أعلنت الإدارة الأميركية، يوم الجمعة الماضي، عن إلغاء جميع التأشيرات الممنوحة لمواطني جنوب السودان، ردا على رفض حكومة جوبا المستمر استقبال مواطنيها الذين صدرت بحقهم قرارات ترحيل من الولايات المتحدة.

وبحسب ما نقلته صحيفة نيويورك تايمز، فإن هذا القرار الصارم يأتي بعد سلسلة من المحاولات الفاشلة لإقناع السلطات في جنوب السودان بقبول المرحّلين.

وهو ما تعتبره واشنطن انتهاكًا للتعاون الدولي في ملف الهجرة.

وأكد مسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية أن هذه العقوبات تأتي بموجب قانون الهجرة والجنسية، الذي يتيح للولايات المتحدة فرض قيود على التأشيرات عندما ترفض دولة ما استلام مواطنيها المُرحّلين.

طائرة للأمم المتحدة في مطار جوبا (شترستوك)

خلفية الأزمة

حاولت الولايات المتحدة على مدى سنوات ترحيل عدد من المواطنين الجنوب سودانيين، بعضهم مدانون في قضايا جنائية، إلا أن حكومة جوبا امتنعت عن إصدار وثائق السفر اللازمة، مما أعاق تنفيذ قرارات الترحيل.

ورغم الاتصالات الدبلوماسية المتكررة، لم تُحرز أي تقدم يُذكر.

وصرح أحد كبار المسؤولين في إدارة ترامب أن “حكومة جنوب السودان تجاهلت مرارًا وتكرارًا التزاماتها الدولية، ولم تلتزم بإعادة مواطنيها”.

نطاق القرار وتأثيره

ووفقًا لتقرير الغارديان، فإن القرار الأميركي لا يقتصر على فئة معينة، بل يشمل كافة أنواع التأشيرات، بما في ذلك تأشيرات الدبلوماسيين، والطلاب، والباحثين، وأصحاب الأعمال.

ولم تُحدد وزارة الخارجية عدد المتأثرين بالقرار، لكنها أكدت دخوله حيز التنفيذ فورًا.

وقد أثار القرار فور صدوره موجة من القلق والارتباك داخل أوساط الجالية الجنوب سودانية المقيمة في الولايات المتحدة، لا سيما أولئك الحاصلين على تأشيرات دراسية أو إنسانية.

وأشار محامون مختصون في الهجرة إلى أن هذا الإجراء قد يُعقّد الوضع القانوني للعديد من الأشخاص الذين يعيشون حاليًا في البلاد بتصاريح مؤقتة.

ولم تُصدر حكومة جنوب السودان، حتى الآن، أي بيان رسمي بشأن القرار الأميركي.

ويرى مراقبون أن هذا الصمت يعكس إما حالة من الارتباك الداخلي، أو عجزًا عن الرد، وسط أزمة سياسية واقتصادية متفاقمة في البلاد.

السياق الأوسع للموقف

لم يكن استخدام الولايات المتحدة لملف التأشيرات كأداة ضغط دبلوماسي أمرًا جديدًا؛ فبحسب نيويورك تايمز، سبق أن فرضت قيودًا مشابهة على دول مثل غينيا، وإريتريا، وكمبوديا. إلا أن فرض حظر شامل كما هو الحال مع جنوب السودان يظل نادرًا.

ويرى مراقبون أن القرار الأميركي يحمل كذلك رسالة أوسع مفادها أن واشنطن لن تتهاون مع ما تعتبره “عرقلة متعمدة” لتطبيق قوانين الهجرة، خاصة في ظل إدارة تُظهر توجهًا أكثر تشددًا في هذا الملف.

شاركها.