شهدت أسعار النفط تراجعًا ملحوظًا في تعاملات ما بعد عيد الميلاد، متأثرة بتقييم المستثمرين لتطورات مفاجئة في محادثات السلام الأوكرانية. هذه التطورات قد تؤدي إلى زيادة المعروض النفطي الروسي في الأسواق العالمية، التي تعاني بالفعل من فائض في العرض، مما زاد الضغط على الأسعار. يأتي هذا الانخفاض في وقت تشهد فيه الأسواق تقلبات بسبب أحجام التداول المنخفضة وعودة التركيز على المخاوف المتعلقة بالمعروض.

انخفض سعر خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 2.8% يوم الجمعة، ليستقر قرب مستوى 57 دولارًا للبرميل، مسجلاً بذلك أكبر انخفاض يومي منذ منتصف نوفمبر. كما أغلق خام برنت دون حاجز الـ 61 دولارًا للبرميل. يعكس هذا التراجع تحولًا في معنويات السوق، بعد فترة من الدعم الذي تلقته الأسعار من عوامل جيوسياسية مختلفة.

توقعات بلقاء زيلينسكي وترمب وتأثيره على أسعار النفط

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن توقعاته بعقد لقاء مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في فلوريدا يوم الأحد، بهدف مناقشة سبل إنهاء الحرب مع روسيا. وأشار زيلينسكي إلى أن اتفاقًا إطاريًا بين بلاده والولايات المتحدة “شبه جاهز”، وأن توقيعه يعتمد على نتائج هذا الاجتماع المرتقب.

من جانبه، صرح الرئيس ترمب بأنه لن يوافق على أي اتفاق إلا بعد دراسته وتقييمه، مضيفًا أن زيلينسكي “ليس لديه أي شيء حتى أوافق عليه”. وكان ترمب قد أبدى سابقًا تحفظه على عقد أي لقاء قبل الوصول إلى مراحل متقدمة في المفاوضات.

شكوك حول التقدم نحو حل نهائي للأزمة الأوكرانية

على الرغم من هذه التطورات، أعرب مسؤولون روس عن شكوكهم حول إمكانية التوصل إلى اتفاق نهائي وشامل قريبًا. وصف نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، خطط كييف الأخيرة بأنها “مختلفة جذريًا” عن النقاط الرئيسية التي تم بحثها مع الولايات المتحدة، وفقًا لتقارير إعلامية روسية. هذا التباين في وجهات النظر يثير تساؤلات حول جدوى المحادثات الحالية.

بالإضافة إلى ذلك، ألقت التطورات في أوكرانيا بظلالها على المكاسب التي حققتها أسعار النفط في وقت سابق، وذلك بفضل الحصار الجزئي الأمريكي لشحنات النفط الخام من فنزويلا، والضربة العسكرية التي نفذتها واشنطن ضد جماعة مسلحة في نيجيريا. كما ساهم انخفاض أحجام التداول بعد عطلة عيد الميلاد في زيادة التقلبات السعرية.

أفادت مصادر مطلعة بأن الإدارة الأمريكية أصدرت تعليمات لقادتها بالتركيز على فرض حصار على النفط الفنزويلي خلال الشهرين المقبلين. وأوضحت المصادر أن القوات الأمريكية تركز بشكل أساسي على الحصار، وليس على الخيارات العسكرية الأخرى.

وفي سياق منفصل، أكد الرئيس ترمب أن الولايات المتحدة نفذت “ضربة قوية وقاتلة” ضد أهداف تنظيم الدولة الإسلامية في شمال غرب نيجيريا، وهدد وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، بشن المزيد من الضربات. تجدر الإشارة إلى أن نيجيريا، وهي عضو في منظمة “أوبك”، أنتجت حوالي 1.5 مليون برميل يوميًا في نوفمبر الماضي.

فائض المعروض العالمي من النفط يضغط على الأسعار

على الرغم من استمرار المخاطر الجيوسياسية التي تدعم أسعار النفط، إلا أنها تتجه نحو تسجيل أكبر انخفاض سنوي لها منذ عام 2020، حيث انخفضت بنحو 21%. يعزى هذا التراجع بشكل رئيسي إلى توقعات بوجود فائض في المعروض العالمي، حيث يتوقع معظم خبراء سوق النفط زيادة في الإنتاج من قبل الدول الأعضاء في منظمة “أوبك+” وخارجها.

صرح كيريل باختين، كبير محللي النفط والغاز في مجموعة “بي سي إس” المالية في موسكو، بأن أسعار النفط قد تلقت دعمًا من البيانات الاقتصادية الأمريكية القوية وعدم الاستقرار الجيوسياسي خلال الأسبوع الماضي. ومع ذلك، وبسبب عدم وجود بيانات اقتصادية أمريكية جديدة متوقعة في الأيام القادمة، يتوقع باختين انخفاضًا طفيفًا في الأسعار، ما لم تظهر عوامل سياسية جديدة تؤثر على السوق.

كما استفادت السلع، بما في ذلك النفط الخام، من ضعف الدولار الأمريكي، مما يجعلها أرخص بالنسبة للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى. انخفض مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري بنحو 0.8% خلال هذا الأسبوع.

في الختام، من المتوقع أن تستمر أسعار النفط في التذبذب خلال الفترة القادمة، مع تركيز السوق على نتائج محادثات السلام الأوكرانية، وتطورات الحصار على النفط الفنزويلي، ومستويات الإنتاج من قبل الدول الأعضاء في منظمة “أوبك+” وخارجها. يجب على المستثمرين مراقبة هذه العوامل عن كثب لتقييم المخاطر والفرص المحتملة في سوق النفط.

شاركها.