أصدرت الحكومة مؤخرًا نظامًا جديدًا يهدف إلى تعزيز الرقابة المالية على الجهات الحكومية، مع التركيز على دور الوزارة والمراقبين الماليين. يهدف هذا النظام إلى ضمان استخدام المال العام بكفاءة وفاعلية، وتعزيز الشفافية والمساءلة في الإدارة المالية الحكومية. ويهدف النظام الجديد إلى تحديث الإجراءات الرقابية بما يتماشى مع التطورات الحديثة في مجال الرقابة، بما في ذلك الرقابة الرقمية والرقابة الذاتية.

يهدف النظام إلى تنظيم العلاقة بين الوزارة والجهات الحكومية فيما يتعلق بالإجراءات المالية، وتحديد مسؤوليات كل طرف. كما يحدد آليات الرقابة المختلفة، بما في ذلك الرقابة المباشرة، والرقابة الذاتية، والرقابة الرقمية، ورقابة التقارير. من المتوقع أن يُحدث هذا النظام تغييرات كبيرة في طريقة إدارة الشؤون المالية في القطاع الحكومي.

تعزيز الرقابة المالية: نظرة على النظام الجديد

يأتي هذا النظام في سياق جهود الحكومة المستمرة لتحسين الأداء المالي للقطاع العام. ووفقًا للنظام، تحتفظ الوزارة بسلطة الرقابة المباشرة على الإجراءات والعمليات ذات الأثر المالي في الجهات الحكومية، وذلك للتأكد من الامتثال للأنظمة واللوائح والتعليمات. وتعتبر هذه الرقابة جزءًا أساسيًا من منظومة الرقابة الداخلية لكل جهة حكومية، ولكنها لا تلغي دور تلك الجهات في تطبيق هذه الأنظمة.

آليات الرقابة الجديدة

يُقدم النظام آليات رقابية متنوعة، بما في ذلك تفويض ممثل مالي للجهة الحكومية في حال خضوعها للرقابة المباشرة. يتولى الممثل المالي مسؤولية إجازة الصرف، بعد التحقق من الامتثال للأنظمة أو في حال وجود إخطار رسمي من الوزير أو المسؤول الأول في الجهة الحكومية. في هذه الحالة، يجب إخطار الديوان العام للمحاسبة خلال 30 يومًا لممارسة صلاحياته.

بالإضافة إلى الرقابة المباشرة، يشجع النظام على تطبيق الرقابة الذاتية في الجهات الحكومية. وتتضمن هذه الرقابة تقييمًا لكفاءة وفاعلية أنظمة الرقابة الداخلية، وأنظمة المعلومات ذات الأثر المالي، وإجراءات الحوكمة. وتهدف الرقابة الذاتية إلى تمكين الجهات الحكومية من مراقبة أدائها المالي بشكل مستقل وتحسينها.

الرقابة الرقمية وتقنية المعلومات

يولي النظام أهمية خاصة للرقابة الرقمية (التقنية)، من خلال مراقبة نظم الموارد الحكومية وتحليل البيانات الصادرة عنها. وتعتبر هذه الرقابة وسيلة فعالة للكشف عن المخالفات والتأكد من الشفافية في الإجراءات المالية. تقوم الوزارة بذلك بالتعاون مع الجهات المنظمة والمشغلة لنظم الموارد الحكومية لتحقيق أقصى قدر من الفعالية.

رقابة التقارير المالية

تعتمد الوزارة أيضًا على رقابة التقارير، من خلال طلب التقارير المالية والرقابية من الجهات الحكومية. وتقتصر هذه الرقابة على بعض الجهات المحددة، وتكون في حدود المبالغ والأعمال المتصلة بتلك الجهات. وتُعد رقابة التقارير أداة مهمة لتقييم الأداء المالي العام وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين.

مسؤوليات الجهات الحكومية والمراقبين الماليين

يفرض النظام على الجهات الحكومية التزامًا بتقديم كافة التسهيلات اللازمة للمراقبين الماليين، وتمكينهم من ممارسة اختصاصاتهم بشكل كامل. وتشمل مسؤوليات الجهات الحكومية تطوير إطار فعال لأنظمة الرقابة الداخلية، وضمان صحة العمليات المالية، والتعاون مع الوزارة لمعالجة أي خلل في الضوابط الرقابية، وتوعية منسوبيها بمتطلبات الرقابة. ويتطلب وجود نظام قوي للرقابة الداخلية أيضًا الالتزام بالأنظمة واللوائح والتعليمات، والاستجابة لملاحظات الوزارة.

أما فيما يتعلق بالمراقبين الماليين، فيُشترط فيهم توافر الشروط اللازمة التي تحددها اللائحة. ويتبع المراقبون الماليون إداراتهم الرقابية في الوزارة، مع ضمان الاستقلالية والموضوعية في أداء واجباتهم. ويجب عليهم بذل العناية المهنية الواجبة، والحفاظ على السرية، والإفصاح عن حالات تعارض المصالح. كما يحق لهم الاطلاع على المستندات السرية لدى الجهة، وفقًا للضوابط المنصوص عليها في اللائحة.

الرقابة الداخلية، وفقًا للنظام، هي مسؤولية مشتركة بين الوزارة والجهات الحكومية، وتهدف إلى حماية المال العام وضمان الشفافية والمساءلة. ويعتبر النظام خطوة مهمة نحو تحقيق هذه الأهداف.

المخالفات والجزاءات

يحدد النظام مجموعة من المخالفات التي تعتبر انتهاكًا لأحكامه، مثل عدم تمكين المراقبين الماليين من الاطلاع على المستندات، وتقديم معلومات غير صحيحة، وعدم الرد على مراسلاتهم. وتترتب على هذه المخالفات جزاءات وعقوبات، يتم تطبيقها وفقًا للأنظمة السارية واللوائح المطبقة في الجهة التابع لها المخالف.

تتضمن الجزاءات المحتملة تحرير واقعة بالمخالفة، واتخاذ إجراءات تصحيحية لمعالجتها، وإحالة المخالفات إلى الجهات المختصة للتحقيق وتطبيق العقوبات المناسبة.

من المتوقع أن تصدر الوزارة اللائحة التنفيذية للنظام خلال 120 يومًا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، مما سيوضح المزيد من التفاصيل حول آليات التطبيق والإجراءات المتبعة. ويُعد هذا النظام نقلة نوعية في مجال الرقابة المالية الحكومية، ومن المتوقع أن يحقق فوائد كبيرة من خلال تعزيز الشفافية والمساءلة والكفاءة في استخدام المال العام. ويجب متابعة اللائحة التنفيذية لمعرفة مدى وضوح الرؤية في تطبيق النظام.

شاركها.