أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن توقيع اتفاقية لمدة خمس سنوات مع رواندا بقيمة 228 مليون دولار أمريكي لدعم قطاع الصحة في البلاد. يمثل هذا الاتفاق، الذي وقعه الطرفان في 12 أغسطس 2025، خطوة ثانية في إطار “استراتيجية أمريكا أولاً للصحة العالمية” التي تهدف إلى تعزيز الاعتماد على الذات في إدارة الأنظمة الصحية للدول المستفيدة. يهدف هذا التعاون إلى تحسين جودة الرعاية الصحية وتعزيز القدرات المحلية في رواندا.
وتأتي هذه الخطوة بعد أسبوع من توقيع اتفاق مماثل مع كينيا، مما يؤكد التزام الإدارة الأمريكية بتطبيق هذا النهج الجديد في أفريقيا. أفادت الخارجية الأمريكية أن الاتفاقية تهدف إلى بناء منظومة صحية رواندية قادرة على إنقاذ الأرواح وتعزيز صحة المواطنين، مع تحقيق منفعة متبادلة لأمن الولايات المتحدة. ويستند هذا النهج إلى مبدأ الشراكة والمسؤولية المشتركة في تحقيق التنمية الصحية المستدامة.
تفاصيل المساعدة في قطاع الصحة
ستخصص الولايات المتحدة ما يصل إلى 158 مليون دولار أمريكي لدعم برامج محددة في رواندا. تشمل هذه البرامج مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، والملاريا، والأمراض المعدية الأخرى التي تشكل تحديًا كبيرًا للصحة العامة في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، ستساهم الأموال في تعزيز قدرات رواندا على مراقبة الأمراض والاستجابة السريعة لتفشيها.
ولكن، لا يقتصر دور رواندا على تلقي المساعدات. فقد التزمت الحكومة الرواندية بزيادة استثماراتها المحلية في الرعاية الصحية بمقدار 70 مليون دولار أمريكي. يهدف هذا الالتزام إلى تحمل مسؤولية مالية أكبر في تطوير قطاعها الصحي، وتقليل الاعتماد على الدعم الخارجي على المدى الطويل. ويعكس هذا التوجه إرادة رواندا في بناء نظام صحي مستدام وقادر على تلبية احتياجات مواطنيها.
أهداف الاستراتيجية الأمريكية
تعتبر “استراتيجية أمريكا أولاً للصحة العالمية” مبادرة تهدف إلى إعادة توجيه المساعدات الصحية الأمريكية نحو تعزيز الأمن الصحي العالمي. وفقًا لبيان صادر عن وزارة الخارجية، تسعى الاستراتيجية إلى ضمان قدرة الدول الشريكة على الاستجابة بفعالية للأزمات الصحية، وتقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية في مجال الصحة. وقد أثار هذا النهج جدلاً واسعاً حول تأثيره على الدول النامية، لكن الإدارة الأمريكية تصر على أنه يهدف إلى تعزيز الشراكات طويلة الأمد وتحقيق نتائج أفضل.
ردود الفعل الرواندية
أعرب وزير خارجية رواندا، أوليفييه Duhungirehe، عن ترحيبه بالاتفاقية، مؤكدًا أنها دليل على الشراكة القوية بين رواندا والولايات المتحدة. وأضاف أن الاتفاقية تعكس طموح رواندا في بناء نظام صحي يتميز بالاعتماد على الذات، والقدرة على التكيف مع التحديات المتغيرة، والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة. وتعتبر رواندا من الدول الرائدة في أفريقيا في مجال الاستثمار في قطاع الصحة.
التغطية الصحية في رواندا قد شهدت تحسينات ملحوظة في السنوات الأخيرة، بفضل جهود الحكومة والشراكات مع المنظمات الدولية. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة قائمة، مثل نقص الكوادر الطبية المدربة، ومحدودية الوصول إلى الخدمات الصحية في المناطق النائية، وارتفاع معدلات الأمراض المعدية. وهذه الاتفاقية الجديدة قد تساعد في معالجة بعض هذه التحديات وتعزيز التقدم المحرز.
بالإضافة إلى ذلك، تشمل مجالات التعاون المحتملة تطوير البنية التحتية الصحية، وتحسين نظم إدارة المعلومات الصحية، وتعزيز الوقاية من الأمراض، وتوسيع نطاق التأمين الصحي. وتعتبر هذه المجالات حيوية لتحقيق التنمية الصحية المستدامة في رواندا.
من المتوقع أن يتم تحديد تفاصيل تنفيذ الاتفاقية في الأشهر القادمة، بما في ذلك تحديد الأولويات والمؤشرات الرئيسية لقياس الأداء. وسيتطلب التنفيذ الفعال للاتفاقية تنسيقًا وثيقًا بين الحكومة الرواندية والوكالات الأمريكية المعنية. ويجب مراقبة التقدم المحرز في تنفيذ الاتفاقية وتقييم تأثيره على صحة المواطنين في رواندا.
في الختام، تمثل هذه الاتفاقية خطوة مهمة في تعزيز التعاون الصحي بين الولايات المتحدة ورواندا. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح كيف ستؤثر “استراتيجية أمريكا أولاً للصحة العالمية” على المساعدات الصحية الأمريكية للدول الأخرى في أفريقيا والعالم. سيكون من المهم متابعة التطورات في هذا المجال وتقييم تأثيرها على الصحة العالمية.






