أعلنت بريطانيا والولايات المتحدة، يوم الاثنين، عن اتفاقية تهدف إلى إعفاء صادرات الأدوية البريطانية من الرسوم الجمركية الأمريكية لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات. وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود أوسع لتعزيز العلاقات التجارية بين البلدين، كما أشار مسؤولون من كلا الجانبين. وتشمل الاتفاقية إعفاءات على الأدوية والمكونات الصيدلانية والتكنولوجيا الطبية، مما قد يؤثر بشكل إيجابي على توافر الأدوية للمرضى.

الاتفاق الجديد، الذي تم التوصل إليه بعد مفاوضات مطولة، يمثل تطوراً هاماً في العلاقات الاقتصادية بين لندن وواشنطن. وبحسب البيانات الرسمية، تبلغ قيمة صادرات الأدوية البريطانية إلى الولايات المتحدة مليارات الدولارات سنوياً، وكانت تخضع لرسوم جمركية تحد من القدرة التنافسية لهذه المنتجات. هذا الإعفاء يأتي في وقت تسعى فيه بريطانيا لتوسيع نطاق اتفاقيات التجارة الحرة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.

تعزيز التجارة الدوائية: تفاصيل اتفاقية إعفاء صادرات الأدوية البريطانية

تتضمن الاتفاقية التزاماً متبادلاً من كلا الطرفين. ففي حين ستقوم الولايات المتحدة بإعفاء الأدوية البريطانية من الرسوم الجمركية، التزمت شركات الأدوية البريطانية بزيادة استثماراتها في الولايات المتحدة. تهدف هذه الاستثمارات إلى خلق فرص عمل جديدة وتعزيز البحث والتطوير في قطاع الدواء الأمريكي، وفقًا لتصريحات رسمية.

وتشمل الإعفاءات جميع أنواع الأدوية والمكونات الصيدلانية، بالإضافة إلى الأجهزة والمعدات الطبية المصنعة في المملكة المتحدة. سيؤدي هذا إلى تخفيض تكلفة الأدوية البريطانية في السوق الأمريكية، وبالتالي زيادة قدرتها التنافسية مقارنة بالمنتجات الأخرى. وترى الحكومة البريطانية أن هذا الإجراء سيساعد في الحفاظ على مكانة المملكة المتحدة كمركز عالمي للابتكار في مجال الأدوية.

الاستثمارات البريطانية في الولايات المتحدة

كجزء من الاتفاقية، أعلنت الحكومة البريطانية عن زيادة في الاستثمار في تطوير الأدوية الجديدة بنسبة 25%، وهي أكبر زيادة في الإنفاق على هذا المجال منذ أكثر من عقدين. تهدف هذه الزيادة إلى دعم البحث العلمي وتشجيع الشركات البريطانية على تطوير علاجات مبتكرة لأمراض مختلفة. بالإضافة إلى ذلك، تسعى الحكومة إلى تسهيل عملية تسجيل الأدوية البريطانية في الولايات المتحدة، من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية وتوفير الدعم الفني للشركات.

أكدت وزيرة العلوم والتكنولوجيا البريطانية، ليز كيندال، أن الاتفاقية ستضمن حصول المرضى البريطانيين على أحدث الأدوية في وقت أقرب. وأضافت أن الشركات البريطانية الرائدة ستواصل تطوير العلاجات التي يمكن أن تغير حياة الناس. ويرى مراقبون أن هذه الاتفاقية تعكس التزام كلا البلدين بتعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية.

من جانبه، قال وزير الصحة الأمريكي، روبرت إف. كينيدي الابن، إن الاتفاقية تعزز البيئة العالمية للأدوية المبتكرة. وأضاف أنها تحقق توازناً طال انتظاره في تجارة الأدوية بين الولايات المتحدة وبريطانيا، كما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية. في هذا السياق، من المهم الإشارة إلى أن الولايات المتحدة هي أكبر سوق للأدوية في العالم، وتمثل حوالي 40% من إجمالي الإنفاق العالمي على الأدوية.

يأتي هذا الاتفاق بعد اتفاق سابق بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بشأن إطار عمل لاتفاقية تجارية أوسع. يهدف هذا الإطار إلى خفض الرسوم الجمركية الأمريكية على السيارات والصلب والألمنيوم البريطانية، مقابل زيادة وصول المنتجات الأمريكية، مثل لحوم البقر والإيثانول، إلى السوق البريطانية. التجارة الحرة هي هدف رئيسي لكلا البلدين، ويعتبر هذا الاتفاق خطوة مهمة نحو تحقيق هذا الهدف.

القطاع الدوائي يشهد حاليًا تحولات كبيرة على مستوى العالم، مع تزايد التركيز على الابتكار والتكنولوجيا. تعتبر هذه الاتفاقية فرصة لكلا البلدين للاستفادة من هذه التحولات وتعزيز مكانتهما في هذا القطاع الحيوي. كما أنها تعكس أهمية التعاون الدولي في مواجهة التحديات الصحية العالمية.

من المتوقع أن يتم تطبيق هذه الاتفاقية بشكل كامل في غضون الأشهر القليلة المقبلة، بعد استكمال الإجراءات القانونية والإدارية اللازمة. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض النقاط التي تحتاج إلى توضيح، مثل آليات مراقبة تنفيذ الاتفاقية وضمان التزام الشركات بزيادة استثماراتها. يتوقع المراقبون أن يشهد قطاع صناعة الأدوية نمواً ملحوظاً في كلا البلدين نتيجة لهذه الاتفاقية، ولكن يبقى من المبكر تحديد مدى هذا النمو بشكل دقيق. ينبغي متابعة أداء صادرات الأدوية البريطانية إلى الولايات المتحدة خلال الفترة القادمة لتقييم الأثر الفعلي لهذه الاتفاقية.

شاركها.