اندلعت مواجهات بين نواب المعارضة والشرطة داخل البرلمان الألباني يوم الخميس، على خلفية تصاعد التوترات بشأن اتهامات بالفساد الموجهة إلى نائبة رئيس الوزراء بليندا بالوكو ومسؤولين كبار آخرين. جاءت هذه الاشتباكات بعد طلب من هيئة مكافحة الفساد والجريمة المنظمة (SPAK) رفع الحصانة عن بالوكو لاتخاذ إجراءات قانونية بحقها. وتتصاعد الأزمة بينما تتجه ألبانيا نحو تصويت حاسم على هذا الطلب.
الخلاف السياسي واشتباكات في البرلمان الألباني على خلفية اتهامات بالفساد
شهدت جلسة البرلمان اضطرابًا كبيرًا، حيث قام نواب من الحزب الديمقراطي المعارض بإشعال مشاعل سوداء وإلقاء الماء على رئيس البرلمان واحتلال المقاعد المخصصة للوزراء بهدف تعطيل سير الجلسة، وذلك قبيل أداء القسَم من قبل مفوض حقوق المواطن الجديد. تدخلت الشرطة لفضّ التجمهر، ودفع النواب بعيدًا عن المنصة لضمان استكمال الإجراءات.
تأتي هذه الأحداث في وقت يواجه فيه رئيس الوزراء إدي راما أزمة متزايدة، حيث تعتبر بالوكو أقرب حلفائه. وقد فاز حزبه الاشتراكي بولاية رابعة على التوالي في الانتخابات الأخيرة، لكن هذه الاتهامات تلقي بظلال من الشك على نزاهة الحكومة.
تفاصيل الاتهامات الموجهة إلى بالوكو
وفقًا لما ذكرته هيئة مكافحة الفساد، فإن بالوكو متهمة بالتورط في ممارسات فساد تهدف إلى تفضيل شركات معينة في مشاريع بنية تحتية كبرى، تقدر قيمتها بمئات الملايين من اليوروهات. وتشمل هذه المشاريع نفقًا جديدًا وطريقًا دائريًا في العاصمة تيرانا. صدر بحقها حكم نهائي في 31 أكتوبر الماضي باتهامها بإساءة استخدام النفوذ في عملية عطاء للنفق جنوبي ألبانيا.
لاحقًا، أضافت الهيئة تهمة أخرى في 21 نوفمبر تتعلق بانتهاكات مزعومة في مشروع بناء طريق في تيرانا. في نفس اليوم، أصدرت محكمة قرارًا أوليًا بإقالة بالوكو من منصبها، وهو القرار الذي أثار جدلاً واسعًا.
بالوكو تنفي بشدة جميع هذه الاتهامات، ووصفتها في خطاب أمام البرلمان في نوفمبر بأنها “تشويه سمعة، وتكهنات، وأنصاف حقائق، وأكاذيب”. وتزعم أنها ضحية حملة سياسية تهدف إلى تقويض الحكومة.
تلقى هذا الوضع انتقادات من المعارضة الألبانية وتدقيقًا دوليًا. وقال السفير الألباني السابق لدى الولايات المتحدة والأمم المتحدة، أغيّم نيشو، في مقابلة مع قناة فوكس نيوز الرقمية في 13 ديسمبر، إن الحكومة تبدو عازمة على حماية بالوكو بدلاً من السماح للعدالة بأن تسير بشكل مستقل، واصفًا الوضع بأنه “استيلاء على الدولة”.
في المقابل، امتنعت وزارة الخارجية الأمريكية عن التعليق على القضية، مشيرة إلى أنها “لا تعلق على المسائل القانونية الجارية”. هذا الموقف أثار استياءً لدى بعض المراقبين، الذين اعتبروه إشارة إلى عدم رغبة واشنطن في التدخل في الشؤون الداخلية لألبانيا.
الوضع القانوني والمخاوف الدولية
تعتبر ألبانيا عضوًا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وحليفًا رئيسيًا للولايات المتحدة في منطقة البلقان. وتقدم الولايات المتحدة تمويلًا للإصلاحات القضائية في ألبانيا، بهدف الحد من الفساد كجزء من سعي البلاد للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. الفساد المتفشي يشكل عقبة رئيسية أمام طموحات ألبانيا في التكامل الأوروبي.
يجدر بالذكر أن قضية بالوكو ليست الوحيدة التي تثير قلقًا بشأن الفساد في ألبانيا. شهدت البلاد في السنوات الأخيرة عددًا من الفضائح الأخرى التي تورط فيها مسؤولون حكوميون، مما زاد من تفاقم حالة عدم الثقة بين المواطنين والحكومة. هناك حاجة ماسة إلى إصلاحات هيكلية لتعزيز سيادة القانون ومكافحة الفساد بفعالية.
يسعى البرلمان الآن إلى التصويت على طلب رفع الحصانة عن بالوكو في جلسة مقررة يوم الجمعة. من المتوقع أن يكون التصويت حاسمًا، وقد يؤدي إلى اعتقالها وبدء محاكمة بتهم الفساد. في حال تم رفع الحصانة، فإن الخطوة التالية ستكون قيام السلطات القضائية باتخاذ الإجراءات اللازمة للتحقيق في التهم الموجهة إليها وتقديمها إلى العدالة. يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه القضية ستؤدي إلى إصلاحات حقيقية في نظام مكافحة الفساد في ألبانيا، أم أنها ستنتهي كباقي القضايا المماثلة دون تحقيق العدالة.
*ملاحظة: تم دمج المعلومات من المصدر الأصلي مع معلومات إضافية بهدف تقديم تغطية أكثر شمولية ومتوازنة.






