شهدت أسعار النفط ارتفاعًا ملحوظًا في تعاملات الثلاثاء، مدفوعة بتصعيد اللهجة من جانب مسؤولين أوروبيين بشأن العقوبات المحتملة على روسيا. وساهمت هذه التصريحات في تعزيز التوقعات بفرض قيود أكثر صرامة على إمدادات النفط الروسي، مما أثر بشكل إيجابي على أسعار النفط في الأسواق العالمية. وارتفع كل من برنت وغرب تكساس الوسيط في ختام الجلسة.

وارتفع خام برنت الآجل لتسليم يناير بنسبة 1.1% ليغلق عند 64.89 دولارًا للبرميل، بينما صعد خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 1.4% ليصل إلى ما دون 61 دولارًا للبرميل. يأتي هذا الارتفاع بعد تصريح كايا كالاس، وزيرة الخارجية الإستونية ورئيسة الدورة الحالية لمجلس الاتحاد الأوروبي، بأن العدوان الروسي على أوكرانيا يجب أن يُعتبر “إرهابًا”، مما زاد الضغط على الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات أكثر حزمًا.

تأثير العقوبات المحتملة على أسعار النفط

تتزايد المخاوف بشأن تأثير العقوبات الجديدة على إمدادات النفط الروسي، خاصةً في ظل الدور المحوري الذي تلعبه روسيا في سوق الديزل العالمي. وقد اتسع الفارق بين العقود الآجلة للديزل في بورصة إنتركونتيننتال، مما يشير إلى ضيق العرض وزيادة الطلب على هذا النوع من الوقود.

كما أن أسعار خام روسيا الرئيسي انخفضت إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من عامين، وذلك قبل أيام قليلة من بدء سريان العقوبات الأمريكية الجديدة على شركتي روسنفت ولوك أويل، وهما من أكبر شركات النفط في روسيا. ومن المتوقع أن تؤدي هذه العقوبات إلى تقليل القدرة الروسية على تصدير النفط، مما قد يؤدي إلى مزيد من التقلبات في الأسواق.

تداعيات على المشتريين الآسيويين

أظهرت أحدث التطورات رد فعل من جانب بعض المشترين الآسيويين للنفط الروسي، حيث قاموا بتقليل حجم مشترياتهم. وتأتي هذه الخطوة بعد إعلان بورصة إنتركونتيننتال عن منع التجار من تسليم كميات من الديزل الخام الروسي إلى دول ثالثة بموجب العقود الآجلة.

هذا التطور قد يدفع روسيا إلى البحث عن أسواق بديلة لبيع نفطها، وقد يؤثر على هيكل التجارة العالمية للطاقة. ومع ذلك، لا تزال العقود الآجلة للنفط الأمريكي منخفضة هذا العام، بسبب توقعات بوجود فائض في المعروض، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.

توقعات وكالة الطاقة الدولية

تتوقع وكالة الطاقة الدولية حدوث فائض قياسي في المعروض من النفط بحلول عام 2026، ويعزى ذلك بشكل رئيسي إلى عودة الإنتاج المتوقف في دول أوبك+ وزيادة الإمدادات من مصادر أخرى خارج المجموعة. هذه التوقعات تشير إلى أن الضغوط على الأسعار قد تتراجع على المدى الطويل.

لكن في الوقت الحالي، يظل سعر خام غرب تكساس الوسيط فوق مستوى 60 دولارًا للبرميل. ويرى فرانك مونكام، رئيس التداولات الكلية في شركة بافالو بايو كوموديتيس، أن السوق سيحتاج إلى المزيد من المحفزات السلبية لكي ينخفض إلى ما دون هذا المستوى، ما لم يشهد انهيارًا في الأصول عالية المخاطر.

وأضاف مونكام أن أي تصعيد في الضغط الأوروبي على روسيا بشأن العقوبات قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار على المدى القصير. وهذا يؤكد على أن الوضع الحالي لا يزال معلقًا ويتأثر بشكل كبير بالتطورات الجيوسياسية.

العوامل المؤثرة الأخرى على سوق النفط

بالإضافة إلى التطورات المتعلقة بروسيا وأوكرانيا، هناك عوامل أخرى تؤثر على سوق النفط، مثل النمو الاقتصادي العالمي، ومستويات الطلب على الطاقة، وعوامل العرض المختلفة. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي ارتفاع الطلب من الصين والهند إلى زيادة الضغط على الأسعار، في حين أن زيادة الإنتاج من الولايات المتحدة والبرازيل يمكن أن يساعد في تخفيف هذه الضغوط.

كما أن قرارات أوبك+ بشأن مستويات الإنتاج تلعب دورًا حاسمًا في تحديد أسعار النفط. فقد أدى خفض أوبك+ للإنتاج في وقت سابق من هذا العام إلى دعم الأسعار، لكن هذا الدعم قد لا يستمر إذا قررت المجموعة زيادة الإنتاج في المستقبل. أيضاً، تذبذبات أسعار النفط تؤثر على أسواق المال بشكل عام.

من المتوقع أن تستمر الأسواق في مراقبة التطورات الجيوسياسية والاقتصادية عن كثب، حيث أن أي تغييرات كبيرة في هذه العوامل يمكن أن تؤثر على أسعار النفط. ومن المهم متابعة البيانات الصادرة عن وكالات الطاقة الدولية والمحللين المتخصصين، بالإضافة إلى الأخبار المتعلقة بالعقوبات المحتملة على روسيا، لتقييم المخاطر والفرص في سوق النفط. سيحدد اجتماع أوبك+ القادم في أوائل ديسمبر الخطوات التالية المحتملة. وتظل توقعات النمو الاقتصادي العالمي بمثابة نقطة مراقبة رئيسية أيضًا.

شاركها.