أعيد افتتاح سوق عيد الميلاد في مدينة ماغديبورغ الألمانية، بعد مرور عام تقريبًا على الهجوم الإرهابي الذي أسفر عن مقتل ستة أشخاص، بينهم طفل. ويعكس هذا الافتتاح تصميم المدينة على مواجهة الخوف واستعادة روح الاحتفال، مع التركيز الشديد على تدابير الأمن في أسواق عيد الميلاد. وتأتي هذه الخطوة بعد مخاوف أمنية واسعة النطاق، ومراجعة شاملة لبروتوكولات السلامة.

عودة أسواق عيد الميلاد في ألمانيا: تحديات أمنية وإرادة شعبية

شهد افتتاح السوق حضورًا لافتًا لأكثر من 140 تاجرًا، يعرضون سلعًا تقليدية واحتفالية مثل الشموع والقبعات الصوفية واللوز المقرمش وغيرها من الحلوى المرتبطة بعيد الميلاد. بالإضافة إلى الأكشاك التجارية، يضم السوق حلبة للتزلج على الجليد وعجلة فيريس، مما يوفر تجربة متكاملة لزواره. وأعرب بول-غيرهارد شتيجر، المدير التنفيذي لسوق ماغديبورغ، عن أمله في أن يستعيد الناس بهجة التسوق والاستمتاع بفعاليات السوق، مع التقدير الكامل لأحداث العام الماضي.

يأتي هذا الافتتاح في ظل مناخ عام من الحذر المتزايد بشأن الأمن العام في أوروبا، خاصة بعد سلسلة من الهجمات التي استهدفت التجمعات العامة. وقد استثمرت مدينة ماغديبورغ، بالتنسيق مع منظمي السوق، ما يزيد عن 288 ألف دولار أمريكي في أنظمة أمنية جديدة، وفقًا لتقارير وكالة الأنباء الألمانية (dpa).

تفاصيل الهجوم والتحقيقات

في 20 ديسمبر 2024، دهس المتهم طالب العبد المحسن، وهو طبيب سعودي يبلغ من العمر 51 عامًا، بسيارته حشدًا من الناس في سوق عيد الميلاد، مما أسفر عن مقتل خمس نساء وطفل وإصابة العشرات. ويُزعم أن العبد المحسن وصل إلى ألمانيا عام 2006 وحصل على إقامة دائمة. ووفقًا للادعاء العام، فقد استخدم سيارة BMW X3 مسروحة للسيارات وقادها بسرعة تصل إلى 30 ميلاً في الساعة عبر السوق.

بدأت محاكمة العبد المحسن الأسبوع الماضي، ومن المتوقع أن يواجه السجن مدى الحياة إذا أدين. ويواجه تهم القتل فيما يتعلق بوفاة الستة ضحايا، بالإضافة إلى محاولة قتل 338 شخصًا آخرين. علاوة على ذلك، يواجه اتهامات بإحداث أذى جسدي خطير ضد 309 شخصًا، كما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC).

ووفقًا لما صرح به المدعي العام ماتياس بوتشر للمحكمة، فإن أفعال العبد المحسن كانت مدفوعة “بإحباط شخصي مفترض” ورغبته في إحداث أكبر قدر ممكن من الأذى لجذب الانتباه. وقد أشار الادعاء إلى عدم وجود دوافع سياسية واضحة للهجوم، بل دوافع شخصية بحتة.

تعكس هذه القضية أيضًا نقاشًا أوسع حول سياسات الهجرة في ألمانيا، وتحديات دمج القادمين الجدد في المجتمع. وقد لفت انتباه البعض إلى أن العبد المحسن كان قد حصل على إقامة دائمة بعد فترة من العيش في ألمانيا، مما يثير تساؤلات حول فعالية إجراءات الفحص والتقييم.

ويذكر أن هذا الحادث ليس الأول من نوعه الذي يستهدف أسواق عيد الميلاد في ألمانيا. ففي عام 2016، وقع هجوم مماثل في برلين، مما أدى إلى مراجعة شاملة لتدابير الأمن في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك زيادة عدد الدوريات الأمنية واستخدام حواجز الخرسانة لمنع اقتحام الأسواق بالمركبات.

من الجدير بالذكر أن تحقيقات أجرتها مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) كشفت عن أن منفذ هجوم بوربون ستريت في نيو أورلينز كان قد بحث عن هجوم سوق عيد الميلاد في ماغديبورغ، بالإضافة إلى فعاليات عيد الميلاد في ماردي غراس قبل تنفيذه لعمله الإجرامي.

تواصل السلطات الألمانية العمل على تعزيز الإجراءات الأمنية في جميع أنحاء البلاد، وتتعاون مع وكالات الاستخبارات الدولية لتبادل المعلومات وتحديد التهديدات المحتملة. ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن تفاصيل إضافية حول خطط الأمن خلال الأسابيع القادمة.

وبينما يمثل افتتاح سوق ماغديبورغ خطوة مهمة نحو استعادة الحياة الطبيعية، إلا أنه لا يزال من الضروري البقاء يقظين ومستعدين لمواجهة أي تحديات مستقبلية. ويظل مستقبل أسواق عيد الميلاد في ألمانيا رهنًا بالظروف الأمنية المتغيرة، وقدرة السلطات على حماية المواطنين والسياح على حد سواء.

شاركها.