تراجعت العقود الآجلة للمؤشرات الأميركية، بينما واصل الذهب صعوده ليسجل مستوى قياسياً جديداً لليوم الثاني على التوالي، مع تصاعد القلق من إغلاق حكومي وشيك في الولايات المتحدة، قد يؤخّر صدور بيانات اقتصادية حاسمة لمسار الفائدة لدى مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
وانخفضت عقود مؤشري “إس آند بي 500” (S&P 500) وناسداك 100 بنسبة 0.4%، بعد فشل تمرير مشروع قانون تمويلي مؤقت لتجنب الإغلاق. أما الدولار، فاستقر بعد ثلاثة أيام من الخسائر، فيما تجاوز سعر الذهب 3875 دولاراً للأونصة. وتراجعت الأسهم الآسيوية بنسبة مماثلة، وسط إغلاق الأسواق في الصين وهونغ كونغ بمناسبة عطلة رسمية. أما سندات الخزانة الأميركية فبقيت شبه مستقرة، مع استقرار العائد على السندات لأجل 10 سنوات عند 4.15%.
شلل مرتقب في واشنطن
تتجه الحكومة الأميركية نحو إغلاق محتمل بعد تعثر المفاوضات بين الديمقراطيين في الكونغرس والرئيس دونالد ترمب حول الإنفاق على الرعاية الصحية. ورفع ترمب من وتيرة التصعيد بقوله إن إدارته قد تُقيل “عدداً كبيراً” من الموظفين الفيدراليين بشكل دائم في حال حدوث الإغلاق.
اقرأ أيضاً: ما الذي يحدث عند إغلاق الحكومة الأميركية؟
ويتمحور تركيز المستثمرين حالياً على تداعيات هذا الإغلاق، الذي قد يؤخر صدور تقارير اقتصادية رئيسية يعتمد عليها الاحتياطي الفيدرالي لتحديد اتجاه أسعار الفائدة. وعلى الرغم من أن معظم حالات الإغلاق السابقة انتهت باتفاقات في اللحظة الأخيرة، إلا أن اضطراب الجهاز البيروقراطي الأميركي في تلك الفترات كان كافياً لدفع وول ستريت إلى إعادة تقييم أثرها المحتمل على الأسواق.
وقال مايكل بيلي، مدير الاستثمار في “FBB كابيتال بارتنرز”: “قد تصبح الأمور صعبة إذا تسبب الإغلاق في فجوة معلوماتية حول بيانات الوظائف والتضخم قبيل اجتماع الفيدرالي المقبل”. وأضاف: “ومع بلوغ تقييمات الأسهم مستويات قريبة من الذروة، قد تتحوّل الأخبار السلبية الطفيفة إلى تصحيح كبير في المدى القصير”.
بيانات الوظائف مهددة بالتأجيل
يخشى المتعاملون من أن يؤدي الإغلاق إلى تأجيل صدور تقرير الوظائف غير الزراعية المقرر يوم الجمعة من مكتب إحصاءات العمل. وأظهرت البيانات الأخيرة أن سوق العمل الأميركي يتباطأ، بينما تبقى معدلات التضخم دون السيطرة التامة، لكنها لا تزال أعلى من مستهدف الفيدرالي عند 2%.
وقالت هيبي تشين، المحللة في “فانتاج ماركتس”، في لقاء مع تلفزيون بلومبرغ: “إذا لم تصدر البيانات، خصوصاً تقرير الوظائف أو التضخم، فسيصبح ذلك خطراً حقيقياً… السوق لم يقم بعد بتسعير هذا السيناريو”.
تُظهر التجارب السابقة أن المستثمرين يميلون إلى اليَن الياباني واليورو كبدائل آمنة للدولار الأميركي في فترات الشلل السياسي بواشنطن، بحسب تاتيانا داريي من “بلومبرغ ماركتس لايف”.
وترى سارة بيانكي، المحللة في “إيفركور ISI”، أن الإغلاق الحالي قد ينتهي سريعاً حال موافقة عدد كافٍ من الديمقراطيين على قانون تمويلي مؤقت يتيح مواصلة التفاوض حول الرعاية الصحية. وأضافت: “نعتقد أن الإغلاق سيكون قصير الأجل، من أسبوع إلى أسبوعين”، مشيرة إلى عدم وجود تأثيرات اقتصادية كبرى طالما لم يتجاوز فترة الإغلاق بضعة أسابيع، كما حدث سابقاً.
تصريحات من الفيدرالي
تلقى المستثمرون أيضاً إشارات متباينة من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي؛ إذ قال رئيس “الفيدرالي في شيكاغو”، أوستان غولسبي، إن جولة الرسوم الجمركية الأخيرة قد تدفع الشركات إلى تأجيل قراراتها الاستثمارية.
من جهتها، دعت لوري لوغان، رئيسة “الفيدرالي في دالاس”، إلى توخي الحذر عند التفكير في خفض إضافي لأسعار الفائدة، مشيرة إلى أن التضخم لا يزال فوق المستهدف، بينما سوق العمل يبقى متوازناً نسبياً.