رغم فرحتهم بانتهاء القصف والدمار الإسرائيلي، فإن أهالي قطاع غزة لا تنتهي مآسيهم وأحزانهم، فخلال عودتهم لبيوتهم وممتلكاتهم المدمرة في مختلف مناطق القطاع، يتجدد الألم والوجع والحسرة على أحباب فقدوهم.

وعلى مدى أشهر عانى سكان رفح (جنوبي قطاع غزة) من التهجير القسري وعدم معرفة ما حلّ بمدينتهم، وخلال عودتهم بعد اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار تفاجؤوا بمشاهد مروعة.

وبوجع شديد تروي إحدى السيدات قصتها مع المعاناة التي سبّبها لها الاحتلال الإسرائيلي بعدوانه على قطاع غزة، وتقول لقناة الجزيرة إنها عاشت 17 سنة أرملة وتولت تربية أطفالها، ولكن بيتهم الذي بنوه تدمر. “زوجي مات وتركنا وياريت لو متنا معه”.

وحسب شهادة رجل كان يجلس بين الركام، فقد دمر الاحتلال الإسرائيلي كل البيوت، ولكنه كان مصمما على العودة والتمسك بأرضه قائلا “سنرجع ونكمل حياتنا.. بدأنا من الصفر وسنعيد بناءها من الصفر”.

ويروي رجل آخر كيف أنهم تركوا فجأة بيوتهم وكل حاجاتهم في 28 مايو/أيار ونزحوا إلى مدينة خان يونس جنوبي القطاع، ومكثوا ببيت مدمر، ويقول إنهم رجعوا اليوم لبيوتهم المدمرة ليبحثوا بين ركامها عن ملابس لهم ولأطفالهم.

ومن جهتها، قالت سيدة كانت تقف بين أنقاض منزلها المدمر إنها عادت للبحث عن أي شيء أو أي حاجة تساعدهم، لأنهم يمكثون في خيم داخل خان يونس، وقالت “لا نملك أي شيء، الأطفال ليس لديهم ما يلبسونه وما يتغطون به”.

وأضافت هذه السيدة “كان عندي أمل أن أعثر على أي حاجة في البيوت التي تعبنا عليها 20 سنة.. كل شيء راح في لحظة”.

ولم يكن حال أحد كبار السن أفضل من غيره، وهو يتفقد البيوت المدمرة، ويقول إن منزل جيرانهم المكون من 5 طوابق، كلها انهارت وصار ركاما “لا تصلح للسكن وحتى للحيوانات لا تصلح”.

بيد أن هذا الرجل تعهد بأنهم سيعودون إلى بيوتهم في الأيام القادمة وسيتدبرون أمورهم، لأنهم لن يبقوا في الخيام، وأشار الرجل -وهو جالس على بقايا أريكة نجت من قصف الاحتلال- إلى بيته الذي يرفرف على أنقاضه علم فلسطين.

ومن جهته، تساءل أحد الرجال عن مصير الغزيين، قائلا “لا نعرف أن نجلس ولا أين نذهب”، وهو نفس حال سيدة أخرى قالت للجزيرة وهي جالسة على ركام بيوت مدمرة، “نحاول نستصلح ونشوف لنا حاجة.. نحن مش قادرين حتى أن نأتي إلى هنا”.

وأضافت السيدة أنهم وضعوا تعبهم وحصاد عمرهم في بيت وعاشوا فيه 18 سنة، و”لكنه راح بلحظة”، و اليوم “لا بيت ولا دار ولا حتى مكان يؤوينا في رفح.. أين يمكننا وضع خيامنا؟ وأين نذهب؟”.

ورغم الألم، فإن الابتسامة لم تغب عن وجه شاب كان يعيد بناء بيتهم بشكل رمزي، ويقول “رجعنا ناقصين.. أخونا الصغير استشهد وكان عريسا والحمد الله”. ويذكر أن لا مأوى لهم، لكنهم سيصنعون مأوى يقيمون به. ويلخص هذا الشاب وضع النازحين بالقول “من خيمة إلى خيمة للأسف.. وياريت كانت خيمة”.

شاركها.