هوت أسعار النفط لأدنى مستوياتها منذ مايو بعدما هدّدت الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية جديدة على الصين، فضلاً عن انحسار التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط. كما زادت مخاوف حدوث فائض في الإمدادات العالمية من التوقعات المتشائمة في الأسواق.

هبط سعر خام غرب تكساس الوسيط بنسبة وصلت إلى 4.2% لتتم تسويته دون مستوى 59 دولاراً للبرميل، وهو أدنى مستوى يومي له منذ مايو. وانخفض مزيج برنت تسوية ديسمبر 3.8% إلى 62.73 دولار للبرميل. وجاء التراجع بعدما قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه لا يرى “أي سبب” للقاء نظيره الصيني شي جين بينغ، ملوّحاً بفرض “زيادة ضخمة” في الرسوم الجمركية على السلع الواردة من الصين. وأعادت هذه التصريحات إشعال المخاوف من أن تؤدي حرب تجارية جديدة بين أكبر اقتصادين في العالم إلى الإضرار باستهلاك النفط وتقويض شهية المخاطرة في الأسواق، ما دفع الأسهم إلى الهبوط.

ترمب يلغي لقاءه بالرئيس الصيني ويهدد بكين برسوم جمركية “هائلة”

قال جون كيلدَف، الشريك المؤسس في شركة “أغين كابيتال” (Again Capital): “إذا نفّذ ترمب هذه التهديدات الأخيرة، فسيكون لذلك آثار اقتصادية سلبية وضربة على الطلب على الخام والمنتجات المكررة”.

تبدّد الآمال التجارية وتجدد المخاوف على الطلب

التجار كانوا استبعدوا احتمال فرض رسوم أميركية قاسية على الصين بعد تبادل إيجابي بين ترمب ونظيره الصيني، أعلن إثره الرئيس الأميركي عزمه لقاء شي على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ لاحقاً هذا الشهر. إلا أن التحول المفاجئ في الموقف جاء بعدما فرضت الصين رسوماً جديدة على السفن الأميركية في ردٍ انتقامي على إجراءات مشابهة من واشنطن، وهي خطوة تهدد برفع تكاليف الشحن البحري.

تهديدات ترمب للصين تشعل خسائر الأسواق

ووفقاً لبيانات “بريدجتون ريسيرش غروب” (Bridgeton Research Group)، اتجه مستشارو تداول السلع الأساسية -الذين يمكنهم تسريع وتيرة تحركات الأسعار- بتصفية المراكز الشرائية ليصل صافي مراكزهم البيعية في خام غرب تكساس إلى 91% يوم الجمعة، مقارنة بـ55% فقط في التاسع من أكتوبر. وأوضحت المجموعة أن المراكز على مزيج “برنت” كانت عند مستويات مماثلة.

“3 ضربات متزامنة”

قالت ريبيكا بابين، كبيرة المتعاملين في الطاقة لدى “سي آي بي سي برايفت ويلث غروب” (CIBC Private Wealth Group): “النفط يواجه اليوم ثلاث ضربات متزامنة اليوم، وهي توترات الرسوم الجمركية التي تضغط على توقعات الطلب، وموجة بيع عامة في الأصول عالية المخاطر، واستراتيجيات آلية تزيد من المراكز البيعية”

وأضافت: “دون وجود محفز قوي للشراء، قد نشهد تحركاً هبوطياً كبيراً قبل العثور على دعم”.

انحسار المخاطر الجيوسياسية بعد اتفاق غزة

في عامل آخر ضاغط، وافقت إسرائيل على اتفاق إطاري يقضي بإفراج حركة “حماس” عن رهائن مقابل إطلاق سراح معتقلين، في خطوة رئيسية نحو اتفاق سلام ينهي الصراع الدموي في غزة الذي هدد استقرار الشرق الأوسط، مصدر نحو ثلث إنتاج النفط العالمي. وساهم هذا التطور في تلاشي ما تبقى من علاوة المخاطر الجيوسياسية في أسعار الخام.

وقف النار يسري في غزة والنازحون يتحركون للعودة

مخاوف حدوث فائض نفطي

تتجه أسواق النفط نحو فائض كبير في المعروض نتيجة ارتفاع الإنتاج من داخل تحالف “أوبك+” وخارجه، بعد اتفاق التحالف في عطلة نهاية الأسبوع على رفع الحصص الإنتاجية لاستعادة الحصة السوقية. ورغم أن المزاج العام في السوق ما زال سلبياً، فإن آراء المستثمرين تختلف بشأن مدى قتامة الآفاق المستقبلية، بحسب “سيتي غروب” (Citigroup) في ملخص مواقف عملائه.

تأثيرات “غاما”

يرجَّح أن يكون هبوط أسعار النفط يوم الجمعة قد تأثّر أيضاً بما يُعرف بـ”تأثيرات غاما” (Gamma Effects)، إذ تتركّز مراكز الخيارات القائمة عند مستوى 60 دولاراً للبرميل، وهو المستوى الذي يمثّل أكبر تجمع لعقود البيع خلال العام المقبل بنحو 109 آلاف مركز استثماري مفتوح. هذا التركّز يجعل تحركات الأسعار أكثر تقلباً، إذ قد تؤدي تقلبات العقود الآجلة حول هذا المستوى إلى قيام المتعاملين بعمليات تحوّط إضافية عبر البيع، مما يفاقم الضغوط على الأسعار في حال استمرار الهبوط.

شاركها.