حافظت أسعار النفط على معظم مكاسبها الأخيرة، مدفوعة بتوازن دقيق بين المخاوف الجيوسياسية المتزايدة في مناطق رئيسية للإنتاج، مثل فنزويلا وروسيا وإيران، وبين احتمالية زيادة المعروض في الأسواق العالمية. هذا التوازن يعكس حالة من عدم اليقين في السوق، حيث يتصارع تأثير العوامل السياسية مع ديناميكيات العرض والطلب.
تداول خام برنت حول 62 دولارًا للبرميل بعد ارتفاعه يوم الاثنين، بينما استقر خام غرب تكساس الوسيط بالقرب من 58 دولارًا. يأتي هذا بعد فترة من التقلبات، حيث يحاول المستثمرون تقييم المخاطر والفرص في سوق الطاقة.
تأثير التوترات الجيوسياسية على أسعار النفط
بدأت فنزويلا في إغلاق بعض آبار النفط في مناطقها الرئيسية، وذلك استجابة للحصار الاقتصادي الذي تفرضه الولايات المتحدة. وقد أعلنت الحكومة الفنزويلية عن هذه الخطوة كجزء من جهودها للحد من الاعتماد على عائدات النفط، وتنويع مصادر الدخل.
إضافة إلى ذلك، صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه سيعيد النظر في موقفه التفاوضي بشأن أوكرانيا، بعد مزاعم عن هجمات بطائرات مسيرة استهدفت مقر إقامته. هذا التصريح أثار مخاوف جديدة بشأن استمرار الصراع وتأثيره المحتمل على إمدادات الطاقة.
وفي سياق منفصل، تعهد الرئيس الأمريكي بتوجيه ضربة جديدة إلى إيران في حال استأنفت برنامجها النووي. هذا التهديد زاد من التوترات في منطقة الشرق الأوسط، التي تعتبر حيوية لإمدادات النفط العالمية.
مخزونات النفط العالمية وتأثيرها على الأسعار
على الرغم من هذه التوترات، لا يزال النفط يتجه نحو تسجيل تراجع سنوي كبير في الأسعار، بسبب المخاوف من أن يتجاوز الإنتاج العالمي الطلب. وقد ساهم في ذلك زيادة إنتاج دول أوبك+ في محاولة لاستعادة حصتها في السوق.
تشير بيانات شركة “فورتكسا” إلى أن كمية النفط المخزنة على متن ناقلات حول العالم، والتي ظلت ثابتة لمدة سبعة أيام على الأقل، ارتفعت بنسبة 15% الأسبوع الماضي. هذا الارتفاع يقرب المخزونات من أعلى مستوى لها منذ عام 2020، مما يشير إلى وجود فائض في المعروض.
وبحسب محللين في شركة “تشيشينغ فيوتشرز”، فإن الاضطرابات السياسية قد طغت على المخاوف المتعلقة بفائض المعروض في السوق. ومع ذلك، يشيرون إلى أن الاتجاه العام للسوق قد يتحول نحو الهبوط إذا استمرت المخزونات في التراكم.
أظهرت بيانات حكومية أمريكية أن مخزونات الخام في مركز كوشينغ بولاية أوكلاهوما، سجلت أكبر زيادة أسبوعية منذ أواخر أكتوبر. بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت مخزونات البنزين والمقطرات على مستوى البلاد، مما يعزز فكرة وجود فائض في المعروض.
توقعات مستقبلية لأسعار النفط
مع استمرار التوترات الجيوسياسية وتراكم المخزونات، من المتوقع أن تشهد أسعار النفط مزيدًا من التقلبات في المدى القصير. يعتمد مسار الأسعار بشكل كبير على تطورات الأحداث في فنزويلا وروسيا وإيران، بالإضافة إلى قرارات أوبك+ بشأن الإنتاج.
يشير المحللون إلى أن زيادة المعروض قد تضغط على الأسعار في الأشهر المقبلة، خاصة إذا لم تظهر أي تطورات إيجابية على جبهة التوترات الجيوسياسية. ومع ذلك، فإن أي تصعيد مفاجئ في هذه التوترات قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في الأسعار.
من المهم أيضًا مراقبة الطلب العالمي على النفط، خاصة مع تباطؤ النمو الاقتصادي في بعض الدول الكبرى. أي انخفاض في الطلب قد يزيد من الضغط على الأسعار.
في الختام، يظل مستقبل أسعار النفط غير مؤكد، ويتأثر بمجموعة متنوعة من العوامل السياسية والاقتصادية. من المتوقع أن يستمر السوق في التقلب حتى تتضح الرؤية بشأن هذه العوامل. يجب على المستثمرين والمستهلكين مراقبة التطورات عن كثب، والاستعداد لسيناريوهات مختلفة.
الكلمات المفتاحية الثانوية: أسواق الطاقة، أوبك، خام غرب تكساس الوسيط





