أعلنت وزارة التجارة السعودية عن قواعد جديدة تهدف إلى مكافحة التلاعب في الشركات، وتحديد المستفيد الحقيقي من الأعمال التجارية. هذه القواعد، التي تم الكشف عنها مؤخرًا، تركز بشكل خاص على ضمان الشفافية في هيكل ملكية الشركات، وتقليل فرص استغلال الكيانات التجارية لغسل الأموال أو تمويل أنشطة غير قانونية. وتعتبر هذه الخطوة جزءًا من جهود المملكة المستمرة لتعزيز النزاهة في قطاع الأعمال والالتزام بمعايير الامتثال الدولية، بالإضافة إلى حماية حقوق المساهمين.

وتنص اللوائح الجديدة على أن الشخص الطبيعي الذي يمتلك 25% أو أكثر من رأس مال الشركة يُعتبر المستفيد الحقيقي، ويخضع للمساءلة القانونية. المخالفون لهذه القواعد يواجهون عقوبات مالية قد تصل إلى 500 ألف ريال، بالإضافة إلى عقوبات أخرى – بما في ذلك السجن – وفقًا للأنظمة الأخرى المعمول بها. تأتي هذه الإجراءات في وقت تشهد فيه البلاد جهودًا مكثفة لتنظيم قطاع الشركات.

تحديد المستفيد الحقيقي: تفاصيل قواعد وزارة التجارة

تهدف القواعد الجديدة إلى معالجة الثغرات التي كانت تسمح بإخفاء هوية المستفيدين الحقيقيين من الشركات، وهو ما يمثل تحديًا كبيرًا في مكافحة الجرائم المالية. وقد أشار تقارير سابقة إلى أن غياب الشفافية في ملكية الشركات يمكن أن يسهل عمليات الاحتيال والتهرب الضريبي.

وفقًا للوزارة، فإن تحديد **المستفيد الحقيقي** يتيح السلطات المختصة تتبع الأنشطة المالية المشبوهة بشكل أكثر فعالية، ويساعد في منع استغلال الشركات في الأنشطة غير المشروعة. وقد صرحت وزارة التجارة بأن تطبيق هذه القواعد سيكون تدريجيًا، مع فترة سماح للشركات لتعديل أوضاعها.

معايير تحديد المستفيد الحقيقي

تعتمد القواعد على معايير واضحة لتحديد من هو المستفيد الحقيقي. وهي تشمل:

أولاً، الملكية المباشرة أو غير المباشرة لأكثر من 25% من أسهم الشركة. ثانياً، الحق في الحصول على 25% أو أكثر من أرباح الشركة. وثالثاً، الحق في التصويت على 25% أو أكثر من حقوق التصويت في الشركة.

في الحالات التي لا يتوفر فيها أي من هذه المعايير، ستعتمد الوزارة على معايير إضافية لتحديد المستفيد الحقيقي، مثل السيطرة الفعلة على إدارة الشركة أو اتخاذ القرارات الرئيسية.

العقوبات المترتبة على المخالفة

تتراوح العقوبات المفروضة على المخالفين لقواعد الكشف عن **المستفيد الحقيقي** بين الغرامات المالية والسجن.

بالنسبة للمخالفات البسيطة، قد يتم فرض غرامة لا تتجاوز 500 ألف ريال سعودي. ولكن في الحالات الأكثر خطورة، والتي تتعلق بغسل الأموال أو تمويل الإرهاب، يمكن أن تصل العقوبات إلى السجن لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات وغرامة قد تصل إلى خمسة ملايين ريال سعودي، أو كلتا العقوبتين معًا.

بالإضافة إلى العقوبات المباشرة، قد تتعرض الشركات المخالفة لإجراءات إضافية، مثل تعليق تراخيصها أو إلغائها.

أهمية الشفافية في قطاع الأعمال

تعتبر الشفافية في قطاع الأعمال من أهم العوامل التي تساهم في استقرار الاقتصاد الوطني وجذب الاستثمارات الأجنبية. المستثمرون يفضلون دائمًا التعامل مع الشركات التي تتمتع بسمعة جيدة وتلتزم بمعايير الحوكمة.

يشير خبراء **الامتثال** إلى أن هذه القواعد تساعد في تحسين بيئة الأعمال، وتعزيز الثقة بين الشركات والمستهلكين. كما أنها تتماشى مع الجهود الدولية المبذولة لمكافحة الجرائم المالية وتعزيز الشفافية في القطاع المالي.

وتأتي هذه الخطوة في سياق التزام المملكة العربية السعودية بتطبيق معايير مجموعة العمل المالي (FATF) لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

تأثير القواعد على الشركات

تتوقع وزارة التجارة أن يؤدي تطبيق هذه القواعد إلى زيادة الوعي بأهمية الكشف عن المستفيد الحقيقي، وتشجيع الشركات على تبني ممارسات أفضل في مجال الحوكمة والشفافية.

ومع ذلك، قد تواجه بعض الشركات صعوبات في تطبيق هذه القواعد، خاصة تلك التي لديها هياكل ملكية معقدة أو التي تعمل في قطاعات حساسة.

من المتوقع أن تحتاج الشركات إلى مراجعة شاملة لهياكل ملكيتها، وتحديث سجلاتها لضمان الامتثال للقواعد الجديدة. قد تحتاج أيضًا إلى الاستعانة بخبراء قانونيين أو محاسبين لمساعدتها في هذه العملية.

بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي هذه القواعد إلى زيادة التكاليف الإدارية على الشركات، حيث سيتعين عليها تخصيص موارد إضافية لجمع وتحليل البيانات المتعلقة بالمستفيدين الحقيقيين.

الخطوات التالية والمستقبل

أكدت وزارة التجارة أنها ستواصل العمل مع الجهات المعنية لضمان تطبيق هذه القواعد بشكل فعال، وتقديم الدعم اللازم للشركات للامتثال لها.

من المتوقع أن تصدر الوزارة قريبًا المزيد من الإرشادات والتوضيحات حول كيفية تطبيق هذه القواعد في مختلف القطاعات. كما أنه من المحتمل أن يتم إجراء تعديلات على القواعد في المستقبل استنادًا إلى الخبرة العملية والتطورات التشريعية.

سيراقب قطاع الأعمال عن كثب كيفية تطبيق هذه القواعد، وتأثيرها على بيئة الأعمال والاستثمار في المملكة. ينبغي على الشركات البدء في الاستعداد لتطبيق هذه القواعد الآن، لتجنب أي عقوبات محتملة في المستقبل.

شاركها.