ماشادو، كان القلق الأكبر هو تجنب أي مظهر من مظاهر الخطف، وهو ما كان يمكن أن يمنح الحكومة الفنزويلية ذريعة لمهاجمتهم. أمر ستيرن قبطان سفينته بالقيادة بأقصى سرعة وعدم التوقف لأي سبب من كان.
خلال عملية الهروب، حلقت طائرتان مقاتلتان من طراز F-18 فوقهم. وصف ستيرن هذا الحدث بأنه تعقيد محتمل، حيث لم يتمكنوا من تحديد ما إذا كانت الطائرات معادية أم صديقة، مشيرًا إلى أنه من غير المرجح أن يكون ذلك جزءًا من تنسيق مع البحرية الأمريكية.
الوصول إلى النرويج وتأثير الجائزة
تمكن الفريق البحري في النهاية من تسليم ماشادو إلى بر الأمان. تم ترتيب الرحلة النهائية إلى النرويج من خلال شبكتها الشخصية باستخدام طائرة خاصة تابعة لصديق. وقد أشادت ماشادو بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لدوره في تعزيز حركة الحرية في فنزويلا، وكرست جائزة نوبل له.
يذكر أن مؤسسة “Grey Bull Rescue” نفذت عمليات في بيئات عالية الخطورة مثل غزة وأوكرانيا والسودان وهايتي، لكن ستيرن أكد أن عملية إخراج ماشادو كانت الأكثر تعقيدًا على الإطلاق في تاريخ المؤسسة الذي يضم 800 مهمة.
من المتوقع أن تستمر ماريا كورينا ماشادو في لعب دور محوري في المعارضة الفنزويلية، وأن تستخدم جائزة نوبل للسلام لزيادة الضغط الدولي على حكومة مادورو. ومع ذلك، لا يزال مستقبلها السياسي غير مؤكد، خاصة وأنها تعتبر “مطلوبة” من قبل السلطات الفنزويلية. سيكون من المهم مراقبة رد فعل الحكومة الفنزويلية على تسلمها الجائزة، والتطورات المحتملة في المشهد السياسي الداخلي.






