شهدت أسعار النفط انخفاضًا طفيفًا في تداولات متقلبة، حيث لامس خام برنت أدنى مستوى له في شهرين، وتراجع الخام الأمريكي إلى مستويات مايو الماضي. يأتي هذا الانخفاض مدفوعًا بمخاوف متزايدة بشأن فائض المعروض العالمي، بالإضافة إلى تراجع أسواق الأسهم الأمريكية وتأثيرها على المعنويات الاستثمارية في سوق النفط.

أنهى خام غرب تكساس الوسيط تعاملات الجمعة دون حاجز الـ 58 دولارًا للبرميل، بينما تراجع خام برنت إلى ما دون الـ 63 دولارًا. ساهم في هذا الهبوط ضعف حجم التداول بسبب اقتراب عطلات نهاية العام، وحذر المستثمرين من المخاطرة بعد فترة شهدت تقلبات كبيرة في الأرباح.

مخاوف فائض المعروض وتأثيرها على أسعار النفط

تزايدت التوقعات بفائض في المعروض النفطي على مستوى العالم خلال العام المقبل، مما زاد الضغط على الأسعار ودفعتها نحو أدنى نطاق لها منذ منتصف أكتوبر. بدأ بعض المتداولين في اتخاذ مراكز بيع، حيث ارتفعت الرهانات على انخفاض سعر برنت إلى أعلى مستوى لها في سبعة أسابيع، وفقًا لبيانات حديثة.

أكدت وكالة الطاقة الدولية، في تقريرها الأخير، توقعاتها بفائض غير مسبوق في المعروض، على الرغم من تعديلها الطفيف للتقديرات السابقة. وأشارت الوكالة إلى أن المخزونات العالمية من النفط ارتفعت إلى أعلى مستوياتها في أربع سنوات، مما يعكس ضعف الطلب أو زيادة الإنتاج.

العوامل المؤثرة في جانب العرض

على الرغم من المخاوف بشأن المعروض، إلا أن بعض العوامل الجيوسياسية قدمت دعمًا محدودًا لأسعار النفط. أعلنت الولايات المتحدة عن فرض عقوبات جديدة على عدد من المسؤولين الفنزويليين وشركات النفط التابعة لهم، ردًا على الأزمة السياسية والاقتصادية في البلاد.

تعتبر فنزويلا من الدول الرئيسية المنتجة للنفط، وأي تعطيل لإنتاجها يمكن أن يؤثر على المعروض العالمي. ومع ذلك، فإن تأثير هذه العقوبات قد يكون محدودًا نظرًا لانخفاض إنتاج فنزويلا بالفعل في السنوات الأخيرة.

الحرب في أوكرانيا والتوترات الإقليمية

تستمر التوترات الجيوسياسية المتعلقة بالحرب في أوكرانيا في إلقاء بظلالها على سوق النفط. تشير التقارير إلى أن أوكرانيا تواصل استهداف البنية التحتية النفطية الروسية، مما يثير مخاوف بشأن استقرار الإمدادات.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الغموض الذي يحيط بآفاق التوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا يساهم في استمرار حالة عدم اليقين في السوق. فإذا تم التوصل إلى اتفاق، فقد يؤدي ذلك إلى رفع العقوبات عن النفط الروسي وزيادة المعروض العالمي، مما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار.

تعتبر أسعار الفائدة و قوة الدولار الأمريكي من العوامل الثانوية التي تؤثر على أسعار النفط. فارتفاع أسعار الفائدة عادة ما يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وبالتالي انخفاض الطلب على النفط. كما أن ارتفاع قيمة الدولار يجعل النفط أكثر تكلفة بالنسبة للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى.

شهدت أسواق الطاقة أيضًا تقلبات بسبب قرارات أوبك وحلفائها (أوبك+) بشأن مستويات الإنتاج. في حين أن المجموعة اتفقت على خفض الإنتاج في وقت سابق من هذا العام لدعم الأسعار، إلا أن هناك خلافات حول مدى التزام بعض الدول بهذه التخفيضات.

تتأثر أسعار النفط أيضًا بمواسم الذروة في الطلب، مثل فصل الصيف الذي يشهد زيادة في الطلب على البنزين بسبب السفر والإجازات. كما أن الظروف الجوية القاسية، مثل العواصف الثلجية في فصل الشتاء، يمكن أن تؤدي إلى تعطيل الإمدادات وزيادة الأسعار.

في سياق متصل، يشير المحللون إلى أن التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة قد يؤثر على الطلب على النفط على المدى الطويل. ومع ذلك، فإن النفط لا يزال يلعب دورًا حاسمًا في تلبية احتياجات الطاقة العالمية، ومن المتوقع أن يستمر في ذلك لسنوات عديدة قادمة.

من المتوقع أن يستمر التذبذب في أسعار النفط في المدى القصير، مع استمرار المخاوف بشأن المعروض العالمي والتوترات الجيوسياسية. سيكون من المهم مراقبة تطورات الأزمة في أوكرانيا، وقرارات أوبك+ بشأن الإنتاج، ومستويات المخزونات العالمية، بالإضافة إلى أداء الاقتصاد العالمي. من المنتظر صدور بيانات المخزونات الأمريكية الأسبوع المقبل، والتي قد تقدم المزيد من المؤشرات حول اتجاهات السوق.

شاركها.