كشفت بيانات أولية لوزارة الداخلية البريطانية عن وصول أكثر من 30 ألف مهاجر إلى بريطانيا عبر قناة المانش منذ بداية هذا العام، رغم جهود حكومة حزب العمال الجديدة للحد من هذه الظاهرة. ووصل عدد الوافدين حتى الآن إلى 30 ألفا و431 مهاجر، معظمهم من شمال فرنسا.
وعبر 564 شخصا – يوم الأربعاء الماضي – على متن 12 قاربا إلى جنوب بريطانيا، ليصل إجمالي الوافدين خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي وحده إلى حوالي 5 آلاف و200، مما يجعله من أكثر الأشهر ازدحاما في تاريخ الهجرة عبر القناة.
وتتصاعد الضغوط على حكومة رئيس الوزراء كير ستارمر لتنفيذ وعودها الانتخابية، خاصة بعد إلغاء المخطط الذي وضعه حزب المحافظين لترحيل المهاجرين غير الشرعيين إلى رواندا، وهو القرار الذي أثار انقسامات سياسية حادة في البلاد.
وتم تعيين مارتن هيويت على رأس جهاز “قيادة أمن الحدود” الجديد لمواجهة تدفق الهجرة المتزايد عبر القناة، حيث يتركز دوره في محاربة عمليات تهريب البشر وتعزيز الأمن البحري.
كما أعلنت حكومة ستارمر في سبتمبر/أيلول الماضي عن تخصيص 75 مليون جنيه إسترليني (98 مليون دولار) لتعزيز تدابير أمن الحدود، وتوظيف مزيد من ضباط وكالة الحدود لضمان السيطرة على الأعداد المتزايدة. ومن المتوقع أن يستخدم هذا التمويل إلى تقوية قدرات المراقبة في المنطقة، وإقامة تعاون مع السلطات الفرنسية لمحاولة منع عمليات الانطلاق من السواحل الفرنسية.
ورغم الإجراءات المشددة، استمرت أعداد المهاجرين في الارتفاع. وتشير بعض التقارير إلى أن الصعوبات الاقتصادية والأوضاع الأمنية المتدهورة في بعض الدول تشجع الأفراد على المخاطرة بحياتهم للوصول إلى أوروبا، مما أدى إلى تزايد أعداد محاولات عبور القناة، أحد أكثر الممرات البحرية ازدحاما وخطورة في العالم.
حوادث غرق
وشهد عام 2024 ارتفاعا غير مسبوق في عدد حوادث الغرق المأساوية، حيث لقي العشرات من المهاجرين حتفهم أثناء محاولاتهم عبور القناة في قوارب صغيرة، غالبا ما تكون غير مؤهلة لتحمل الأمواج العالية والتيارات القوية في القناة.
ويشير الخبراء إلى أن هذه الحوادث تعتبر من أكثر حوادث الغرق في القناة منذ بدء موجة الهجرة غير النظامية عبر القوارب الصغيرة في عام 2018، عقب إغلاق الطرق التقليدية عبر النفق المائي وميناء كاليه.
ومع ارتفاع عدد الحوادث، تتزايد المطالبات للسلطات البريطانية بتبني سياسات أكثر حزما، وسط دعوات من نشطاء حقوق الإنسان للتحرك السريع لحماية أرواح المهاجرين وتقديم مساعدات طارئة لهم.
وكانت قضية الهجرة غير الشرعية محورا رئيسيا في الحملات الانتخابية الأخيرة. وكان السياسي المناهض للهجرة نايجل فاراج، زعيم حزب الإصلاح، قد حقق نتائج قوية في حملته الانتخابية التي تركزت بالكامل تقريبا على قضية الهجرة، إذ نال حزبه نحو 4 ملايين صوت، وهو رقم غير مسبوق لحزب يميني متطرف في بريطانيا.
وبينما تتعرض حكومة ستارمر للضغوط من أجل تنفيذ إصلاحات صارمة، يرى الخبراء أن معالجة الهجرة عبر القنوات تتطلب تعاونا أوسع بين الدول الأوروبية واستثمارا أكبر في تنمية المناطق التي تتم فيها هذه الرحلات الخطرة.